القاهرة- يعد الحكم الدولي المصري السابق جمال الغندور، من أبرز الحكام العرب الذين شاركوا في التحكيم عبر تاريخ كأس العالم لكرة القدم، وضاعفت من شهرته الضجة التي أحدثتها قراراته بمباراة كوريا الجنوبية وإسبانيا في مونديال 2002 وما تزال مستمرة حتى الآن.

ورغم مرور أكثر من 20 عاما على كأس العالم 2002؛ أعادت الصحافة الإسبانية للأذهان من جديد ذكرى أحداث مباراة منتخبهم الوطني في الدور ربع النهائي مع كوريا الجنوبية التي أدارها الغندور، وقد حمّلت التحكيمَ بقيادة الدولي المصري السابق مسؤولية الخروج من المونديال لإلغائه هدفين لإسبانيا، الأول بداعي وجود خطأ على أحد مهاجميه، والهدف الثاني لتجاوز الكرة خط المرمى وفق إشارة الحكم المساعد.

ويتعرض الغندور لهجوم كبير من وسائل الإعلام والصحافة الإسبانية حتى الآن، بدعوى مجاملته أصحاب الأرض على حساب منتخب بلادها، بعدما غادر المونديال أمام كوريا الجنوبية بركلات الترجيح.

 

الجزيرة نت التقت الغندور ودار الحوار التالي:

نبدأ بأحداث مباراة كوريا الجنوبية وإسبانيا، ما دفاعك عن الاتهامات الإسبانية المتكررة بمجاملتك أصحاب الأرض المنتخب الكوري مما تسبب في خروج إسبانيا من ربع النهائي؟

في مونديال فرنسا 1998 احتسبت هدف عندما تعدت الكرة خط المرمى في الهواء بسنتيمترات، ولم يكن هناك تقنية “الفار” (VAR)، ولم تكن هناك وسائل اتصال بيني وبين الحكام المساعدين، واحتسبت هدف لصالح التشيك، وكانت هذه المباراة هي الأولى لي في المونديال، وحصلت على أعلى تقدير في هذه المباراة وهي 9.1 من 10، وفي ذلك الوقت كان كل حكم يتطلع لتجاوز تقدير 7.5 ليضمن استمراره، ولم يكن في هذه المباراة خطأ واحد.

أما بالنسبة لمباراة إسبانيا وكوريا في 2002، فكانت هناك حالتان واتخذت فيهما القرار السليم في المخالفة التي احتسبتها على إسبانيا؛ حيث أوضحت الصور وجود الشد بوضوح شديد بشهادة لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” آنذاك، التي حللت الحالتين بدقة ووجهت اللوم للحكم المساعد الثاني على إشارته لي بتخطي الكرة خط المرمى قبل تسجيل إسبانيا، ولم يتم توجيه أي نوع من اللوم لي، بل على العكس كانت درجتي في هذه المباراة 8.7 من 10.

هل استطعت إقناع الإسبان بما تقول عندما تمت دعوتك قبل جائحة كورونا؟

سافرت لإسبانيا وأجريت مناظرة تلفزيونية في مواجهة رئيس لجنة حكام إسبانيا، وحللنا معا مقاطع الفيديو الخاصة بالحالتين واقتنعوا تماما بصحة قراراتي.

أكثر من 20 عاما من التشكيك والهجوم عليك، هل ترى أن وجود تقنية الفار في مباراة إسبانيا وكوريا الجنوبية كان كفيلا بإنهاء الأزمة قبل وقوعها؟

نعم بالطبع، وجود التقنية كان سيثبت صحة موقفي الذي لم ولن ينتابني فيه أي شك ولو بعد 100 عام.

لاعبو إسبانيا يعترضون على إلغاء الغندور لهدف الفوز على كوريا الجنوبية (غيتي)

كيف ترى مونديال قطر مقارنة بما سبقه من نسخ كأس العالم؟

أعتقد أن مونديال قطر المقبل سيكون حديث العالم من حيث التجهيزات والملاعب وطريقة اللعب، وما استحدث فيه من تكنولوجيا تختصر الكثير من الوقت وتساعد الحكام على الوصول لأعلى درجات الدقة في اتخاذ القرارات.

ما الجديد بقانون كرة القدم في مونديال قطر ولم يكن موجودا في آخر كأس عالم شاركت فيه عام 2002؟

قانون كرة القدم في تطور مستمر، والفضل يرجع للتكنولوجيا الحديثة ومنها تكنولوجيا خط المرمى التي تحتسب الهدف فور تعدي الكرة خط المرمى بواسطة خلايا ضوئية، ثم جاءت تجربة “حكم الفيديو المساعد” (VAR)، والتي حسمت قرارات الحكام في الحالات الجدلية الصعبة مثل الأهداف وركلات الجزاء وحالات الطرد والإنذار، وهذه الحالات الأربع هي التي يتدخل فيها حكم الفيديو المساعد لمساندة طاقم التحكيم.

ولكن الجديد والذي سيدخل الملاعب لأول مرة في كأس العالم القادم في قطر تكنولوجيا اكتشاف التسلل بشكل آلي بعد أن كانت تعتمد على الحكم المساعد أو تقنية الفار في بعض الحالات، وهي تكنولوجيا كأجهزة الأشعة في غاية الدقة توضع على الخطوط، ولا حاجة فيها لأن يشير الحكم المساعد لوجود تسلل حيث سيظهر على الشاشة حالة التسلل وسيُبلَّغ الحكم لاتخاذ القرار فورا.

ورغم الاستخدام المكثف للتكنولوجيا، كان من الطبيعي أن يقل عدد الحكام، لكن ما حدث هو العكس؛ إذ تضاعف عدد الحكام، فبعد أن كان في مونديال 2002 قد وصل إلى 60 حكما على الأكثر، تضاعف في مونديال قطر 2022 ووصل إلى 137 حكما، لإضافة حكام تقنية الفار.

رغم تضاعف العدد لم يتم اختيار سوى 3 حكام عرب ساحة في مونديال قطر، ما أسباب تراجع الحكام العرب في كأس العالم؟

في كأس العالم 2002 كنا 5 حكام ساحة عرب هم: علي بوجسيم من الإمارات وسعد كميل من الكويت وجمال الغندور من مصر ومراد الدعمي من تونس ومحمد كزاز من المغرب، إضافة إلى 5 حكام مساعدين، والآن رغم تضاعف عدد الحكام قل عدد الحكام العرب إلى 3 حكام فقط وهم: القطري عبد الرحمن الجاسم والإماراتي محمد عبد الله والجزائري مصطفى غربال.

أرى أن هذا مؤشر واضح على تراجع التحكيم العربي، والدليل أنه منذ عام 2002 لم يصل أي حكم عربي للتحكيم في الأدوار الإقصائية باستثناء الحكم الجزائري جمال حيمودي في مباراة تحديد المركز الثالث والرابع في مونديال 2014 بالبرازيل، ولو كان التحكيم على نفس مستواه في مونديالَي 1998 و2002، لزاد عدد الحكام العرب في المونديال القادم إلى 10 حكام على الأقل.

وأسباب هذا التراجع هو أن الاتحادات العربية عندما تسند مسؤولية إدارة التحكيم تلجأ دائما للحكام الأقل خبرة، ما دفع الحكام أصحاب الخبرات والقدرات للانصراف عن التحكيم، والتوجه إلى التحليل التلفزيوني أو غيره من الأعمال، وعلى سبيل المثال لا الحصر هذا ما حدث معي في مصر ومع جمال الشريف في سوريا، وعبد العال الناصري في المغرب، وناجي جويني في تونس.

وهناك أيضا التعصب الأعمى الموجود في معظم دولنا العربية، وسطوة الأندية صاحبة النفوذ ودور ذلك في “تطفيش” النجوم الكبار في التحكيم، لأنهم لن يقبلوا العمل تحت أي ضغوط أو أي نفوذ يؤثر على عملهم، وهنا أتكلم عن تجربتي الشخصية في مصر.

ما كواليس اختيار الحكم المغربي الراحل سعيد بلقولة لإدارة المباريات النهائية لكأس العالم 2002، وهل كان لوجود العميد فاروق بوظو وفرح أدو في لجنة الحكام الدولية الدور الرئيسي في اختيار حكم عربي وأفريقي لأول وآخر مرة في نهائي المونديال؟

لا أعتقد أن وجود عربي أو أفريقي في لجنة الحكام الدولية سيكون له الكلمة النهائية في أن تسند المباراة الكبرى للبطولة لحكم أفريقي أو عربي، لأن اختيار الحكم في المباراة النهائية يخضع لخيارات وضوابط كثيرة لا يمكن لتأثير فلان أو علّان مهما كان موقعه أو حجمه، أقول هذا الكلام وكنت أنا والراحل سعيد بلقولة مرشحين للمباراة النهائية، وكانت المراوحة بيننا كبيرة حتى آخر لحظة لكن لم يحالفني التوفيق.

REFEREE SAID BELQOLA RAISES HAND AS FRENCH PLAYERS LIZARAZU AND DESCHAMPS QUESTION CALL ON DESAILLY.
الراحل سعيد بلقولة يحذر قائد المنتخب الفرنسي في نهائي مونديال 1998 (رويترز)

بصراحة هل كنت تتمنى أن تكون مكان بلقولة؟

بالطبع كنت أتمنى أن أكون حكما للمباراة النهائية سواء في كأسي العالم 1998 أو 2002 أو كأس القارات، ورغم ذلك كنت سعيدا لاختيار بلقولة رحمه الله في نهائي مونديال فرنسا وكأنني الذي أدرتها.

رغم خبراتك الطويلة إلا أنك لم تنضم مطلقا لعضوية لجنة الحكام بالاتحاد الأفريقي (كاف) كما تجاهلك الاتحاد المصري بعد إجبار رئيس لجنة الحكام السابق على الاستقالة واستعان بالإنجليزي كلاتنبيرغ لأول مرة في تاريخ التحكيم المصري. ما أسباب ذلك؟

المعايير تغيرت، والأمور لم تعد كما كانت من قبل ولم تعد الخبرة هي الفيصل، إذ أصبح الترشيح لعضوية لجنة حكام الكاف من خلال الاتحادات الأهلية وعادة تتعلق الاختيارات بـ”التربيطات” الانتخابية وبالطبع أعضاء مجالس الإدارات بالاتحاد يرشحون أنفسهم.

وهذا الأمر يمثل إجحافا لاسمي وتاريخي، ولا يمكن أن أكون صاحب أعلى أرقام في تاريخ التحكيم المصري، ولا أتواجد في الكاف حتى الآن، وكان يوجد مسؤول للتحكيم الأفريقي وهو السنغالي الراحل بدارا سين، كان يتحكم في الانتخابات لدعم عيسى حياتو، وهو من أبعدني أنا وناجي جويني وغيرنا في سنوات سابقة.

لكن البعض يتهمك بمجاملة ابن شقيقك أحمد الغندور، ونجلك خالد عندما كنت رئيسا للجنة الحكام، ما دفاعك؟

بالنسبة للكابتن أحمد الغندور ابن شقيقي، فهو حكم دولي ويتم اختياره وتصعيده من قبل الكاف، ولا يحتاج لي في أي شيء ، وليس له تهمة سوى أنه ابن أخي، أما بالنسبة للكابتن خالد الغندور، فثبت أنه يتعرض لمؤامرة من بعض المسؤولين، لا لشيء إلا كونه ابن جمال الغندور رئيس لجنة الحكام بالاتحاد وقتئذ، فما كان من الزملاء سوى التدخل لحمايته برفع الظلم عنه، وهذه وقائع يشهد عليها الجميع.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.