تشترك أعرق الديمقراطيات في العالم مع أسوأ الدكتاتوريات في استخدام الأسلحة المطاطية الأقل فتكا وقتلا خلال المظاهرات والانتفاضات الشعبية، وهو ما يحصل في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وميانمار ولبنان وغيرها.

وسلط الفيلم الوثائقي (لدواعي حفظ النظام) -الذي بثته قناة الجزيرة مساء الجمعة- الضوء على استعمال قاذفات الرصاص المغلف بالمطاط والأسباب التي تجعل قوات الأمن في بلدان ديمقراطية تحوّل مهمتها من الرقابة إلى العنف، ومن الحفاظ على الأمن العام والنظام إلى المبادرة بالسيطرة على المتظاهرين وتعنيفهم بشكل عمدي.

وبدأت الشرطة الفرنسية تتسلح ببنادق تطلق مقذوفات بلاستيكية عام 1995 واقتصر اللجوء إليها على حالات الطوارئ. وبحسب كلود غايان، وهو مدير عام الشرطة الفرنسية ووزير داخلية سابق، فإن بنادق الرصاص المطاطي (فلاش بول) استخدمت لأنها تغني عن البنادق وخصصت في حالات العنف الفردي.

ووفقا لقانون العقوبات الفرنسي، يمكن استخدام الرصاص المطاطي دون سابق إنذار إذا تعرضت الشرطة لعنف أو لم تستطع الدفاع عن مواقعها بطريقة أخرى.

وكشف الباحث في علم الاجتماع، بيار دويلار لوفيفر أن ساحة التجريب الأولى للأسلحة المطاطية كانت في الأحياء والضواحي وأطراف المدن حيث يقطن المهاجرون.

واستخدمت الطلقات المطاطية بدءا من 2005 عندما كان نيكولا ساركوزي وزيرا للداخلية، وذلك لقمع أعمال الشغب في الضواحي، وبعد عامين من ذلك أصيب طلاب من المدارس الثانوية بتلف في الأعين. وبعد انتخاب ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية عام 2007، تضاعف عدد استخدام بنادق الرصاص المطاطي 3 مرات، وذلك بين عامي 2007 و2022.

وخلّفت تلك الأسلحة كثيرا من الإصابات الخطيرة على مستويي العين والرأس في شكل تشوهات أو فقدان للبصر، وهو ما أشار إليه الشرطي في حفظ النظام بفرنسا، لوران نويان بقوله إن 25 شخصا فقدوا عينا واحدة بسبب الرصاص المطاطي وإن كثيرا غيرهم جرحوا.

ورغم الانتقادات التي طالت الشرطة الفرنسية، عادت مرة أخرى إلى استخدام بنادق الخرطوم المطاطية ذات الخطورة الكبيرة مع اندلاع انتفاضة “السترات الصفراء”، وأقر قائد شرطة باريس (2017 ـ 2019) بأن استخدام الرصاص المطاطي تم تحت إمرته وهو يتحمل المسؤولية في ذلك.

سوق مزدهرة

وتعد ألمانيا من دول قليلة جدا تمتنع عن اللجوء إلى الأسلحة الأقل فتكا، ويقول يورغ رادك، وهو نائب رئيس نقابة الشرطة الألمانية إن الشرطة تعارض بشدة اللجوء للرصاص المطاطي لصعوبة التحكم فيه وعدم الثقة من استخدامه بدقة.

غير أنه في عام 2017 شهدت مدينة هامبورغ مظاهرة شديدة العنف احتجاجا على قمة رؤساء دول مجموعة العشرين واستقدمت قوات من كافة الأقاليم الألمانية، ولاحقا اعترفت الشرطة في ساكسونيا أن وحداتها الخاصة لجأت إلى استخدام أعيرة مغلفة بالمطاط في هامبورغ، وذلك بعد تحقيق برلماني في ساكسونيا.

وفي الولايات المتحدة استخدمت المقذوفات المغلفة بالمطاط على نطاق واسع خلال الاحتجاجات التي أعقبت وفاة جورج فلويد، ما تسبب في إصابة بعض الأشخاص بينهم شاب لم يكن مشاركا في المظاهرات.

وفي ميانمار التي تعد أسوأ الدكتاتوريات في العالم استخدمت الشرطة الرصاص المغلف بالمطاط ضد المتظاهرين احتجاجا على استيلاء الجيش على السلطة عام 2021.

كما استخدمت تلك الأسلحة ضد الاحتجاجات على الفساد في لبنان وتشيلي وغيرهما ولو بشكل سريع.

ويظهر الفيلم الوثائقي كيف أن سوق الرصاص المطاطي تحولت لسوق مزهرة تتسابق مختلف الأجهزة الأمنية في العالم لاقتنائه باعتباره “سلاحا غير فتاك”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.