قال وزير الزراعة الأميركي توم فيلساك إن حرب روسيا على أوكرانيا خلقت اضطرابا في أسواق الحبوب، في حين ينفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسؤولية بلاده عن هذا الاضطراب، ملقيا بالمسؤولية على الألغام البحرية التي زرعتها أوكرانيا في الموانئ، كما اتهم الولايات المتحدة برفع أسعار المواد الغذائية.

وأشار فيلساك خلال مؤتمر صحفي في نيويورك إلى وجود نحو 20 مليون طن من الحبوب مخزنة في الموانئ الأوكرانية المحاصرة، مؤكدا أن هذا الوضع سيؤثر سلبا على الدول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط على وجه الخصوص “التي لا تستطيع تحمل نقص الغذاء، وهو ما يخلق خطرا إضافيا من الاضطرابات وعدم الاستقرار في تلك البلدان”.

وأضاف أن “هذا الوضع يعطي الفرصة للذين يرغبون في المضاربة في الحبوب والزيوت، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كل مكان”. وقال إن “من الضروري فهم أن الحبوب المخزنة معرضة للسرقة، وقد رأينا أمثلة على قيام الروس بسرقة الحبوب من المزارعين الأوكرانيين”.

كما اعتبر فيلساك أن الصوامع المؤقتة على الحدود الأوكرانية -التي قال الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء الماضي إنه سيتم بناؤها- هدفها منع روسيا من سرقة الحبوب الأوكرانية، والتأكد من عدم ضياع محصول الشتاء في البلاد بسبب نقص التخزين.

وأدت عدم قدرة أوكرانيا على استخدام الميناء الضخم العميق في أوديسا بسبب التوغل العسكري الروسي، إلى قفزة في أسعار الغذاء العالمية، وإطلاق الأمم المتحدة تحذيرات من الجوع في البلدان الفقيرة التي تعتمد بشدة على الحبوب المستوردة.

محطة حبوب دمرها القصف الروسي في ميناء نيكا تيرا بأوكرانيا (رويترز)

ألغام أوكرانيا ورفع أسعار المواد الغذائية

في المقابل، قال بوتين -اليوم الجمعة- إن بلاده ليست مسؤولة عن عرقلة صادرات الحبوب الأوكرانية، وإن اللائمة لا تقع عليها في ارتفاع أسعار المواد الغذائية. كما نفت روسيا من قبل سرقة حبوب أوكرانية.

وأضاف بوتين في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ “لسنا من قام بتلغيم الموانئ”، وقال إنه إذا أزالت كييف الألغام البحرية فإن روسيا ستضمن سلامة الصادرات.

كما أوضح أيضا أن شحنات الحبوب الأوكرانية كانت ضئيلة على المستوى العالمي. وأضاف أن أوكرانيا تصدّر نحو 5 إلى 6 ملايين طن من القمح وكمية مماثلة من الذرة، مشيرا إلى أن هذه الكمية ليست مهمة للاقتصاد العالمي.

واعتبر أن الذي يؤثر فعلا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وحذر من أن الحظر المفروض على الأسمدة على وجه الخصوص يعرض المحاصيل للخطر في المستقبل، واتهم كذلك الولايات المتحدة برفع أسعار المواد الغذائية عن طريق طباعة النقود و”اقتناص” المواد الغذائية في الأسواق العالمية.

وقال بوتين إن روسيا مستعدة لزيادة صادراتها من الحبوب والأسمدة، وإنها سترسل صادرات غذائية إلى أفريقيا والشرق الأوسط.

وتحاول الأمم المتحدة التوسط في صفقة لاستئناف الصادرات البحرية الأوكرانية، مقابل تسهيل صادرات المواد الغذائية والأسمدة الروسية، لكن ذلك سيحتاج إلى الضوء الأخضر من موسكو.

تشاؤم فرنسي

من جهته، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -اليوم الجمعة- عن تشاؤمه بشأن تصدير الحبوب الأوكرانية، وقال إنه لا يرى فرصة كبيرة في التوصل إلى اتفاق مع روسيا في الوقت الحالي لإخراج الحبوب من ميناء أدويسا الأوكراني، لكنه قال إن هناك محادثات لتجديد خطوط السكك الحديدية التي تربط أوديسا بنهر الدانوب في رومانيا كبديل.

وقال ماكرون لقناة بي إف إم التلفزيونية وهو في طريق العودة من أوكرانيا “علينا التحدث إلى روسيا بشأن الأمن الغذائي، ويمكن تبرير (المناقشات) من خلال الاتصال مباشرة بالأمين العام للأمم المتحدة، لإخراج الحبوب من أوديسا.

وأضاف “لكني لا أؤمن كثيرا بهذا المسار، لأنني أجريت بالفعل محادثات قبل بضعة أسابيع مع الرئيس بوتين، لكنه لم يرغب في قبول قرار من الأمم المتحدة بشأن هذا الموضوع”.

وأبلغ ماكرون القناة التلفزيونية أنه يتم النظر حاليا في خيارات لتجديد طريق سكة حديد من أوديسا إلى نهر الدانوب في رومانيا التي تعد إحدى الطرق البديلة المستخدمة لتصدير الحبوب الأوكرانية.

وقال مصدر دبلوماسي مطلع على الفكرة إنه بموجب هذه المبادرة ستنقل الحبوب في نهاية المطاف إلى ميناء كونستانتا على البحر الأسود، حيث يمكن بعد ذلك تصديرها على سفن أكبر.

Trucks with grain wait for crossing the Ukraine-Moldova border in Odesa region
طابور طويل من الشاحنات المحملة بالحبوب تنتظر العبور في منطقة الحدود الأوكرانية المولدوفية بمنطقة أوديسا (رويترز)

نهر الدانوب وصعوبة تصدير الحبوب

من ناحية أخرى، فإنه مع فرض روسيا منذ بدء الحرب حصارا على الموانئ البحرية الأوكرانية، بات نهر الدانوب طريقا بديلا لتصدير الحبوب، إذ يشكل الحدود الطبيعية بين أوكرانيا ورومانيا.

وفي ميناء إزمايل الأوكراني على الدانوب، يطول انتظار سائقي الشاحنات المحملة بالحبوب. في المقابل، تعاني السفن المنتشرة بأعداد كبيرة في سولينا بشرق رومانيا الانتظار نفسه.

ولم يسبق أن رصد هذا العدد الكبير من السفن التي ترفع أعلاما مختلفة قبالة سولينا بانتظار الوصول إلى أوكرانيا لتحميلها بالسلع، بعد أن شل الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية -بدءا بمرفأ أوديسا- حركة التصدير في أوكرانيا التي تُعدّ أحد أكبر منتجي ومصدّري الحبوب في العالم.

ومنذ بداية الحرب، “تمّ تصدير 1.5 مليون طنّ فقط من الحبوب عبر هذا الطريق”، بحسب قول يوري ديمتشوغلو النائب السابق لرئيس مجلس مدينة أوديسا لوكالة فرانس برس، وهي كمية ضئيلة جدًا مقارنة بـ20 إلى 25 مليون طنّ من الحبوب العالقة في أوكرانيا، وفق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.