جدد الرئيس التونسي قيس سعيّد تأكيده أن بلاده لن تقبل أي تدخل خارجي في شؤونها مرة أخرى. يأتي ذلك في وقت تظاهر فيه أنصاره في العاصمة التونسية، دعما له بمناسبة عيد الاستقلال. في غضون ذلك، أعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلق التكتل إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، ويخشى انهيارها.

وأضاف الرئيس التونسي -خلال زيارته إلى ولاية القيروان (وسط البلاد) أمس الاثنين- أن تونس لن تفرط في سيادتها لأحد، لأنها ليست تحت الحماية ولا الانتداب، وفق تعبيره. يأتي ذلك ردا -على ما يبدو- على تصاعد الانتقادات الغربية لما يحدث من تطورات في تونس.

وسيطر سعيّد -الذي انتخب عام 2019- على معظم السلطات في البلاد عام 2021، بعد أن حل البرلمان المنتخب وغيّر الحكومة، قبل التحرك للحكم بمراسيم وصياغة دستور جديد.

وفي غضون ذلك، نفذ “حراك 25 يوليو (تموز)” المساند للرئيس قيس سعيّد مظاهرة في العاصمة التونسية بمناسبة عيد الاستقلال، وتعبيرا عن مساندته الرئيس في مساره السياسي الحالي.

وتجمع المئات من أنصار الرئيس في العاصمة -أمس الاثنين- تعبيرا عن دعمهم له بعد حملة لإيقاف معارضين بشبهة الخيانة والفساد، ورفضا لما وصفوه بالتدخل الأجنبي.

ورفع المشاركون خلال المظاهرة شعارات ضد ما سموه التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، مثمنين خطوات الرئيس في هذا الإطار.

من جانبها، أكدت حركة النهضة استمرار نضالها السلمي لمواجهة سياسات السلطة “المنتهكة للحريات العامة والفردية”، داعية إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين المعارضين لسياسات الرئيس قيس سعيد.

جاء ذلك في بيان أصدرته الحركة، بمناسبة إحياء تونس الذكرى 67 لعيد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، الذي يحل في 20 مارس/آذار كل عام.

وقالت النهضة إن ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 أردفت تحقيق الاستقلال بإرساء الديمقراطية، وعزّزت سيادة الشعب ودولة القانون والمؤسسات، ودعت إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين “الذين طالهم البطش والتنكيل، وتلفيق التّهم الباطلة لهم بسبب مواقفهم الرافضة للانقلاب”، في إشارة إلى إجراءات استثنائية أعلنها سعيد في 25 يوليو/تموز 2021.

وأشارت النهضة إلى أن نضالها السلمي والدؤوب مع القوى الوطنية -وفي مقدمتها جبهة الخلاص الوطني- مستمر في مواجهة سياسات السلطة.

جوزيب بوريل: الاتحاد الأوروبي لا يمكنه مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي (الأناضول)

مخاوف أوروبية من الانهيار

وفي خضم التطورات المتلاحقة في تونس، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين أن التكتل يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس ويخشى انهيارها.

وحذّر بوريل -إثر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل- من أن “الوضع في تونس خطير للغاية”.

وقال “إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع”.

وأوضح أن وزراء الخارجية طلبوا من بلجيكا والبرتغال إرسال ممثلين في مهمة إلى تونس لإجراء “تقييم للوضع لتمكين الاتحاد الأوروبي من توجيه إجراءاته”.

لكنه أضاف أن “الاتحاد الأوروبي لا يمكنه مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.

وشدد على أن “الرئيس قيس سعيد يجب أن يوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي وينفذه، وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة إلى تونس”.

وأشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى أن الوضع في تونس سيئ للغاية اقتصاديا وسياسيا، مشيرا إلى أن عدم الاستقرار السياسي في البلاد يؤثر على الأوضاع الاقتصادية فيها.

وكان بوريل قال -قبيل انطلاق الاجتماع- إن الاجتماع سيناقش ما سماها التصريحات “غير المقبولة” التي صدرت عن الرئيس التونسي قيس سعيد تجاه جنسيات أفريقية، لافتا إلى أنه قد يسافر إلى تونس إذا تطلب الأمر.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتونتي بلينكن إن الولايات المتحدة ستواصل دعم ما سماه تطلعات الشعب التونسي إلى مستقبل ديمقراطي ومزدهر ودعم الجهود المستمرة لحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون كأساس لمجتمع عادل ومنصف، حسب قوله.

وبدأت الشرطة التونسية -خلال الأسابيع الأخيرة- حملة التوقيف، شملت قيادات بارزة من المعارضة التي تتهم سعيد “بالانقلاب”، واعتقلت سياسيين وقضاة ونقابيين ورجال أعمال بارزين ورئيس محطة إذاعية مستقلة.

وتتهم قوى معارضة الرئيس سعيد بإرساء نظام حكم فردي استبدادي، في حين يقول سعيّد إنه لا بد من محاسبة من يصفهم “بالفاسدين والمجرمين”.

وكان البرلمان الأوروبي اعتمد الخميس الماضي قرارا يحث فيه السلطات التونسية على الإفراج عن جميع المعتقلين في إطار الحملة التي استهدفت المعارضة.

وصوّت النواب الأوروبيون -خلال جلسة في مقر البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية- لصالح القرار الذي يدعو السلطات التونسية إلى وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.