مدة الفيديو 02 minutes 16 seconds

موسكو- بين التصعيد والدعوة لضبط النفس تراوحت المواقف الدولية من حادثة سقوط صاروخ مساء أمس الثلاثاء في منطقة برشفوداو شرقي بولندا، والذي أسفر عن مقتل شخصين.

في البداية حمّلت بولندا روسيا المسؤولية عن الحادث، ورفعت درجة التأهب العسكري لقواتها، في حين وصفت وزارة الدفاع الروسية تصريحات الخارجية البولندية بأن الصاروخ روسي الصنع بـ”الاستفزازية” بغرض التصعيد.

وبينما أكدت موسكو أنه لم تكن هناك ضربات بالأسلحة الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية البولندية ذهب ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إلى أبعد من ذلك، وكتب في تغريده على تويتر أن “قصة سقوط الصاروخ على الأراضي البولندية تثبت أن الغرب بحربه الهجينة مع روسيا يزيد احتمالية اندلاع حرب عالمية”.

وبعد فترة سادت خلالها الشكوك توصلت بولندا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) إلى أن الصاروخ أطلقته -على الأرجح- الدفاعات الجوية الأوكرانية أثناء تصديها لصواريخ روسية بالقرب من الحدود البولندية.

وقبل التوصل إلى هذه الخلاصة بدت مواقف بعض الدول الحليفة لأوكرانيا -مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا- متريثة في تبني الروايتين البولندية والأوكرانية، حتى على ضوء طلب وارسو عقد اجتماع عاجل على أساس المادة الرابعة من ميثاق الحلف الأطلسي.

استفزاز خطير

بموازاة ذلك، تفاوتت آراء الخبراء الروس بشأن الحادث، بين من اعتبره “محاولة استفزاز إضافية” ومن رأى فيه مجرد خطأ تقني تسعى بلدان معادية لروسيا إلى توظيفه ضدها، حسب تعبيرهم.

ويرى محلل الشؤون الدولية ديمتري كيم في حديثه للجزيرة نت أن حادثة الصاروخ البولندي وتعليق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عليه يعدان استفزازا خطيرا وخطأ كبيرا في الوقت ذاته، لتسعير الحملة الإعلامية ضد روسيا، ولا سيما على ضوء الضربات الصاروخية المكثفة للقوات الروسية على عدد كبير من البنى التحتية داخل أوكرانيا، وهو ما تسبب بمشاكل كبيرة في توفير موارد الطاقة بالبلاد.

لكن كيم استبعد في المقابل أن تذهب الولايات المتحدة -التي نأت بنفسها عن تصريحات كييف ووارسو “القابلة للاشتعال” حسب وصفه- إلى اتخاذ الحادثة منطلقا لمزيد من التصعيد مع روسيا، وذلك على ضوء اللقاءات الأمنية المهمة بين الجانبين في أنقرة، فضلا عن تلك المقررة في القاهرة أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، لبحث تفعيل لجنة التنسيق المشتركة معاهدة ستارت للأسلحة النووية.

ورأى في ردة الفعل “الهادئة” للرئيس الأميركي جو بايدن تجاه حادثة الصاروخ مؤشرا على أنه لا يريد إفساد المساعي التي تبذلها واشنطن لإطلاق سراح جاسوس أميركي معتقل لدى المخابرات الروسية، واستخدام هذه القضية ورقة تعزز حضوره في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس والانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل عام.

انفجار يعتقد أنه نتيجة سقوط صاروخ شرقي بولندا قرب الحدود الأوكرانية (رويترز)

خطأ فني

في المقابل، استبعد الخبير العسكري فلاديسلاف شوريغين أن يكون سقوط الصاروخ على الأراضي البولندية نتيجة محاولة القيام باستفزاز سياسي متعمد، بل يرى أنه مجرد فشل تقني نتيجة خلل في نظام توجيه الصواريخ الأوكراني، وذلك بناء على تحليله للقطات من موقع سقوط الصاروخ، لكن كلا من بولندا وأوكرانيا سارعتا إلى استثماره إعلاميا.

وانطلق شوريغين من ترجيح فرضية أن الصاروخ الذي سقط في القرية البولندية هو ذخيرة من طراز “أورغان ميلرز” أو نظام الدفاع الجوي “إس-300” (S-300) أطلقه الجيش الأوكراني بالقرب من لفيف أثناء هجوم بصواريخ كروز الروسية وسقط في الأراضي البولندية نتيجة تشغيل أنظمة الحرب الإلكترونية للقوات المسلحة البولندية.

واعتبر الخبير أن حطام الصاروخ الذي تم العثور عليه في شرق بولندا يشبه شظايا صاروخ أوكراني مضاد للطائرات من الطراز نفسه.

ووفقا للخبير العسكري الروسي، فإنه في حالة عدم النجاح في اعتراض الهدف وكذلك فشل نظام التدمير الذاتي فإن ذخيرة أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى تكون قادرة على الطيران على بعد مئات الكيلومترات من موقع الإطلاق.

وأوضح أنه جرى تسجيل حالات مماثلة وبشكل متكرر في السابق، فخلال حرب العام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان انفجر صاروخ مماثل على بعد أكثر من 200 كيلومتر بعد أن سقط في جمهورية داغستان الروسية، وكذلك الحال خلال الصراع في سوريا عندما انفجر صاروخ “إس-200” (S-200) بعيد المدى قرب جزيرة كريت اليونانية.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.