الاحتفال بالقرنقعوه تحول من تراث قديم ابتكره الأجداد إلى احتفال شعبي كبير ينتظره الصغير والكبير

|

الدوحة ـ بعد غياب دام عامين بسبب الإجراءات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا عادت أهزوجة احتفال القرنقعوه مجددا في قطر ودول مجلس التعاون الخليجي كافة في منتصف شهر رمضان المبارك، فالاحتفال به تحول مؤخرا من تراث قديم ابتكره الأجداد لتشجيع الأطفال على الصيام في شهر رمضان المبارك إلى احتفال شعبي كبير ينتظره الصغير والكبير سنويا.

وتعد أغنية القرنقعوه علامة مميزة لهذا الاحتفال وأحد أهم الموروثات الشعبية، إذ تقول “قرنقعوه.. قرقعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة.. عطونا من مال الله.. يسلم لكم عبد الله.. عطونا دحبة ميزان.. يسلم لكم عزيزان.. يا بنية يا الحبابة.. أبوج مشرع بابه.. باب الكرم ما صكه.. ولا حط له بوابة”.

و”القرنقعوه” احتفال تقيمه الأسر القطرية والخليجية في ليلة النصف من رمضان تكريما للأطفال ولمكافأتهم على إتمام صيام نصف الشهر الكريم، وتشجيعهم على الاستمرار والمواظبة على صيام النصف الباقي.

ويعود سبب تسمية ليلة القرنقعوه إلى قرة العين في هذا الشهر، “فالقرة” هي ‏ابتداء الشيء، ويقال إنه بمرور الزمن تحورت الكلمة وصارت القرنقعوه، ويقال إنها كناية عن طرق الأطفال الأبواب في تلك الليلة.

ولا يقتصر الاحتفال بـ”القرنقعوه” على قطر فحسب، بل إن المجتمع الخليجي كله ينخرط في هذا الاحتفال، ويخرج الأطفال بعد الإفطار إلى “الفرجان” (الأحياء) حاملين معهم أكياسا من القماش يطوفون بها على المنازل القريبة ويطرقون الأبواب بغية ملء الأكياس التي معهم بشتى أنواع الحلوى والمكسرات التي يعدها الأهالي خصيصا قبل أيام من هذه المناسبة.

القرنقعوه احتفال تقيمه الأسر القطرية والخليجية تكريما للأطفال (الجزيرة)

ملابس تقليدية

ففي ليلة القرنقعوه يخرج الأطفال وهم يرتدون الملابس التقليدية ذات الطابع الخليجي الخاص ويعتمرون فوق رؤوسهم “القحفية”، وهي قبعة عادة ما تكون مطرزة بخيوط فضية، كما يرتدي بعض الأولاد “السديري” المطرز، وهو رداء شعبي يوضع على الثوب ويتدلى حتى الخصر.

أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية “الثوب الزري”، وهو ثوب يشع بالألوان ومطرز بالخيوط الذهبية، ويضعن أيضا “البخنق” لتغطية رؤوسهن، وهو قماش أسود تزينه أيضا خيوط ذهبية في الأطراف، إلى جانب وضع بعض الحلي التقليدية.

والأكياس التي يحملها الأطفال عادة في هذه الليلة تسمى في قطر “الخريطة”، وهي تشبه “المخلاة” أو الخرج، وهو الكيس الذي يعلق في العنق ويتدلى منه، ويصنع عادة من القماش، وفي بعض المناطق من الجلد.

وتستعد الأسر قبيل ليلة النصف بتحضير سلال كبيرة تسمى في اللهجة القطرية “الجفران” وتكون ممتلئة بالمكسرات، وهي البيذان والفستق والكاجو والزبيب واللوز والجوز وعين الجمل وأصابع الحلوى استعدادا لمجيء الأطفال في تلك الليلة.

متحدث من فريق لمسات حانية (الجزيرة)
خلفان: مهرجان الاحتفال بالقرنقعوه تضمن العديد من الفقرات المحببة للأطفال (الجزيرة)

مهرجان كبير

وخلال مهرجان كبير أقامه النادي “العربي” في الدوحة توافدت مئات الأسر إلى مقر الاحتفال للمشاركة مع أطفالها في هذه المناسبة الغالية على قلوبهم، فيما حرصت العديد من المؤسسات الرسمية في البلاد على المشاركة أيضا من خلال توزيع هدايا القرنقعوه على الأطفال.

ويقول حبيب خلفان من فريق “لمسات حانية” المشارك في تنظيم المهرجان إن القرنقعوه احتفالية شعبية قديمة جدا توزع فيها الحلويات على الأطفال، لتشجيع الذين تمكنوا منهم من صيام النصف الأول من شهر رمضان وحثهم على المواصلة وصيام باقي الشهر، لافتا إلى وجود اختلافات بسيطة بين دول مجلس التعاون في الاحتفال بالقرنقعوه.

ويضيف خلفان -في تصريح للجزيرة نت- أن المهرجان الذي أقيم في نادي “العربي” تضمن العديد من الفقرات، أهمها اغنية القرنقعوه ومسابقات متعددة للأطفال، والعديد من الألعاب الشعبية المشهورة والمحببة للأطفال، فضلا عن مسابقات ثقافية للكبار المشاركين في المهرجان.

أما الباحث في التراث الشعبي القطري عبد العزيز البوهاشم السيد فأكد أن القرنقعوه مناسبة موروثة منذ القدم يفرح فيها الأطفال، إذ ينتقلون بين الفرجان التي يقطنون فيها، ويعمد الأهالي إلى التجهيز لهذه الليلة السعيدة بالمكسرات والحلويات من أجل إسعاد الصغار وإدخال السرور في نفوسهم.

العديد من الجهات الحكومية شاركت في الاحتفال عن طريق توزيع الهدايا على الأطفال
جهات حكومية عدة شاركت في الاحتفال عن طريق توزيع الهدايا على الأطفال (الجزيرة)

مشاركة المؤسسات

وأضاف البوهاشم السيد أنه بعد صلاة المغرب ينتقل الأطفال مع أشقائهم الكبار إلى البيوت القريبة منهم و”يقرقعون” ويغنون بعض الأهازيج، لافتا إلى أنه في السنوات الأخيرة أصبح الاحتفال بـ”القرنقعوه” أكثر إشعاعا، إذ تشارك بعض المؤسسات في هذه المناسبة وتوزع القرنقعوه على الأطفال بطرق مختلفة من خلال المهرجانات، سواء في المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا” أو في بعض المؤسسات الثقافية الأخرى.

ودعا الباحث في التراث الشعبي إلى المحافظة على تراث “القرنقعوه”، معتبرا إياه تراثا جميلا يدخل الفرحة على أطفالنا، ويسهم في إكسابهم مهارات شعبية قديمة، وكذلك تعريف أفراد المجتمع بماضي هذه الاحتفالية وقيمتها لدى المجتمع القطري.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.