حزب الدعوة الإسلامية أحد أبرز الأحزاب الشيعية وأهمها في العراق، عقدت جلساته الأولى عام 1957 بحضور شخصيات دينية شيعية بارزة، ولعب أدوارا كبيرة في بلورة العملية السياسية في البلاد في العقدين الأولين من القرن الـ21، قاد رجالات الحزب معظم الحكومات العراقية منذ العام 2005 وحتى العام 2018.

النشأة والتأسيس

في غمرة صعود المد الشيوعي في العراق ظهر حزب الدعوة الإسلامية في أواخر خمسينيات القرن الـ20، ليصبح الأهم في تاريخ الإسلام السياسي الشيعي العراقي.

ساهم في تأسيسه مجموعة من علماء الشيعة، ومن أبرزهم محمد باقر الصدر ومحمد مهدي الحكيم.

وكان الهدف من تأسيس الحزب تغيير المفاهيم والسلوكيات والأعراف على أساس التعاليم الإسلامية، وإحلال القوانين الشرعية الإسلامية محل القوانين الوضعية.

مراحل الحزب

تبنّى حزب الدعوة الإسلامية المرحلية في العمل، من أجل تحقيق الأهداف التي رسمها لنفسه، وقد قسّم مسيرته إلى 4 مراحل أساسية، هي:

  • المرحلة التغييرية (الفكرية)، وذلك من خلال إعداد نخبة من الدعاة تتمكن من الناحيتين الكمية والكيفية من مباشرة عمل الدعوة.
  • المرحلة السياسية، وتتمثل في تحريك الأمة ضد أنظمة الحكم بهدف إقامة نظام إسلامي يتناغم مع مبادئ الحزب.
  • لتأتي مرحلة استلام السلطة، والتي تهدف -بحسب أدبيات الحزب بعد إسقاط الأنظمة الحاكمة- إلى مواصلة إكمال التغيير الشامل.
  • وتتمثل آخر مراحل حزب الدعوة بتطبيق أحكام الإسلام وفق رؤيته، وهذه ذروة أهدافه في مراحلها النهائية.
جاسم محمد جعفر عضو حزب الدعوة الإسلامية ووزير سابق (الجزيرة)

أبرز المحطات

تعرضت كوادر حزب الدعوة الإسلامية إلى حملات إعدام وتنكيل وسجن، خاصة خلال حكم حزب البعث العربي الاشتراكي رغم سرية نشاطات حزب الدعوة آنذاك، مما دفع معظم عناصره إلى مغادرة العراق وممارسة نشاطهم من الخارج.

وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 عاد حزب الدعوة الإسلامية بقوة إلى البلاد، وتعزز نفوذه مع تقلد القيادي فيه إبراهيم الجعفري منصب أول رئيس لمجلس الحكم للحزب، ثم أصبح رئيسا للوزراء عام 2005.

وفي عام 2006 تولى نوري المالكي -الذي أصبح أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية- رئاسة الوزراء لفترتين رئاسيتين، قبل أن يترك المنصب عام 2014، ليتولى حيدر العبادي القيادي في الحزب منصب رئاسة الوزراء.

الأعلام والرموز

نوري كامل المالكي

زعيم حزب الدعوة الإسلامية، ترأس حكومة العراق لولايتين بين عامي 2006 و2014، وكان نائب رئيس الجمهورية من التاسع من سبتمبر/أيلول 2014 حتى 11 أغسطس/آب 2015.

حيدر جواد العبادي

رئيس الوزراء العراقي الأسبق، تولى منصبه عام 2014 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2018، كان عضوا بارزا في حزب الدعوة الإسلامية، قبل أن يعلن انسحابه منه، ليترأس تحالف النصر ويدخل الانتخابات البرلمانية.

علي محمد الأديب

يعد من أبرز قيادات حزب الدعوة الإسلامية، ترشح لمنصب رئيس الوزراء عام 2006 خلفا لزميله في قيادة الحزب إبراهيم الجعفري، وترشح لرئاسة الحكومة مرة أخرى عام 2010، قبل أن يتسلم منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في ديسمبر/كانون الأول 2010.

فالح فيصل الفياض

يعد من الجيل الأول الذي انتمى إلى حزب الدعوة الإسلامية، وترأس الفياض هيئة الحشد الشعبي في العراق، كما تسلم منصب مستشار الأمن الوطني، وشكّل حركة “عطاء” لخوض الانتخابات البرلمانية.

حسين الشهرستاني

تسنم عدة مناصب مهمة، أبرزها وزارة النفط عام 2006، ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة عام 2010، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي عام 2014.

عبد الحليم الزهيري

أحد منظّري حزب الدعوة الإسلامية وأبرز قادته وأقدمهم، يطلق عليه بعض ساسة العراق لقب “صانع الملوك” لدوره الخفي في ترشيح رؤساء الحكومات العراقية والوزراء وغيرهم، ويعمل مستشارا لرئيس الوزراء منذ عام 2005.

حسن حميد السنيد

من قيادات حزب الدعوة الإسلامية، وتم اختياره لرئاسة لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي عام 2010، وهو منخرط في ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي.

مؤتمر حزب الدعوة الإسلامية السنوي الـ18 ببغداد في يناير/كانون الثاني 2022 (الصحافة العراقية)

حكومات حزب الدعوة الإسلامية

بعد عام 2003 وجدت قيادات حزب الدعوة الإسلامية نفسها أمام واقع جديد انتقل بها من كونها حركة سرية تعتنق الثورة الإسلامية إلى لاعب أساسي في “حكومة عراقية ديمقراطية”، مما جعل الحزب يخضع لتحولات أيديولوجية جذرية لتجاوز التحديات الكبيرة التي واجهته.

وكان لتجربة حزب الدعوة الإسلامية في مجلس الحكم والحكومة المؤقتة بعد عام 2003 تأثير واضح على مساره، لأنه وجد أن تسيير أمور الدولة بشكل عملي يختلف بشكل تام عن سياسة المعارضة في المنفى.

انشقاقات الحزب

ما إن تولى حزب الدعوة الإسلامية رئاسة عدد من الحكومات العراقية حتى شهد انشقاقين كبيرين مع تغير كل حكومة، الانشقاق الأول قاده الأمين العام للحزب إبراهيم الأشيقر المعروف بالجعفري، وبعد أقل من عام أبعد عن منصبه، واختير الرجل الثاني في الحزب نوري المالكي ليكون بديلا لشغل منصب رئاسة الحكومة، مما دفع الجعفري إلى الانشقاق عن الحزب مكونا ما عرف بـ”تيار الإصلاح الوطني”.

وشهد عام 2014 انشقاقا آخر لكنه كان غير معلن، وذلك عندما منع المالكي من الاستمرار لدورة ثالثة في رئاسة الحكومة.

وتم تكليف الرجل الثاني في حزب الدعوة الإسلامية حيدر العبادي بتشكيل الحكومة، وأدى ذلك إلى حدوث انقسام مكتوم في الحزب جعله ينقسم إلى جناحين، الأول يقوده المالكي، وهو جزء من ائتلاف أو كتلة دولة القانون البرلمانية، والجناح الآخر يقوده العبادي ويعمل ضمن كتلة التحالف الوطني الشيعي في البرلمان.

وأدى هذا الخلاف إلى تصدع الحزب ودخوله مرحلة من التراجع السياسي أسهمت في خسارته منصب رئاسة الحكومة في انتخابات 2018 لأول مرة منذ العام 2005.

لكن أزمة حزب الدعوة الإسلامية جاءت في سياق التحديات التي واجهت الجماعات الإسلامية الأخرى، والتي تراجعت شعبيتها بسبب الفساد والخلل الكبير الذي يضرب العملية السياسية التي هيمنت عليها الأحزاب الإسلامية الشيعية.

حكومة السوداني

بعد استبعاد حزب الدعوة الإسلامية من رئاسة الوزراء عام 2018 احتفل الحزب مجددا بفوز مرشحه محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة.

ورغم انسحاب السوداني من الحزب وتأسيس تيار الفراتين السياسي عام 2019 على خلفية احتجاجات شعبية واسعة نددت بفشل الحكومات المتعاقبة فإنه بقي محسوبا على حزب الدعوة الإسلامية الذي قلده مناصب رفيعة منذ عام 2006.

ويعتقد مراقبون أن انسحاب السوداني من الحزب ليس سوى مناورة سياسية مهدت لتكليفه بتشكيل الحكومة، وهو ما حصل في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.