مقدمة الترجمة:

كانت باكستان، ذات يوم قريب، حليفة مقربة من الولايات المتحدة، بيد أنها باتت اليوم تتمتع بعلاقات أوثق مع بكين، المنافسة الأشرس لواشنطن. وتراهن باكستان على أن انخراطها مع الصين تحت مظلة “مبادرة الحزام والطريق” سيحقق لها الرخاء والاستقرار، وسيُجنِّبها سيناريو كارثيا مشابها لما حدث في سريلانكا مؤخرا. وذلك ما يناقشه هذا التحليل الذي نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، وأعدَّه كلٌّ من “حسين حقاني”، مدير منطقة جنوب ووسط آسيا في معهد “هَدسون” والسفير الأميركي السابق في باكستان، و”جاويد أحمد”، الزميل البارز في المجلس الأطلسي، والباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، والسفير الأفغاني السابق لدى الإمارات.

 

نص الترجمة:

في يوليو/تموز من العام الجاري، أطاحت انتفاضة شعبية في سريلانكا بالحكومة وجعلت رئيسها يفر هاربا إلى المنفى. وقد نضجت هذه الثورة على نيران هادئة طيلة أشهر في أعقاب الانهيار الاقتصادي للبلاد، بيد أنها مع ذلك فاجأت متابعي الشأن السريلانكي. ففي مشاهد سريالية، استولى المتظاهرون على القصر الرئاسي، ونزلوا إلى مسبح القصر، وتناولوا عشاءهم في مطبخه، وتجولوا بين حجرات نومه، وعقدوا اجتماعات تمثيلية هزلية في غرف اجتماعاته. وصدمت هذه الصور الاقتصادات المتعثرة في بلدان جنوب آسيا، من “دَكا” عاصمة بنغلاديش وحتى “إسلام آباد” عاصمة باكستان، إذ نظرت الحكومات في المنطقة إلى الفوضى في “كولومبو”، وتساءلوا عمَّا إذا كان الدور سيأتي عليهم.

احتجاج مناهض للحكومة السريلانكية نظمه اتحاد الطلاب المشترك بين الجامعات، وسط الأزمة الاقتصادية في البلاد (رويترز)

نشأ هذا الوضع الصعب في سريلانكا جراء انهيار اقتصادها في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وأزمة الديون الهائلة. ويُمثِّل هذا الوضع درسا مريرا للاقتصادات المتخبطة التي تمر بالأوضاع نفسها، لا سيما تلك التي تعتمد بشدة على الصين على غرار سريلانكا. ولذا فإن كارثة سريلانكا أتت بمنزلة “قرصة أذن” لباكستان بالتحديد، إذ إنها شديدة الاعتماد على القروض الصينية. لقد عقدت باكستان الكثير من آمالها في التنمية على جذب الاستثمارات الصينية، ولكن رغم ارتفاع تكاليف الاقتراض، لا يزال القادة الباكستانيون يعتقدون بأن رهان بلادهم على الصين رهان مُجدٍ. وفي حال إذا ثبت خطؤهم، فإن العلاقة مع الصين تُهدد بتعريض باكستان لاضطرابات سياسية في ظل تراجع اقتصادي خطير بالفعل.

 

بالنظر إلى حجم باكستان، هناك أشياء على المحك أكبر بكثير مما كانت عليه الأمور في سريلانكا. تُعَدُّ باكستان موطنا لخامس أكبر تعداد سكاني في العالم، ويبلغ حجم اقتصادها 340 مليار دولار. وقد انخفضت إنتاجيتها الاقتصادية في السنوات الست الماضية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث انكمشت العائدات المحلية والاحتياطي الأجنبي، وانخفضت قيمة العملة المحلية، وزادت البطالة، وتفاقم الفساد السياسي. هذا وتضاعف تقريبا إجمالي الدين الخارجي للبلاد منذ عام 2016، حيث وصل إلى رقم ضخم بلغ 131 مليار دولار. وبينما يدق ناقوس الخطر؛ يرفض قادة باكستان المتشاحنون فيما بينهم الانتباه لما يحيق بهم.

 

تسعى باكستان جاهدة لتجنُّب التخلُّف عن سداد ديونها، ولذلك شهدت البلاد فورة في الاقتراض لتمويل نفقاتها والوفاء بسداد الديون. ففي يونيو/حزيران، اقترضت الحكومة الجديدة والهشَّة 2.3 مليار دولار إضافية من الصين لدعم الاحتياطي الأجنبي لديها، كما تفاوضت مع صندوق النقد الدولي على استئناف حزمة الإنقاذ البالغة ستة مليارات دولار، وانطوت هذه الحزمة على رفع أسعار المحروقات والكهرباء، وهي تدابير غير مُرحَّب بها أثارت غضبا شعبيا. وقد حاولت الحكومة جعل الباكستانيين يتقبَّلون واقع الظروف العصيبة، وحثَّتهم على تقليل شرب الشاي للمساعدة في خفض نفقات البلاد الضخمة على استيراد الشاي والبالغة 600 مليون دولار. ورغم أن هذه التدابير قصيرة الأمد ربما توفر لباكستان بعض الوقت، فإنها لن تضمن لاقتصاد البلاد أن يقف على قدميه.

 

تواجه باكستان إذن احتمالية وقوع تداعيات أخطر بكثير من سريلانكا، فقد تصاعد اضطراب الأوضاع السياسية في البلاد في السنوات الأخيرة بسبب تصرفات قادتها، وتغوُّل سلطان الجيش، وحِدَّة الاستقطاب الشعبي، وقد تنفجر قنبلة المظالم الموقوتة حين يصبح الباكستانيون أكثر غضبا وفقرا.

 

إسرائيل الصينية

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يستعرض حرس الشرف خلال حفل ترحيب مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ
رئيس الوزراء الباكستاني السابق “عمران خان” ورئيس الوزراء الصيني “لي كه تشيانغ” 2019 (رويترز)

يجب أن تتضمن أي دراسة للوضع المالي الباكستاني المحفوف بالمخاطر، وجود الصين في البلاد، إذ إن إسلام آباد تدين بربع دينها الخارجي تقريبا لبكين. بيد أنه ما من قائد باكستاني جرؤ على التشكيك في علاقة البلاد غير المتكافئة مع جارتها الشمالية، بل وأخرسوا جميع الأصوات التي انتقدت الصين. وفي حين تُسارع باكستان بتوجيه اللوم إلى جارتها الهندية على تهميشها الأقلية المسلمة في البلاد وشنها الهجمات ضد المسلمين، فإنها رفضت إدانة سوء المعاملة الجماعية التي تنتهجها الصين بحق السكان المسلمين من أقلية الإيغور.

 

بحسب التقارير، وصف مسؤول صيني ذات مرة لنظيره الأميركي باكستان بأنها “إسرائيل الصينية”، تدليلا على متانة التحالف الصيني-الباكستاني. وتُعَدُّ الركيزة الأساسية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين هي التعهدات الصينية باستثمار 62 مليار دولار -ما يعادل تقريبا خُمس الناتج المحلي الإجمالي لباكستان- في “الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني”، وهو المشروع الأكبر المُخصَّص لدولة واحدة ضمن برنامج بكين لاستثمارات البنية التحتية حول العالم، والمعروف بـ”مبادرة الحزام والطريق”.

 

يتضمن الممر الاقتصادي، الذي أُعلِن إطلاقه عام 2015، تطوير شبكة بنية تحتية واسعة النطاق في باكستان، ويشتمل على تدشين ميناء بحري كبير، ومشروع سكك حديدية بقيمة 7.2 مليارات دولار، وشبكة مترو أنفاق في “لاهور” بقيمة ملياري دولار، ومحطات لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وتدشين مئات الأميال من كابلات الألياف الضوئية بين البلدين (سيبنيها ويديرها عملاق الاتصالات الصيني “هواوي”)، بالإضافة إلى إقامة عدد من المناطق الاقتصادية الخالصة. وتفوق هذه الالتزامات الصينية مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في باكستان والمساعدات الأجنبية المُقدَّمة لها من خارج الصين مجتمعة، بما فيها تلك القادمة من الولايات المتحدة.

 

إن حجم التدخل الصيني هائل، لكن تداعيات ذلك تتفاوت باستمرار. فقد عززت هذه الاستثمارات، على نحو ملحوظ، نفوذ الشركات الصينية والمواطنين الصينيين في العملية السياسية في باكستان. وفي غضون ذلك، وافقت الحكومة الباكستانية على دفع تكاليف إضافية بقيمة ثلاثة مليارات دولار نظير محطتين لتوليد الكهرباء (تُشرف الصين على بنائهما)، ومنحت المشروعات الصينية إعفاءات ضريبية شاملة، مما تسبَّب في خسارة للدخل القومي. ولأن معظم هذه المشروعات تتطلب مُعدَّات من الصين، ارتفعت قيمة الواردات الباكستانية ارتفاعا كبيرا. وفي هذه الأثناء، لم تُقدِّم المشروعات الصينية الكثير لتعزيز توظيف الباكستانيين في وطنهم، حيث تُفضِّل شركات صينية عديدة جلب عمالتها الخاصة وتسكينها في مُجمَّعات سكنية حديثة البناء، حيث لا يتعاملون مع السكان المحليين إلا نادرا. وفي بعض الحالات، نتج عن الاستثمارات الصينية استيلاء على أراضٍ باكستانية، وتهديد الصيادين الباكستانيين في قوت يومهم، وتشريد العشرات من السكان المحليين، مما أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار.

 

شيئا فشيئا، ينتبه الباكستانيون إلى مشكلة التورط الشديد بهذا الشكل مع ماكينة استثمارات بكين في الخارج. فقد تلاشت بهجة البدايات، وبدأ القادة الباكستانيون ينظرون بعين الريبة إلى حجم الديون التي تدين بها باكستان، لا سيما أن الصين باتت أكثر إحجاما عن الاستثمار في باكستان طيلة العامين الماضيين، بسبب المخاوف الأمنية والقلق بشأن عائدات الاستثمارات. ورغم اتفاق التجارة الحرة مع الصين، فإن الصادرات الباكستانية راكدة إلى حدٍّ كبير، ففي السنة المالية 2020-2021، بلغ حجم التجارة البينية أكثر من 17 مليار دولار، ولم تُشكِّل الصادرات الباكستانية منها سوى 2.3 مليار دولار. وفي قطاع الطاقة، عانت الحكومة الباكستانية لسداد فاتورة متأخرة لصالح منتجي الطاقة الصينيين تجاوزت قيمتها 1.5 مليار دولار. هذا وسَعَت باكستان إلى الحصول على المزيد من القروض الصينية لسداد هذه التكاليف، وأشارت تقارير إعلامية إلى أن أكثر من 24 شركة صينية تتولَّى تشغيل مشروعات الطاقة في باكستان، وأنها هدَّدت بتجميد نشاطها إذا لم تُسدد المبالغ المستحقة المتأخرة.

 

أزمة ميناء جوادر

Chinese Ambassador to Pakistan, Sun Weidong (C), poses for pictures with members of his staff and crew of the first container ship to depart after the inauguration of the China Pakistan Economic Corridor port in Gwadar, Pakistan November 13, 2016. REUTERS/Caren Firouz
أول سفينة حاويات تغادر بعد افتتاح ميناء الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني في جوادار، باكستان 2016 (رويترز)

تُعَدُّ المشكلات المتعلقة بميناء “جوادر” مثالا على مشكلات باكستان التي تلوح في الأفق. فقد ركَّزت الصين تركيزا خاصا على بناء “جوادر”، وهو ميناء بحري على ساحل بحر العرب في محافظة “بلوشستان”، ويُبشِّر بتوسيع نطاق الوصول إلى الشرق الأوسط. وجرى تأجير “جوادر” لصالح الحكومة الصينية لمدة 40 عاما بدأت في 2017، وتُشغِّل الميناء الشركة الصينية للموانئ الأجنبية القابضة (فرع باكستان)، وهي شركة صينية مملوكة للدولة وتحصل على 91% من أرباح الأنشطة الجارية في الميناء.

 

ومع ذلك، منذ تولَّت الشركة الصينية زمام الأمور، أحرز الميناء تقدُّما طفيفا في تنمية أعماله التجارية المُدِرَّة للربح. ومن الواضح أن السفن الصينية التي تتردد على الميناء بانتظام حملت أقل بكثير من الحمولة السنوية المُفترضة البالغة 13 مليون طن، كما لم تُعالج الشركة المُشغلة للميناء مشكلات أساسية مثل إمدادات المياه وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. وبدلا من ذلك، ركَّزت الشركة الصينية على توفير إمدادات المياه والطاقة لعدد قليل من الشركات الصينية الأخرى التي تعمل في الميناء ومحيطه. وللمفارقة، أخَّر الافتقار الحالي إلى المياه والكهرباء على مدار السنوات الماضية من إنشاء محطة “جوادر” لتوليد الكهرباء والمُخطَّط لها توفير 300 ميغاوات من الطاقة. علاوة على ذلك، رفضت الشركة تمويل إنشاء محطة لتحلية المياه لسكان “جوادر” كما تعهَّدت من قبل، وطالبت بأن تقوم باكستان بهذه المهمة، ولا يزال السكان يعتمدون على خزانات المياه باهظة التكلفة لتلبية حاجاتهم حتى الآن.

 

على غرار تعثر ميناء “هَمْبَـنتوتا” السريلانكي المدعوم من الصين في توفير تكاليفه، فشل ميناء “جوادر” في جذب حركة ملاحة بحرية كثيفة. ولربما بدا استثمار الصين الضخم في الميناء انتصارا رمزيا لباكستان، لكن قصور النمو الاقتصادي في البلاد والاضطرابات في أفغانستان المجاورة -التي كان متوقعا أن تمر السلع بريًّا عبرها من جوادر إلى آسيا الوسطى- أثَّرت على الأعمال التجارية.

A general view of Gwadar port in Gwadar, Pakistan October 4, 2017. Picture taken October 4, 2017. REUTERS/Drazen Jorgic
ميناء جوادر (رويترز)

تقبع خلف هذه الشكوك الاقتصادية مخاوف كثيرة في الهند والغرب بشأن نِيَّات الصين لتدشين قاعدة بحرية في “جوادر”، ما قد يتحوَّل إلى استخدام مزدوج للميناء، بحيث تُديره الصين باعتباره منشأة تجارية وعسكرية في آنٍ واحد. إن ميناء مزدوج الاستخدام بهذا الشكل سيُعزِّز قوة الصين البحرية في المحيط الهندي، ويضيف إلى وجودها البحري القوي في جيبوتي. أما باكستان فتحافظ على وجودها البحري في جوادر، وقد نشرت ما يزيد على 15 ألف جندي في المنطقة لتوفير الأمن للصينيين هناك.

 

في غضون ذلك، تزايدت التهديدات ضد المشروعات الصينية والمواطنين الصينيين رغم الضمانات الأمنية الباكستانية، إذ استهدف القوميون البلوش وغيرهم من الجماعات المسلحة مواطني الصين العاملين هناك. ففي إبريل/نيسان، هاجمت انتحارية باكستانية معهد كونفوشيوس الصيني في مدينة “كراتشي”، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص يحملون الجنسية الصينية. كما وقع تفجير آخر في فندق بجنوب غربي مدينة “كويتَّا” مستهدفا السفير الصيني. وفي يوليو/تموز 2021، قُتل تسعة مهندسين صينيين جراء انفجار حافلة. وتسببت هذه التهديدات والانتشار العسكري المتزايد في بلوشستان إلى إضعاف رغبة الصين في الاستثمار في المقاطعة، التي تُعَدُّ أفقر مقاطعة في باكستان.

 

بكين-إسلام آباد: التحالف الصلب

مع هذه الصعوبات، لا تزال الصين وباكستان شريكتين مقربتين، ورغم نفي السلطات الصينية والباكستانية أيَّ خطط لتسليح ميناء “جوادر”، فإن الصين في الأخير تظل أكبر مورد للأسلحة إلى باكستان. فقد زوَّدت بكين باكستان بـ70% من وارداتها من الأسلحة بين عامي 2010-2019، التي بلغت قيمتها أكثر من خمسة مليارات دولار. وبين عامي 2017-2021، بلغ نصيب باكستان من إجمالي صادرات الأسلحة الصينية عالميا نسبة مذهلة وصلت إلى 47%.

 

صار هذا التعاون أوضح من ذي قبل حين جلبت الصين مبادرة الحزام والطريق إلى باكستان. ويبدو أن الصينيين يساعدون باكستان في الاستعداد لحرب تقليدية محتملة مع الهند، إذ يمدُّونها بمجموعة كبيرة من الطائرات المقاتلة، والمُسيرات المسلحة، وأنظمة الدفاع الجوي، والغواصات، والسفن المقاتلة، ومروحيات النقل والاستطلاع، والدبابات، والذخيرة الموجهة، علاوة على تزويد باكستان بأنظمة صواريخ باليستية، فيما يُعَدُّ انتهاكا لاتفاق “نظام ضبط انتشار تكنولوجيا الصواريخ” (Missile Technology Control Regime)، الذي يشمل 35 دولة مُلزمة بألا تنتشر تقنيات صناعة الصواريخ حول العالم.

 

في إبريل/نيسان، أعلن قائد الجيش الباكستاني اللواء “قمر جاويد باجوا”، أن تعاون بلاده مع الصين “يتنامى”، ووبَّخ الغرب لرفضه الاستثمار في الجيش الباكستاني وخطط البنية التحتية لبلاده. وقد رفع الجيش إنفاقه هذا العام إلى أكثر من 11% رغم المتاعب المالية في البلاد، وفي غضون ذلك، ومع الهجمات المتزايدة على حاملي الجنسية الصينية، بدأت الصين في إيفاد شركات أمنية خاصة لحماية مصالحها.

MUNICH, GERMANY - FEBRUARY 17: Pakistan's Chief of Army Staff Qamar Javed Bajwa delivers a speech at the 2018 Munich Security Conference on February 17, 2018 in Munich, Germany. The annual conference, which brings together political and defense leaders from across the globe, is taking place under heightened tensions between the USA, together with its western allies, and Russia. (Photo by Sebastian Widmann/Getty Images)
قائد الجيش الباكستاني اللواء “قمر جاويد باجوا”

تراهن باكستان على حقيقة أنها أهم بكثير بالنسبة إلى الصين، وبقية العالم، من سريلانكا، إذ إن التداعيات العالمية للفوضى السياسية في باكستان، في أعقاب انهيار اقتصادي مشابه، ستكون أشد وطأة من تلك التي نتجت عن الأوضاع في سريلانكا، مما يرفع آمال الباكستانيين في أن القوى الكبرى ستتدخل للحيلولة دون انهيار بلادهم. ولا يستبعد ذلك احتمالية أن يؤدي نقص الوقود والكهرباء إلى اضطرابات شعبية هائلة، وقد يشتعل العنف في الشوارع بين الأحزاب السياسية الكبرى، التي تُلقي باللوم بعضها على بعض في المأساة التي حلَّت بشعبها. أما الجيش، الذي طالما قال الكلمة الفصل في السياسة الباكستانية، فقد لا تروقه فكرة الاضطرار إلى إطلاق النار على مواطنين باكستانيين لقمع المتظاهرين الغاضبين.

 

يتصرَّف القادة الباكستانيون برؤية قاصرة مشابهة لتلك التي تصرَّف بها الساسة في سريلانكا. وبسبب صراعات القادة الباكستانيين المستمرة على السلطة، إلى جانب غطرسة الجيش الذي يرفض تغيير نماذج السياسة الخارجية التي تتبعها البلاد منذ عقود مضت، صارت باكستان معتمدة اعتمادا شديدا على الصين. كما أن الدعم الباكستاني لبعض الجماعات الجهادية مثل حركة “طالبان” الأفغانية قد نفَّر الحكومات الغربية من تعزيز علاقاتها مع إسلام آباد، مما جعل تعاونها أقل بكثير مع بلد كان حليفا مُقرَّبا من الولايات المتحدة يوما ما.

————————————————————————————–

هذا المقال مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

ترجمة: هدير عبد العظيم.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.