اكتشف فريق من علماء الآثار الإندونيسيين والأستراليين، بمن في ذلك أكاديميون من جامعة غريفيث (Griffith University) وجامعة غرب أستراليا (University of Western Australia)، أقدم دليل معروف على بتر جراحي في كهف من الحجر الجيري في جزيرة بورنيو، ويعود تاريخه إلى ما لا يقل عن 31 ألف عام مضت.

وقد حطمت النتائج التي نشرت في دورية “نيتشر” (Nature) بتاريخ السابع من سبتمبر/أيلول الجاري الرقم القياسي لأقدم دليل معروف سابقا على “عملية ” أجريت لبتر ذراع مزارع بترا جراحيا من موقع من العصر الحجري الحديث في فرنسا قبل 7 آلاف عام خلت.

عملية بتر متعمد

ووفق البيان الصحفي الذي نشر على موقع جامعة غرب أستراليا في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري، فقد عثر فريق الباحثين على بقايا هيكل عظمي بشري لشاب بالغ تم استئصال طرفه الأيسر السفلي جراحيا، ربما عندما كان طفلا. كذلك عثروا على أدلة تظهر أن المريض نجا من العملية وعاش ما لا يقل عن 6 إلى 9 سنوات أخرى قبل الدفن المتعمد داخل كهف ليانغ تيبو (Liang Tebo cave) في شرق كاليمنتان.

وشاركت الدكتورة إنديا إيلا ديلكس هول، من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة غرب أستراليا وزميلة مؤسسة “فورست بروسبكت”، في قيادة عمليات التنقيب في كهف ليانج تيبو عام 2020، وقالت إن هذا “الاكتشاف الاستثنائي” ما هو إلا دليل على أن البشر المعاصرين الأوائل كانت لديهم معرفة ومهارات طبية أكثر تقدما بكثير مما كانت عليه في الأصل”.

وأضافت “كان الرأي السائد حول تطور الممارسة الجراحية هو أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بظهور المجتمعات الزراعية منذ نحو 10 آلاف عام، خلال ما يعرف باسم ثورة العصر الحجري الحديث، مما أدى إلى ظهور مجموعة من المشكلات الصحية لم تكن معروفة من قبل. ويوضح اكتشافنا للبتر المتعمد حيازة تلك المجتمعات لمستوى متقدم من الخبرة والمهارات الطبية”.

واكتشف الباحثون الدفن البشري أثناء رحلة بحث فريق صغير من علماء الآثار، بدعم من مرشدين محليين ذوي خبرة، عن أدلة على وجود مجموعات بشرية في التضاريس الكارستية الوعرة التي تستضيف بعض أقدم الفنون الصخرية في العالم. ووُضعت 3 صخور من الحجر الجيري كعلامات دفن فوق الرأس وكل ذراع للشخص الذي تم الكشف عنه مستلقيا على ظهره في “وضع مرن عمدا”.

وقد تم التنقيب عن الرفات البشرية وغير ذلك من المصنوعات اليدوية بموافقة من الحكومة الإندونيسية، ومن ثم نُقلت جوا إلى جامعة غريفيث في كوينزلاند بأستراليا، حيث أكد تحليل أكثر تفصيلا من قبل الدكتور ميلاندري فلوك حدوث البتر.

الدكتورة إنديا إيلا ديلكس هول أثناء التنقيب في كهف ليانغ تيبو (جامعة غرب أستراليا)

أداة جراحية ومعرفة بالعلاجات النباتية

تقول الدكتورة ديلكس هول “تشير الأدلة إلى أن الشخص، الذي لم نتمكن من تحديد جنسه، قد أزيلت ساقه اليسرى السفلية في بتر جراحي متعمد لعظم القصبة والشظية البعيدة”، و”لم يكن هناك أي دليل على إصابة ذلك الطرف، فالإصابة من أكثر المضاعفات شيوعا للجرح المفتوح من دون علاج مطهر، وذلك يشير إلى المعرفة البيئية التقليدية للعلاجات الطبية النباتية آنذاك”.

ونفى الدكتور تيم مالوني من جامعة غريفيث أن تكون الساق قد فقدت في حادث أو أثناء هجوم حيوان، وذلك لعدم وجود أي آثار لسحق في العظام. وقال الدكتور مالوني “تغطي العظام المعاد تشكيلها أسطح البتر عند التئامها”، و”تشير هوامش القطع إلى استخدام أداة حادة، مع وجود حواف حجرية وصدفية تعزز احتمال استخدام أداة ما، وذلك على الرغم من أن الطبيعة الدقيقة للأدوات الجراحية لا تزال غير معروفة”.

وقالت الدكتورة ديلكس هول “يخالف علماء الآثار الرأي العام في موضوع البشر الحديثين الأوائل ومجتمعات البحث عن العلف غير المستقرة، إذ يرون أن المعرفة الشاملة بالتشريح البشري وعلم وظائف الأعضاء والإجراءات الجراحية إلى جانب التمكن من استخدام النباتات الطبية قد تطورت على مدى زمن أطول من ذلك بكثير، وانتقلت عبر الأجيال من خلال التقاليد الشفوية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.