التظاهرة تندرج ضمن السياحة التربوية لأنها تسمح بتغيير إدراك الشباب والمواطنين عامة للظواهر الفلكية بشكل تدريجي وتربوي، وأغلب المتوافدين عليها من العائلات التي تصطحب أبناءها معها.

احتضنت مدينة تيزي وزو، شرق الجزائر العاصمة، المهرجان الوطني الأول لعلم الفلك “ليالي النجوم” خلال الفترة الممتدة من 4 إلى 6 أغسطس/آب الجاري، والذي تضمن مجموعة متنوعة من النشاطات العلمية الموجهة للأطفال والشباب بشكل خاص. الجزيرة نت تابعت الحدث عن كثب ونقلت تفاصيله.

احتفال عالمي

جاءت فكرة تنظيم هذا المهرجان على شكل تظاهرة مفتوحة للجمهور، تتضمن مجموعة من الفعاليات تبدأ من السادسة مساء وتستمر إلى منتصف الليل، بمبادرة من الجمعية الجزائرية للشباب هواة علم الفلك، وبالتعاون مع “رابطة النشاطات العلمية والتقنية للشباب” لمدينة تيزي وزو، وبمساهمة من مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء (CRAAG).

“ليالي النجوم” حدث يتم الاحتفال به عبر العالم بمناسبة الظاهرة الفلكية “البرشاويات” (الجزيرة)

يقول رئيس الجمعية الجزائرية للشباب هواة علم الفلك جمال شعلال -في حديث مع الجزيرة نت- “ليالي النجوم” حدث يتم الاحتفال به عبر العالم بمناسبة الظاهرة الفلكية المعروفة بـ “البرشاويات” (Perséides) وهي زخات من الشهب مرئية بالغلاف الجوي للأرض، حيث يمكن عادة أن نلاحظ منها 100-120 في الساعة.

وتحدث زخة الشهب عندما تمر الأرض أثناء دورانها حول الشمس بمناطق في النظام الشمسي تكثر فيها ذرات الغبار التي تحترق، وتتحول إلى شهب حين تدخل الغلاف الجوي للأرض.

ويضيف شعلال أنه يمكن ملاحظة هذه الظاهرة عدة مرات في السنة، إلا أن “البرشاويات” التي تحدث خلال الفترة من منتصف يوليو/تموز إلى نهاية أغسطس/آب من كل سنة “الأكثر روعة وشعبية، نظرا لتزامنها مع فترة الصيف”.

ويقول إن الجمعية عملت على استثمار هذه المناسبة من أجل التأسيس لتظاهرة سنوية تجمع هواة علم الفلك ومنشطي النوادي العلمية الفلكية عبر الوطن، كما توفر للشباب وللمواطنين بصفة عامة، مناسبة لاكتشاف الظواهر الفلكية ومشاهدة الأجرام السماوية والتعرف على الكون والمشاركة في ورشات ومحاضرات حول علم الفلك.

المهرجان يؤسس لتظاهرة سنوية تجمع هواة علم الفلك ومنشطي النوادي العلمية الفلكية عبر الوطن (الجزيرة)

برنامج علمي ثري

وتضمن المهرجان، على مدار 3 أيام، معرضا في علم الفلك وورشات للأطفال وحصص تنشيط باستعمال قبة فلكية متنقلة (planétarium mobile) بالإضافة إلى عملية رصد فلكي بالعين المجردة وباستعمال مناظير فلكية (تلسكوبات) ومسابقة في التصوير الفلكي، تحت إشراف 50 منشطا ومسؤولا من نواد وجمعيات فلكية.

وشهد المهرجان أيضا عروضا في شكل محاضرات مفتوحة للجمهور حول ظاهرة الشهب وآخر مستجدات التلسكوب الفضائي “جيمس ويب”.

ومن جهته يقول هشام ريان رئيس جمعية سهيل لعلم الفلك وعلوم الفضاء لمدينة الأغواط، في حديث مع الجزيرة نت، إن مهرجان “ليالي النجوم” كان بصبغة وطنية، حيث شهد مشاركة نواد وجمعيات من 10 مدن جزائرية، كل واحدة ممثلة بـ 4 شبان منخرطين في الجمعية الوطنية.

وسجل المنظمون إقبالا واسعا من العائلات والأطفال، على غرار عائلة مونسي التي حضرت المهرجان رفقة طفلين، معبرة للجزيرة نت عن استحسانها لهذا الحدث، معتبرة إياه “فرصة جميلة لاستكشاف الظواهر الفلكية مع أطفالنا، خاصة أن ليالي الصيف مناسبة جدا للأحداث والتظاهرات العلمية”.

المهرجان شهد توافد عائلات مصحوبة بالأبناء (الجزيرة)

ويعود شعلال فيقول إن التظاهرة تندرج ضمن تجسيد “السياحة التربوية” لأنها “ستسمح بتغيير إدراك الشباب والمواطنين عامة للظواهر الفلكية بشكل تدريجي وتربوي، حيث إن أغلب المتوافدين على مثل هذه التظاهرات من العائلات التي تصطحب أبناءها معها”.

مهرجان سنوي

ويعد المهرجان الوطني لعلم الفلك تجربة أولى من المنتظر تقييمها من أجل التحضير للطبعات القادمة، وتأسيس مهرجان سنوي باسم “ليالي النجوم” في مدينة تيقزرت في تيزي وزو، على غرار مهرجان “علم الفلك للجميع” الذي تنظمه الجمعية في ساحة رياض الفتح بالعاصمة، في يوليو/تموز من كل سنة، نظرا للاهتمام الواسع والمتزايد الذي يحظى به علم الفلك لدى الأطفال والشباب.

وهو ما يؤكده شعلال “من خلال تجربتنا الطويلة بهذا المجال، نؤكد أن الأطفال والشباب شغوفون بالاكتشاف والثقافة العلمية، وخاصة الظواهر الكونية والفلكية. ومسؤوليتنا تتمثل في توفير الظروف المناسبة والتأطير والمرافقة الملائمة، من خلال التحضير الجيد لمثل هذه التظاهرات وتكوين المنشطين والمؤطرين لتحضير أرضية خصبة ومحيط ملائم لجذب الشباب وتنمية مواهبهم”.

النوادي والجمعيات الفلكية بالجزائر تضم مئات الشباب والأطفال الشغوفين بالعلم والمعرفة (الجزيرة)

يُذكر أن الكثير من النوادي والجمعيات الفلكية بالجزائر تضم مئات الشباب والأطفال الشغوفين بالعلم والمعرفة، والذين تحول علم الفلك لديهم من علم إلى ممارسة وهواية تملأ أوقاتهم وتشبع حاجاتهم النفسية والاجتماعية وتصقل مهاراتهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على الإنجاز.

ومنها الجمعية الجزائرية للشباب هواة علم الفلك التي تنشط منذ سنة 1996 في أكثر من 30 مدينة. وتهدف إلى المساهمة في دعم وتشجيع الأنشطة العلمية، لاسيما علم الفلك، في أوساط الشباب والمجتمع بصفة عامة.

وتعمل الجمعية على تكوين الشباب وتعزيز معارفهم التربوية وقدراتهم العلمية، وضمان تقديم الدعم الفني والمادي لمبادرات الجمعيات ونوادي الفلك وتنسيق أنشطتها، وتشجيع وتطوير السياحة العلمية والتربوية ومبادلات الشباب.

ومن الأهداف أيضا ضمان تمثيل الحركة العلمية الوطنية للشباب الهواة على مستوى المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، والتوعية بأهمية الظواهر الفلكية باعتبارها مناسبة لترقية معارف الشباب وإدراكهم من خلال التسلية العلمية بمناهج تعليمية وتربوية حديثة.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.