القوات الروسية لم تدخل بروديانكا، لكنها تمكنت من تدميرها ولم يسلم من ذلك منزل ولا شارع.

|

يدرك رئيس بلدية بروديانكا التي دمرتها الحرب بصورة شبه كاملة، أنه لن يحقق أحلامه في السنوات القادمة، وإن كان يأمل عودة السكان والكهرباء والغاز لقريته الصغيرة التي لا تبعد إلا 13 كيلومترا من الحدود الروسية، والتي تحتفظ رغم كل مآسيها بجزء من سكانها مستمرين في العيش تحت الأنقاض.

تحاول صحيفة ليبراسيون (Liberation) الفرنسية -في تقرير لمبعوثتها الخاصة كريستينا بردينسكيك- تصوير ملامح الحياة في هذه القرية التي يعيش من بقي من سكانها في منازل بلا جدران غالبا ولا نوافذ مطلقا، ودون كهرباء ولا غاز منذ عام بعد أن دمرت الحرب كل شيء.

كان يعيش هنا ألفا شخص لم يبق منهم سوى 28 -كما تقول المراسلة- وعندما بدأ غزو روسيا لأوكرانيا، سقطت قرية تسوبيفكا المجاورة تحت الاحتلال، ولكن القوات الروسية التي لم تدخل بروديانكا، تمكنت من تدميرها بنيران القذائف، ولم يسلم من ذلك منزل ولا شارع.

وصل رئيس بلدية القرية يفغيني مياتشيكوف (36 عاما) إلى السلطة قبل أقل من 3 أشهر من اندلاع الحرب، وهو يحمل خططا طموحة، تشمل استبدال أعمدة الكهرباء القديمة وإصلاح الطرق وتسلية الأطفال، وقام فعلا بتركيب جهاز عرض سينمائي في القاعة متعددة الأغراض بالقرية، عرضت فيها جميع أفلام سلسلة هاري بوتر.

يقول مياتشيكوف وهو يقف أمام مكان عمله السابق، مبنى المجلس البلدي الذي أصبح خرابا ولم يبق منه ولا من قاعته المتعددة الأغراض سوى علم أوكراني حائل اللون “أردت أن أفعل شيئًا للأطفال. من دون أطفال، فإن القرية محكوم عليها بالفناء”، ولكن 350 طفلا كانوا يعيشون هنا اختفوا بعد أن تم إجلاؤهم مع والديهم بعيدا عن الحرب.

حفر قذائف وكلاب ضالة

في بروديانكا، يمكن أن تخمن أن أحد المنازل مأهول بفضل الزهور الموجودة على حافة النافذة، هنا يعيش نيكولاي (60 عاما) وحيدا بعد أن فارقته ابنته وحفيدته اللتان تعيشان الآن في لندن، وهو يسخن الماء فوق نار الحطب، مضيفا أنه لا ينبغي لأحد أن يثبط عزيمته أو يستاء من القدر.

معظم شوارع القرية -كما تروي المراسلة- مدمرة مليئة بحفر القذائف وجثث السيارات المتفحمة والكلاب الضالة، ومعظم المنازل لم يعد إصلاحها ممكنا، ولا تلقى بها إلا قليلا من المارة، مثل ألكسندر موروزوف (46 عاما) الذي نزلت قذيفة من السماء على حديقته فقتلت والده وأصابته بجروح، ولكنه مع ذلك ينوي في الربيع زراعة حديقته بالخضروات.

هنالك أيضا كسينيا ريابوفول (95 عاما) وابنة أختها تيتيانا توكار (83 عاما) اللتان خلفهما الكبر في السن في القرية، تقول تيتيانا التي توفي والدها في الحرب العالمية الثانية “تميزت طفولتي بالحرب والجوع وشيخوختي بحرب أخرى”.

وختمت المراسلة بأن عدد القرى في أوكرانيا يتناقص كل عام، بسبب التحضر وهجرة اليد العاملة في السابق، ولكن سبب ذلك اليوم هو الحرب، فعلى سبيل المثال يعمل العديد من سكان بروديانكا في خاركيف التي تبعد عنها 30 دقيقة بالسيارة أو 45 دقيقة بالقطار، ومع ذلك كان في هذه القرية 5 متاجر ومدرسة وروضة أطفال، وكل ذلك اختفى لأن بروديانكا دمرت بنسبة 90%.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.