لم يكن مفاجئا رؤية المتعصبين الهندوس يدعون علانية إلى إبادة المسلمين أكبر أقلية في الهند.

حذر كاتب هندي من أن بلاده تسير وراء روسيا حذو النعل بالنعل في تبنيها نزعة قومية متعالية، وتجلى ذلك في الشروخ التي بدأت تظهر في أكبر دولة ديمقراطية في العالم، حسب تعبيره.

وانتقد بانكاج ميشرا -وهو كاتب عمود بموقع شبكة “بلومبيرغ” (Bloomberg)- تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن والقادة الغربيين الآخرين التي تشيد بالهند باعتبارها “ديمقراطية عظيمة” وثقل موازن لروسيا والصين.

وتساءل في مقال بهذا الموقع الأميركي قائلا: هل نحن على دراية كافية بمجتمع متطرف يشكل تهديدا لنفسه، وقد يكون وبالا حتى على دولة مثل روسيا الرئيس فلاديمير بوتين، وعلى الاستقرار العالمي؟

ويعتقد ميشرا -وهو ناقد أدبي ومؤلف عدد من الكتب أيضا- أن انزلاق روسيا إلى منحدر من “تصور مختل لقدرتها المطلقة” لم يكن يحظى لوقت طويل بالدراسة والتحليل.

وينقل عن الصحفية ماشا غيسين تحذيرها في كتابها الذي تتناول فيه سيرة بوتين تحت عنوان “رجل بلا وجه” من أن خبراء إستراتيجية السياسة الخارجية الأميركية كانوا بطيئين جدا في فهم جنون العظمة الذي يحظى بتأييد واسع وسط “الغوغائيين الروس”.

وقال ميشرا إن الدعم الشعبي المتزايد لبوتين في الداخل يشي بأن روسيا تحولت إلى مجتمع مارق، مضيفا أن ذلك يوضح كيف يمكن لأمة جُرحت إثر تجريدها من وضعها كقوة عظمى أن تجد العزاء في شوفينية (نعرة قومية) عدوانية.

ووفقا للكاتب، فإن النظام الصيني “القلق” ظل لسنوات مستغرقا هو الآخر في غوغائية مماثلة، مما أدى إلى تأجيج النعرة القومية المفرطة بين مواطنيه.

ولفت إلى أن هذه “النزعة الجيو سياسية” أضحت اليوم أكثر خبثا ومكرا، لكن باهتمام أقل يترسخ في الهند التي يصفها بأنه قوة عظمى أخرى طموحة ومحبَطة.

ويرى ميشرا أن انتشار مشاعر عدمية في الهند، شبيهة بتلك السائدة في روسيا والصين، لم تُقدر حق قدرها. والعدمية اعتقاد بأن كافة القيم والأخلاق ليس لها أي أساس أو قاعدة يمكن الرجوع إليها أو القياس على ضوئها.

واعتبر الكاتب والناقد الهندي أن الجدل الذي أُثير قبل أسبوعين وما تلاه من ردود فعل مثال على ذلك، في إشارة إلى الإساءات التي وجهها متحدثون باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما أحدثته من  موجات غضب في العالم الإسلامي والخليج بصفة خاصة.

وفي تعليقه على تلك الأحداث، يؤكد الكاتب في مقاله أن تصريحات أولئك المتحدثين بدت مألوفة تماما لأولئك الذين ظلوا يراقبون مظاهر التحامل على المسلمين وهي تتجذر خلال 8 سنوات من رئاسة ناريندرا مودي للحكومة في الهند.

ويمضي إلى القول إنه لم يكن مفاجئا أيضا رؤية المتعصبين الهندوس يدعون علانية إلى إبادة أكبر أقلية في البلاد.

وفي غضون ذلك، نظمت بعض وسائل الإعلام الهندية حملة تعاطف مع المتحدثين باسم “بهاراتيا جاناتا” الذين تعرضوا للتوبيخ بسبب تصريحاتهم المسيئة لنبي الإسلام. بل إن نقابة الصحفيين أشارت إلى أن تغطيات بعض القنوات التلفزيونية “كانت مستوحاة على ما يبدو من قيم إذاعة رواندا التي تسبب بثها التحريضي في إبادة جماعية” إبان الحرب الأهلية في تلك الدولة الأفريقية.

بعض وسائل الإعلام الهندية نظمت حملة تعاطف مع المتحدثين باسم “بهاراتيا جاناتا” الذين تعرضوا للتوبيخ بسبب تصريحاتهم المسيئة لنبي الإسلام، بل إن نقابة الصحفيين أشارت إلى أن تغطيات بعض القنوات التلفزيونية “كانت مستوحاة على ما يبدو من قيم إذاعة رواندا التي تسبب بثها التحريضي في إبادة جماعية” إبان الحرب الأهلية في تلك الدولة الأفريقية

صحيح أن منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الدولية قد أبرزت التطرف المتزايد في الهند حتى أن صحيفة نيويورك تايمز حذرت من أن هذه البلاد باتت غارقة في “دوامة العنف وعدم الاستقرار” كما نعتت وصيفتها واشنطن بوست ما يحدث بأنه “تعصب ديني في عهد مودي”. لكن من السهولة بمكان -في نظر الكاتب- رفض مثل هذه الانتقادات باعتبارها تأتي من “غرباء متغطرسين”.

ويزعم الكاتب أن رجال الشرطة والجنود والجواسيس والقضاة والصحفيين والبيروقراطيين ورجال الأعمال والمؤرخين والفنانين ونجوم السينما الهنود جميعهم يعتبرون أنفسهم من أنصار “بهاراتيا جاناتا”.

ويخلص مقال بلومبيرغ إلى أن الأفعال التي وطدت حكم بوتين لروسيا -مثل رأسمالية المحاسيب المقربين، والتضليل الإعلامي المنظم، ووصم الأقليات بالإساءة إلى الأجهزة الأمنية، وقمع المعارضة والاقتصاص غير القانوني- كلها شواهد على ما نراه يحدث اليوم في الهند.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.