فهم الآلية الدقيقة التي تعمل بها ذرات الأكسجين المنفردة سيمكن المهندسين من بناء آليات تؤمّن الناس على الأرض من ضربات البرق. حيث تقتل ضربات البرق سنويا حوالي ألفي شخص حول العالم.

على مدى عقود عديدة، لم يتمكن العلماء من فهم السبب في أن البرق وهو نازل إلى الأرض يتخذ شكلا متعرجا (زغزاغ) مرعبا بالنسبة للكثيرين، لكن يبدو أن فريقا بحثيا من “جامعة جنوب أستراليا” (University of South Australia) قد وجد الحل أخيرا، الأمر الذي يمكن أن يساهم مستقبلا في تأمين الناس من ضربات البرق.

ما البرق؟

وفق الفهم القائم حاليا بين العلماء للبرق، فهو يحدث في العواصف الرعدية، حينما تنفصل الشحنات عن بعضها البعض داخل السحب، وتصعد الموجبة للأعلى وتهبط السالبة للأسفل، وعلى الأرض تكون الشحنة عادة موجبة.

وعند تراكم عدد كاف من الشحنات في السحابة، ينشأ فارق جهد بينها وبين سطح الأرض، ما يتسبب في تواصل كهربائي بينهما، نراه في صورة برق.

ويشبه الأمر أن تنشأ شرارة كهربائية بين مقبض الباب وأصابع يدك، ويحدث ذلك بسبب تراكم الشحنات السالبة على أطراف أصابعك والموجبة على مقبض الباب، فتنتقل الكهرباء بين الطرفين.

يحدث البرق في العواصف الرعدية، حينما تنفصل الشحنات عن بعضها البعض داخل السحب (بيكسابي)

لكن البرق أقوى بكثير من تلك الشرارة المنزلية، حيث يمكن أن يسافر ما بين 3 و4 كيلومترات من السماء إلى الأرض، ويضرب الأرض بمعدل يصل إلى 100 مرة في الثانية الواحدة، بقوة حوالي 300 مليون فولت، ويساوي ذلك أكثر من مليون ضعف كهرباء المنزل.

الذرات المتراقصة

ووفق الدراسة الجديدة، التي نشرها هذا الفريق في دورية “جورنال أوف فيزيكس دي: أبلايد فيزيكس” (Journal of Physics D: Applied Physics)، فإن البرق يتحرك من السحابة إلى الأرض في صورة قفزات كل منها يسافر حوالي 50 مترا، وكل منها يلمع بالضوء لمدة صغيرة جدا، تصل إلى ملايين الأجزاء من الثانية الواحدة.

بعد ذلك، ينطفئ ضوء تلك القفزة وتنشأ قفزة جديدة للأسفل، وهكذا تستمر القفزات في النزول، لكن لأن الفترة الزمنية بين إضاءة كل قفزة للبرق وانطفائها قصيرة جدا، فإننا عادة ما نرى البرق كله خطا يضيء مرة واحدة ثم ينطفئ.

ووفق الدراسة الجديدة، فإن تلك القفزات تحدث لأن ضربة البرق تتسبب في إثارة ذرات الأكسجين بالغلاف الجوي وتحويلها إلى حالة تسمى “الأكسجين المنفرد في الحالة دلتا” (singlet delta oxygen)، وفيها تتخلى ذرات الأكسجين عن إلكتروناتها فجأة، ثم تكتسب الإلكترونات مرة أخرى، الأمر الذي يبدأ القفزة بفقد الإلكترونات ثم ينهيها باكتسابها.

ميجا فلاش فقد كانت واحدة من أكبر ومضات البرق المسجلة على الإطلاق(بيكسلز)
فهم الآلية الدقيقة التي تعمل بها ذرات الأكسجين المنفردة سيمكن المهندسين من بناء آليات تؤمّن الناس من ضربات البرق (بيكسلز)

ولأن البرق النازل إلى الأسفل يواجه مقاومة من ذرات الغبار في الجو، فإن القفزة التالية عادة ما لا تستمر في نفس الاتجاه، بل تتوجه إلى منطقة تكون أقل مقاومة إذا واجهتها عوائق. وبذلك تستمر قفزات البرق في صورة “زغزاغ” يتحرك يمينا ويسارا، متفاديا مقاومة ذرات الغبار، إلى أن يصل للأرض.

وفي مقال نشره المؤلف الأول للدراسة، الدكتور “جون لوك” (John Lowke) الباحث بقسم علم وهندسة المواد بجامعة جنوب أستراليا على موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation) أشار إلى أن فهم الآلية الدقيقة التي تعمل بها ذرات الأكسجين المنفردة سيمكن المهندسين من بناء آليات تؤمّن الناس على الأرض من ضربات البرق. حيث تقتل ضربات البرق سنويا حوالي ألفي شخص حول العالم.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.