تحالف سياسي تركي تشكل بين حزب العدالة والتنمية المحافظ وحزب الحركة القومية عام 2018، تمهيدا لخوض انتخابات 24 يونيو/حزيران 2018 التي حظي فيها بأغلبية مقاعد البرلمان ومقعد الرئاسة، وحكم التحالف البلاد منذ ذلك الحين.

النشأة والتأسيس

جاء تأسيس تحالف الجمهور أو ما يعرف أحيانا باسم “تحالف الشعب” في 20 فبراير/شباط 2018، تتويجا للتقارب الواضح الذي بدأ بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية عقب انقلاب 2016 الفاشل.

وكان تقاربا تحول إلى تحالف غير معلن بين حزب حاكم وآخر كان محسوبا على المعارضة، اتفقا على تحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني (الذي كان معمولا به منذ عقود) إلى رئاسي، وتم هذا الأمر بعد تمرير التعديل في 2017.

وأعلن حزب “الاتحاد الكبير” لاحقا دعمه لتحالف الجمهور في جميع المحطات الانتخابية دون الانضمام إليه رسميا.

التوجه الأيديولوجي والسياسي

يحسب تحالف الجمهور على يمين الوسط، ويضم “التيار المحافظ المعتدل” ممثلا بحزب العدالة والتنمية، كما يضم تيار القوميين الأقدم في البلاد والذي يحمل رؤى لا تبتعد كثيرا عن رؤى المحافظين فيما يتعلق بالهوية الثقافية للشعب التركي وتبجيل الموروث الإسلامي العثماني.

ويعتبر مراقبون تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية تعبيرا عن منعطف فكري في تاريخ الأول، إذ بات أقرب إلى الأطروحات القومية، لاسيما فيما يتعلق بمحاربة حزب العمال الكردستاني وحركة فتح الله غولن والتخلي عن بعض الأطروحات الليبرالية.

أبرز المحطات

شكل انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 الفاشل منعطفا في الحياة السياسية التركية، إذ جلس الرئيس رجب طيب أردوغان لأول مرة مع قادة أحزاب المعارضة، وخاصة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجيدار أوغلو ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، وسادت أجواء مؤقتة من التفاهم على تطويق تداعيات الانقلاب الفاشل واجتثاث أسبابه.

فاز رجب طيب أردوغان مرشح تحالف الجمهور التركي في يونيو/حزيران 2018 محققا بذلك أول مكاسب التحالف (غيتي)

وفي حين عاد التباعد والخلاف ليسود علاقة حزب الشعب الجمهوري بأردوغان وحزبه، واصل بهشلي دعمه إجراءات الحكومة الهادفة إلى مكافحة جماعة غولن في مؤسسات الدولة، وسيطر الدعم السخي لتوجهات أردوغان على مفردات الحركة القومية منذئذ، مما شكل أولى محطات التقارب الواضحة بين طرفي التحالف.

وفي 2016 أعلن الحزبان دخولهما رسميا في مناقشات ثنائية حول التعديلات الدستورية التي ينادي بها أردوغان، وفي مقدمتها تحويل البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي.

وفي العاشر من ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه عرض رئيس الوزراء عن حزب العدالة والتنمية بن علي يلدرم مقترح التعديل الدستوري على البرلمان، الذي أقره يوم 26 يناير/كانون الثاني 2017، إلا أن الحزبين لا يملكان أغلبية الثلثين في مجلس الأمة التركي لتمرير التعديلات الدستورية، فكانت 60% من الأصوات كافية للدعوة إلى استفتاء شعبي.

وعقد الاستفتاء في 2017 وبلغت نسبة تأييده 51.4%، ليشكل أرضية مناسبة لولادة تحالف الجمهور في فبراير/شباط 2018.

كسب التحالف أولى تحدياته الانتخابية يوم 24 يونيو/حزيران 2018 عندما فاز مرشحه رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بحصوله على 52.5% من الأصوات، مقابل 31.7% لمنافسه المرشح عن حزب الشعب الجمهوري وتحالف الأمة محرم إينجه.

وتمكن التحالف من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان بواقع 53.7% من عدد المقاعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في اليوم نفسه، علما أن القانون الانتخابي يتيح تقديم قوائم التحالف بطريقة تسمح للناخب بالاختيار بين التصويت للقائمة المشتركة أو أحد أطرافها من الأحزاب المشاركة في التحالف.

وخاض تحالف الجمهور انتخابات 31 مارس/آذار 2019 المحلية بقوائم منفصلة، تنافس خلالها حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية في بعض الولايات، في حين ترك الأخير المنافسة في الولايات الرئيسية لشريكه الأكبر في التحالف.

في ظل هذا الوضع الانتخابي المتشابك، حقق العدالة والتنمية انتصارات في العديد من الولايات، لكنه خسر لصالح المعارضة في العديد من الولايات الأخرى التي كانت تصوت تقليديا لحزب العدالة والتنمية، وكان أبرزها ولايتي إسطنبول وأنقرة.

شهدت علاقة طرفي التحالف بعض التوتر إثر مطالب الحركة القومية لكنه لم يمنع من خوض الحزبين الانتخابات التالية معا (غيتي)

وفي الولايات الصغيرة التي تنافس فيها شريكا التحالف، مالت الكفة لصالح الحركة القومية، وفي المجمل تقلصت رقعة سيطرة العدالة والتنمية على امتداد البلاد بصورة شكلت انتكاسة.

وسادت حالة من التوتر العلاقة بين طرفي التحالف قبيل الانتخابات العامة بأشهر إثر مطالبة زعيم الحركة القومي دولت بهشلي الحكومة بإصدار عفو عام باستثناء مرتكبي جرائم الاغتصاب والقتل ومنتسبي جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني.

ورفض الرئيس أردوغان ورئيس وزرائه بن علي يلدرم نقاش طلبه، مما دفع بهشلي للتهديد الضمني بالخروج من التحالف. وعلى الرغم من عدم تلبية هذا المطلب، فإن التوتر زال، وخاض الحزبان الانتخابات لاحقا في إطار تحالف الجمهور.

وفي التاسع من يونيو/حزيران 2022 أعلن أردوغان ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية في 2022 عن تحالف الجمهور، وهو ما كان أيده زعيم حزب الحركة القومية بهشلي مرارا.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.