أعاد الهجوم الروسي على أوكرانيا مخاوف لدى كثير من الفنلنديين من تكرار الغزو السوفياتي لبلادهم عام 1939، وهو خوف يكفي لتفكيك إستراتيجية فنلندا الممتدة لـ7 عقود من عدم الانحياز، ودفعها لطلب الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ذكر ذلك مراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) سون إنجل راسموسن في تقرير له بالصحيفة، قائلا إن “الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) عندما غزا أوكرانيا سعى إلى تقسيم الناتو وإضعافه، لكن إستراتيجيته هذه أسفرت عن نتائج عكسية تجسدت في فنلندا أكثر من أي مكان آخر”.

ويوضح راسموسن أنه إذا انضمت الدولة الإسكندنافية إلى الناتو -إلى جانب السويد في الأسابيع المقبلة، كما هو متوقع- سيجد بوتين نفسه أمام عضوين عسكريين جديدين في الناتو بجواره، وستزيد حدود بلاده مع الناتو بجرة قلم، بما يساوي 830 ميلا.

عدم القدرة على التنبؤ بسلوك روسيا

ونقل المراسل حديث بعض المسؤولين الفنلنديين عن مخاوف بلادهم بعد اجتياح القوات الروسية للأراضي الأوكرانية؛ فقالت المديرة العامة للشؤون السياسية في وزارة الخارجية الفنلندية والسفيرة السابقة لدى الناتو بيريتا أسونما “أصبحنا غير قادرين -أكثر من أي وقت مضى- على التنبؤ بسلوك روسيا”، وأشارت إلى أنها قلقة من الحديث الفضفاض من روسيا حول استخدام أسلحة الدمار الشامل.

وأوضح راسموسن أن فنلندا بقيت خارج الناتو بعد تشكيله عام 1949 لتجنب استفزاز روسيا، كما استضافت مؤتمر 1973 حول الأمن والتعاون في أوروبا، الذي أدى إلى اتفاقيات هلسنكي. وهي معاهدة دبلوماسية بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا تهدف إلى الحد من التوترات بين الاتحاد السوفياتي السابق والغرب.

وقال إنه لم يكن لدى فنلندا أي شكوك في أن التقارب مع الناتو يجلب ضمانات أمنية. ومنذ منتصف التسعينيات، حرصت فنلندا على أن يكون جيشها قابلا للعمل المشترك مع الناتو، مما يعني أن قواتها يمكنها إجراء عمليات إلى جانب قوات الحلف، واشترت وأنتجت معدات يمكن أن تعمل جنبا إلى جنب مع تلك الخاصة بأعضاء الحلف.

أول خروج من الحياد

وبدأت فنلندا أول خروج رئيسي لها من الحياد عام 1995، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي إلى جانب السويد، وظلت غير منحازة عسكريا، لكنها أصبحت أقرب إلى الناتو وأسهمت في مهمات في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان.

وعزز الغزو الروسي لجورجيا عام 2008 وشبه جزيرة القرم عام 2014 تصميم مسؤولي الأمن الفنلنديين على عدم التهاون، لكن ذلك لم يغير بقاءها خارج حلف الناتو.

ولكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، قفز دعم الفنلنديين لعضوية الناتو إلى 53% في أواخر فبراير/شباط الماضي، من نحو 20%، وإلى 76% في التاسع من مايو/أيار الجاري.

يجب شكر بوتين

ونقل المراسل عن رئيس وزراء ووزير خارجية فنلندا السابق ألكساندر إستاب قوله إن الأشخاص مثله الذين كانوا دائما يؤيدون عضوية الناتو يجب أن يشكروا بوتين، لكن هذا أمر مروع بعض الشيء، فتكلفة الانضمام إلى الناتو مرتفعة إذا كان السبب الحرب في أوكرانيا.

وقال راسموسن إن فنلندا انتهكت سياسة دامت عقودا من عدم شحن الأسلحة إلى مناطق الحرب عندما قررت إرسال أسلحة مضادة للدبابات وبنادق هجومية وطرود غذائية إلى أوكرانيا.

وأضاف أنه ومع تأرجح مزاج فنلندا وراء عضوية الناتو، تعرضت البلاد لهجمات إلكترونية روسية، وانتهكت الطائرات الروسية المجال الجوي الفنلندي أوائل أبريل/نيسان الماضي خلال خطاب ألقاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام البرلمان الفنلندي، ومرة ​​أخرى أوائل مايو/أيار الجاري خلال مناورة عسكرية كبيرة في البلاد شاركت فيها الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.