قدم دي بالما نبوءته ومضى، لتثبت الأيام صحتها، وتعلو الأصوات بانتقاد الحلم الأميركي، بل والسخرية منه في عشرات الأفلام.

يعكف المخرج الهوليودي لوكا غوادانينو على مراجعة السيناريو الجديد لفيلم “الوجه ذو الندبة” (Scarface)، والذي انتهى الأخوان جويل وإيثان كوين من كتابته استعدادا لإعادة تقديم سيرة توني مونتانا للمرة الثالثة بعد النسخة الأولى التي قدمها عام 1932 المخرج هوارد هوكس، والنسخة الثانية التي كتبها أوليفر ستون وقدمها برايان دي بالما، والتي كانت من بطولة آل باتشينو، وتحولت إلى واحدة من أهم كلاسيكيات هوليود على مدار تاريخها.

ويأتي اختيار صناع النسخة القادمة من حياة توني مونتانا؛ مهما في الذوق الهوليودي والجماهيري، حيث تمت الاستعاضة عن آل باتشينو ذي الأصول الإيطالية بترشيح الممثل الأميركي من أصل أفريقي مايكل بي جوردان، وعن دي بالما الإيطالي بمواطنه غوادانينغو مخرج فيلم “نادني باسمك” (Call me by your name) والذي رُشح للأوسكار 2018، وفاز بجائزة أفضل سيناريو مقتبس.

أسباب للنجاح

استحقت تجربة “الرجل ذو الندبة” إعادة صنعها، ليتم التصوير في لوس أنجلوس فقط بدلا من إشراك ميامي، وتغيير طبيعة عمل العصابات طبقا لتطور الواقع الاجتماعي كما حدث في تجربة آل باتشينو، حيث تغير نوع المخدر الذي تهربه عصابة مونتانا في فيلم دي بالما، واختلف عن ذلك الذي استخدمته العصابة نفسها في فيلم هوارد هوكس.

يدعم باتشينو التجربة الجديدة للفيلم، في تصريح سابق للصحف تعليقا عليها، حيث قال “طبيعي أن تعاد تجربة مثل هذه، إنها مهنتنا أن نعيد تصوير الأحداث والعالم”.

النسخة الجديدة من فيلم العصابات الأشهر تتابع بطل العمل” توني مونتانا” في رحلته، حيث تمكن من مغادرة كوبا خلال هجرة جماعية عام 1980، ووجد نفسه في مخيم للاجئين في فلوريدا مع صديقه الذي خطط معه للقيام معا بجريمة قتل لصالح أحد الأشخاص مقابل تسهيل حصولهما على البطاقة الخضراء للإقامة في الولايات المتحدة.

ويعمل ” توني” لدى تاجر المخدرات فرانك لوبيز، ويُظهر قوته عندما تسوء صفقة مع تجار المخدرات الكولومبيين، ويقدم مستوى جديدا من العنف بين عصابات تهريب المخدرات وتوزيعها، ويتصاعد مع ذلك العنف إحساسه بالكبرياء والرغبة في تأكيد سيطرته على محيطه، وبالفعل يصل إلى القمة، لكن كبرياءه يجعله هدفا للجميع.

وبدأ العمل على استكمال سرد قصة توني مونتانا منذ 10 أعوام، وكانت الفكرة الأساسية هي استكماله بجزء ثاني وبالبطل نفسه آل باتشينو، لكن الفكرة استُبدلت بها إعادة سرد القصة نفسها، وبشكل مختلف وبطل جديد، ثم كُتب السيناريو أكثر من مرة حتى استقر بين يدي الأخوين جويل وإيثان كوين، اللذين أنهيا الكتابة مع بداية الإغلاق العام في 2020 بسبب أزمة تفشي كورونا وتوقف كافة مشروعات هوليود، لكن استئناف العمل في مختلف المجالات شجع الشركة المنتجة على استئناف العمل في الفيلم.

الكبرياء والكابوس

كان “الوجه ذو الندبة” هو بداية مشوار التميز لأسطورة هوليود آل باتشينو الذي استوحى أداءه من شخصية رجل العصابات آل كابوني الحقيقية والتي جسدها بول موني في نسخة عام 1932.

وقد كشف الفيلم عن طبيعة جيل عصابات تهريب الكوكايين في ثمانينيات القرن الماضي وطبيعة العلاقات والصراعات والقيم التي تحكم ذلك الجيل.

وحقق الفيلم نجاحا عالميا دفع بالممثل المصري أحمد زكي لتقديم نسخة من العمل نفسه تحت اسم “الإمبراطور”، لكن المفارقة التي صادفها النجم آل باتشينو نفسه كانت قاسية، إذ قدم عملين فاشلين بعد “الوجه ذو الندبة” كادا أن يدفعا به إلى خارج المنافسة في هوليود، وهما “ثورة” (Revolution) و”بحر الحب” (Sea of Love).

وكان النجاح الذي حققه الفيلم محدودا في بداية عرضه عام 1983، لكن مرور السنوات دفع به إلى المقدمة، ليس فقط بسبب كمية الدماء والمخدرات الصادمة والرصاص في العمل، لكن أيضا بسبب قسوة الفكرة التي عرضها برايان دي بالما، وعدم استعداد الجمهور الأميركي لتصديقها في تلك اللحظة، إذ مثل العمل أقوى جملة نقدية وجهت للحلم الأميركي سينمائيا في تاريخه.

رقصة الدم

قدم دي بالما مع أوليفرستون (كاتب السيناريو) ما يشبه رقصة دموية على جثة الحلم الكابوسي مع خطوط درامية تعد خروجا على نسيج الفيلم مثل خط الترابط الأسري، ومحاولة الأم اليائسة والبائسة لإيقاظ الضمير الميت لابنها، الذي ولد وحشا يتكلم بصوت قاس، وفي صراعاته، تكون رصاصاته حاضرة دائما والتي لا تميز بين الأعداء والأصدقاء.

جمع ستون ودي بالما بين متعة السرد البصري والإيقاع اللوني والزمني في العمل مع تلك المخاوف والمشاعر المتضاربة للمشاهد نتيجة للتحولات الدرامية السريعة داخل دراما العمل، وهو ما أنتج وجبة سينمائية ماتعة ومحيرة في ذات الوقت.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.