هيمنت أفلام “ديزني” (Disney) على صناعة أفلام الرسوم المتحركة لقرابة مئة عام، مما يعني ببساطة أن الكثير من الأجيال قد تربت ونشأت على ثقافة هذه الأفلام وما تمرره من رسائل واضحة أو خفية، هذا إضافة بالطبع إلى العالم الخيالي الممتع حيث كل شيء ممكن.

وفقا لموقع “سيكولوجي توداي” (Psychologytoday)، فإنه على الرغم من أن هناك عادة نهاية سعيدة لجميع أفلام ديزني، وأنه من الصعب ألا يحب أحد هذه الأفلام كونها مسلية لكل من الصغار والكبار، فإنه توجد بعض التخوفات القديمة والحديثة حول تأثيراتها السلبية على الأطفال.

ماذا تقول الدراسات عن أميرات ديزني؟

أحد المخاوف الرئيسية من هذه الأفلام هو الرسائل التي تمر عبر شخصيات “أميرات ديزني”، وما قد يكون لهن من تأثير سلبي على صورة الجسد.

توصلت دراسة أجرتها سارة كوين، الأستاذة والباحثة في جامعة “بريغهام يونغ”، إلى أن 50% من الفتيات و29% من الفتيان الصغار يتعاملون مع وسائل الإعلام المتعلقة بأميرات ديزني مرة واحدة على الأقل شهريا، أما من لا يتعاملون مع هذا النوع من الأفلام فهم فقط 4% من الفتيات و13% من الأولاد. وفي ما يلي بعض مما تمرره رسائل “أميرات ديزني” للصغار:

مشهد من فيلم “صوفيا ذا فيرست” (صوفيا الأولى) الذي أنتجته ديزني (غيتي)
  • الخير “النحيف” والشر “السمين”، حيث تتمتع معظم أميرات ديزني بجسم غير واقعي، كما أن نسبة الخصر لديهن أقل من تلك الخاصة بشريرات ديزني، مما يشير إلى أن هذه الأفلام قد تروّج للصورة النمطية التي ترى أن “النحافة طيبة” و”السمنة شريرة”.
  • الشعور بالسوء تجاه الذات، تميل “أميرة ديزني” إلى أن تكون رفيعة جدا مع الملابس الضيقة والأحذية ذات الكعب العالي. وقد توصلت الأبحاث إلى أن مشاهدة هذا النوع من الصور النمطية وغير الواقعية باستمرار في وسائل الإعلام قد تجعل الكثير من النساء غير راضيات عن شكل أجسادهن.
  • أميرات ديزني يروجن للصور النمطية السلبية عن المرأة، إذ يتم تصويرهن على أنهن ضعيفات جسديا وجذابات وخاضعات وخائفات، وأنهن أكثر قيمة من خلال مظهرهن الجسدي مقارنة بالسمات الأخرى.
  • أميرات ديزني يحتجن إلى الرجل لإنقاذهن، ووفقا لموقع “بيبي غاغا” (babygaga) فإنه في معظم كلاسيكيات ديزني، تكون الفتيات في محنة ويحتجن إلى أمراء لإنقاذهن في النهاية، إضافة إلى أن هذا الإنقاذ قد يكون مصحوبا برسائل أخرى مثل تقبيل الأمير (البطل) لها.
  • تعلم تقبل الإساءة، وكمثال على ذلك “بيل” في فيلم “الجميلة والوحش”، فهي عالقة في علاقة مسيئة مع الوحش الذي يحتجز والدها. ولكن بمجرد أن يعتذر الوحش ويظهر قدرا من الاهتمام واللطف، تغيّر “بيل” رأيها بشأنه وتقع في حبه.
  • رجال مفرطون في الذكورة، وغالبا ما يكونون عدوانيين وغير عاطفيين ولديهم مواقف سلبية تجاه النساء.
  • شيطنة الشخص صاحب السلوك السيئ، إذ توصلت إحدى الدراسات إلى أن أفلام ديزني تعمل على شيطنة أي شخص يقوم بسلوك سيئ. وتشير 74% من أفلام ديزني إلى شخص ما على أنه “شرير”، لذلك لا عجب حينما يصف أولادك كل شخص يرتكب خطأ بأنه شرير أو سيئ.
  • القيل والقال ونقل الشائعات، فأفلام ديزني تتضمن في المتوسط 9 حالات في الساعة من العدوان غير المباشر مثل القيل والقال ونشر الشائعات.

أميرات ديزني الحديثات

بدأت أفلام ديزني في السنوات الأخيرة التخلص تدريجيا من هذا النمط السلبي عن صورة المرأة، حيث أصبحت الأفلام تعطي للشخصيات النسائية قيمة كبرى من خلال المهارات والفكر الذي يتمتعن به مثل فيلمي “موانا” و”راية”.

كما وجدت الأبحاث أن أميرات ديزني الحديثات أكثر استقلالية، وأقل تركيزا على العلاقات الرومانسية، ومن الممكن أن يكن “بطلات” مثل الشخصيات الذكورية. ولا يوجد أي فرق بين الشخصيات الأنثوية والذكورية في الذكاء أو القدرة أو حتى في دور القصة.

يلاحظ كذلك تغير شخصيات ديزني من الذكور لتظهر بعض الضعف والعاطفة مثل شخصية كريستوف في فروزن.

وعلى الرغم من هذا التقدم الأخير، فإن عدد الشخصيات الذكورية لا يزال يتفوق على الشخصيات النسائية في أفلام ديزني، إضافة إلى أن العديد من أفلام ديزني لا تنجح في “اختبار بيكدل” (Bechdel)، وهو اختبار يرتكز على البحث في الأعمال الإبداعية الخيالية على شخصيتين لسيدتين تتحدثان مع بعضهما عن موضوع لا يتعلق بأحد الرجال.

معظم أفلام ديزني تتضمن رسائل عن حب النفس وحب الآخرين إضافة إلى موضوعات تتعلق بالأخلاق والقيم (غيتي)

رسائل إيجابية أيضا

وجد البحث الذي قامت به سارة كوين أن الأطفال الذين يتعاملون مع ثقافة الأميرات كانوا أكثر ميلا إلى تبني وجهات نظر تقدمية حول النساء. وكانت كوين قد بحثت الموضوع من خلال دراستين طوليتين.

في الدراسة الأولى، وجد فريقها البحثي أن الأطفال في عمر 4 و5 سنوات الذين شاهدوا الأفلام التي تتضمن أميرات ديزني، أظهروا سلوكا أنثويا نمطيا أكثر بعد عام مثل التركيز على الجمال أو المظهر وإظهار المزيد من اللطف والطيبة والاهتمام بالطهي ورعاية الأطفال.

وعلى الرغم من عدم وجود خطأ في السلوك الأنثوي النمطي، فإن الباحثين أعربوا عن قلقهم من أن الالتزام بهذه الأدوار النمطية للجنسين قد يحد من طموح الأطفال فيما يمكن أن يقوموا به في المستقبل.

وفي الدراسة الثانية التي تابعت ما حدث مع الأطفال عندما كان عمرهم 10 و11 عاما، توصل بحث كوين إلى نتيجة مختلفة. وهي أن الفتيات اللواتي كن أكثر اهتماما بالأميرات في عمر 4-5 سنوات أظهرن في الواقع مواقف أكثر مساواة تجاه النساء، أي رؤية النساء والرجال على قدم المساواة.

وجدت الأبحاث كذلك أن معظم أفلام ديزني تتضمن رسائل عن حب النفس وحب الآخرين، إضافة إلى موضوعات تتعلق بالأخلاق والقيم.

تحتوي أفلام ديزني أيضا على ما معدله فعل اجتماعي إيجابي واحد في الدقيقة، مثل المساعدة أو التعاون أو المشاركة أو التعزية أو العطاء للآخرين. وهذا يرتبط بسلوكيات ومواقف أكثر إيجابية عند الأطفال.

علّم أطفالك كيف يشاهدون الأفلام

وفي حوارها مع مجلة “التايم” (TIME) الأميركية حول نتائج دراستها، تقول كوين: يجب أن نعلم أطفالنا أن يكونوا مشاهدين ناقدين. عندما سألنا الأطفال عن الأميرة المفضلة لديهم ولماذا في الدراسة الأولى، كانت الإجابة الأولى التي أحبطتنا “أحب رابونزيل لأنها شقراء”، في حين أعطى أحد الأطفال إجابة أخرى وهي “مولان لأنها أنقذت الصبيين”.

تقول كوين إننا بوصفنا آباء نتحمل مسؤولية التحدث عن وسائل الإعلام مع أطفالنا، لمساعدتهم على اتخاذ خيارات جيدة، ومساعدتهم على أن يصبحوا مشاهدين ناقدين.

وعما إن كان هناك شيء يجب أن تفعله ديزني بشكل أفضل فيما يتعلق بمحتوى الأميرات، تقول كوين “إنهم يقومون بعمل جيد من حيث تمثيل العرق والإثنية، ولكن ما زال تمثيل حجم الجسم وشكله غير واقعي ويحتاج إلى تعديل”.

وتضيف “يمكن القول إن موانا هي الأميرة الوحيدة ذات حجم الجسد المتوسط، في حين أننا لا نرى مطلقا أي أميرات بحجم جسد كبير”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.