كييف – يقف العالم على قدم واحدة ويحبس أنفاسه عند كل تطور تشهده حرب روسيا على أوكرانيا، خصوصا عند احتدام المعارك بالقرب من المحطات النووية.

وآخر هذه الحوادث كان قصفا روسيا استهدف قبل يومين مواقع صناعية تابعة لمحطة “بيفدينو أوكراينسكا” (الجنوب) في منطقة ميكولايف، والتي تبعد 300 متر فقط عنها، وآخر تجدد بعد ذلك على خطوط الإمداد بالكهرباء اللازمة لعملية تبريد المفاعلات في محطة زاباروجيا.

وترتفع وتيرة القلق الدولي مع تهديد روسيا الصريح باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية أو الإستراتيجية في حال اضطرت لذلك، فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء ولأول مرة الاستعداد لاستخدام السلاح النووي “إذا تعرضت أراضي بلاده للخطر”، على حد قوله.

فما حقيقة خطورة كل ما سبق؟ وكيف ينظر الأوكرانيون إلى تهديدات بوتين؟

خطوات ما قبل الكوارث

تؤكد الخبيرة في مجال السلامة النووية بوزارة الطاقة الأوكرانية أولغا كوشارنا أن “القصف الذي طال محطة الجنوب كان أخطر من ذلك الذي تعرضت له محطة زاباروجيا”.

وتوضح في حديثها للجزيرة نت أن المحطة في ميكولايف هي جزء من مجموعة طاقة متكاملة تعمل معا، ومن بينها محطتا تاشينسكا للطاقة الهيدروليكية، وأوليكساندريفسكا للطاقة الكهرومائية، والقصف الأخير كان كذلك قريبا من سد ضخم على نهر دنيبرو يستخدم في كلتا المحطتين لتوليد الكهرباء وتبريد مفاعلات المحطات النووية الثلاث.

وتضيف “بمعنى آخر، كنا على بعد خطوات قليلة من كارثة نووية، وأخرى تهدد بقطع التيار الكهربائي عن جنوب أوكرانيا بالكامل مع إغراق مساحات واسعة منها بالظلام”.

وفي هذا الإطار، ترى الخبيرة أن “روسيا تمارس الإرهاب النووي، وتبتز بعملياتها أوكرانيا والعالم، ولا تأبه بدعوات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسحب قواتها من محطة زاباروجيا والتوقف عن قصفها”.

واعتبرت أنه “يجب أن تطرد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الروس من عضوية مجلسها خلال مؤتمرها العام الذي سينعقد في الفترة بين 26 و30 سبتمبر/أيلول الجاري”.

لن يفعلها بوتين لهذا السبب

لكن آخرين في أوكرانيا يستبعدون تماما إقدام روسيا على التسبب بكارثة نووية جديدة في أوكرانيا بعد كارثة تشرنوبل عام 1986، أو حتى استخدام أسلحة الدمار الشامل النووية، ولديهم في هذا الصدد ما يستندون إليه.

ففي حديثه مع الجزيرة نت يقول رئيس مؤسسة “الخيارات الأوكرانية” للدراسات الإستراتيجية أوليكسي كوشيل “إن بوتين لا يستطيع أن يتسبب عمدا بكارثة نووية، فقصف محطة زاباروجيا -على سبيل المثال- من شأنه أن يلغي إمكانية استخدام البحر الأسود لعقود طويلة، وسيصيب أوكرانيا وروسيا وتركيا وأوروبا تلوث إشعاعي واسع”.

وفي ما يتعلق بإمكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل النووية يستبعد الخبير حدوث ذلك، معتبرا أن “هذا سيؤدي حتما إلى عزل حتمي تام لبوتين حتى من قبل حلفائه المؤيدين أو الصامتين عن الحرب في الصين والهند وغيرها من الدول التي لا تريد نشوب حرب نووية”.

لكن الخبير لا يستبعد أن تقدم روسيا فعلا على “هجمات نووية تكتيكية” محدودة القطر وإن كان ذلك لن يغير كثيرا على الأرض لصالح روسيا، لأنه أمر يبطئ القوات ولا يمنع العمليات المضادة والدفاعية.

ويرى كوشيل أن “بوتين -بتصريحاته وإعلاناته- يبتز ويهدد بهدف خلق ظروف عاجلة لصالح روسيا تمهد لإجراء مفاوضات يحتاجها مع أوكرانيا والغرب تمهد للعودة إلى الوراء، برفع العقوبات وعودة مشروع “السيل الشمالي 2″، وتمنع فرار الروس أكثر إلى دول تركيا وجورجيا التي باتت مليئة بهم”.

ويضيف أن “موسكو باتت تدرك أن الأمور تخرج عن سيطرتها في أرض المعارك لصالح كييف التي تستعيد أراضيها بقوة وسرعة” على حد قوله.

ويذهب الإعلامي الأوكراني الشهير دميترو هوردون إلى أبعد من ذلك، معبرا عن قناعته -في تسجيل نشر عبر حساباته في مواقع التواصل- بأن “الناتو والغرب سيدمران كل إمكانيات روسيا النووية إذا عزم بوتين على استخدام أسلحة الدمار الشامل”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.