على الرغم من الشكوك المستمرة لدى البعض حول رأي الدين في العملات الرقمية، فإنها اكتسبت جاذبية تتوسع لدى المستثمرين في العالم الإسلامي، وفي المقابل تهدف الشركات إلى تقديم خدمات إسلامية كي يترسخ التشفير في الشرق الأوسط والعالم النامي.

نشر موقع “ميدل إيست آي” (middleeasteye) البريطاني تقريرًا للكاتب شون ماثيوز، تحدّث فيه عن الشركات التي تهدف إلى تقديم خدمات ماليّة إسلامية في مجال التشفير الذي أصبح يكتسح الشرق الأوسط والعالم النامي. ومع انتشار هذه الأصول الرقمية، دخل المسلمون السوق، لكنهم -مثل المستثمرين الآخرين- يواجهون تقلبات حادة في الأسعار، إلى جانب المخاوف الدينية.

وذكر الكاتب أن الإسلام يضع مبادئ توجيهية صارمة بشأن التمويل، وربما كان أشهرها تحريم الفائدة (الربا). وفي حين أن الخدمات المصرفية التقليدية تعمل في النظام منذ عدة قرون، فإن العملة المشفرة هي أصول جديدة نسبيًّا.

وأضاف الكاتب أن بعض شركات الإقراض تفسر “عدم اليقين المفرط” في أسعار العملات المشفرة على أنه شكل من أشكال المقامرة، مبينًا أن هناك الكثير من الآراء المختلفة بين العلماء، ومجموعة واسعة من المجموعات التي تصدر الشهادات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لكن لا يزال تغيير الطريقة التي ينظر بها الأفراد في الأسواق الإسلامية إلى العملات المشفرة يمثل تحديًا رئيسيًّا لهذه الصناعة.

وأفاد الكاتب بأنه في عام 2021، احتلت باكستان المرتبة الثالثة عالميًّا في اعتماد العملات المشفرة، وجاءت الهند -التي يبلغ المسلمون 15% من سكانها- في المرتبة الثانية.

ونقل الكاتب عن إبراهيم خان، المؤسس المشارك لـ”إسلاميك فايننس غورو” (IslamicFinanceGuru)، وهي منصة تركز على الاستثمار الحلال: “في هذه المرحلة هناك شرائح ضخمة من المسلمين تستخدم العملات الرقمية”.

وأشار الكاتب إلى أن المنصة تحتفظ بقائمة تشغيل للأصول الرقمية الحلال، والتي يقول خان إنها أصبحت “قناة رئيسية” لعالم التشفير الإسلامي، وأضاف خان: “المنتجات التي تعتبر حلالا لها بالتأكيد مزية لدى المستثمرين المسلمين”، كما أوضح أيضًا أن الشركة تقوم باستشارة علماء الشريعة وتحدد ما إذا كانت العملة مرتبطة بنشاط محرم إسلاميًّا، مثل الفائدة المركبة أو تجارة الخمور، وبّين أن الأسماء المعروفة للعملات الرقمية مثل “بيتكوين” و”إيثريوم” و”تيذر” تعتبر حلالًا.

ولفت الكاتب إلى ما قاله خان من أن: “هناك رغبة بين مستثمري العملات الرقمية المسلمين في الحصول على منتجات ومصنفات مالية حلال، أو على الأقل الحصول على منتجات مستنيرة بالمبادئ الإسلامية”.

الأكثر حلالا على الإطلاق

وأورد الكاتب أن عددًا قليلًا من الشركات الناشئة في هذا المجال انتهزت الفرصة، وتحاول أن تتعدى مسؤوليتها مجرد فحص العملات، مبينًا أن إحدى هذه الشركات هي “مرحبا-دي فاي” (Marhaba De-Fi) التي تم إطلاقها في ديسمبر/كانون الأول 2021، وتصف نفسها بأنها النظام الاقتصادي المالي اللامركزي الحلال الأول في العالم.

ونبَّه التقرير إلى أن “مرحبا-دي فاي” ستطلق هذا الصيف آلية الرهان الحلال، وهي عملية يقوم فيها المشاركون بتثبيت عملاتهم لدعم “بلوك تشين” للعملة والتحقق من المعاملات، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستعزز قيمة العملة، وفي المقابل يتم الدفع للمشاركين بعملات معدنية جديدة.

وبحسب الكاتب، فقد قال خالد هولدار رئيس مجلس إدارة “مرحبا-دي فاي” في دبي، لموقع “ميدل إيست آي”، إن بعض أشكال الرهان تثير الاهتمام، مشيرًا إلى أن هذا ممنوع وفقًا للتمويل الإسلامي ويتم تنقيحه من المنصة، لكن وضع الأصول للعمل لخلق قيمة جديدة وكسب عائد هو “أحد أكثر الأشياء الحلال على الإطلاق”، وتريد “مرحبا” أن تمنح هذا الخيار للمستخدمين، مضيفا أن التمويل الإسلامي يعتمد بشكل كبير على تقاسم الأرباح.

وتابع الكاتب أن “مرحبا” تخطط لتقديم السيولة، مما يمنح المستثمرين وسيلة يحللها الإسلام لإقراض عملاتهم المعدنية للبورصات، وهي تعمل أيضًا على العملات المدعومة بالذهب، مضيفًا: “التعاملات المالية الإسلامية تبلغ قيمتها 3 تريليونات دولار”، مستنتجًا أنه إذا تمكنَّا من الحصول على 1% من ذلك السوق، فستكون الحصة 30 مليار دولار.

وأكمل الكاتب تقريره مبينًا أن هناك شركة أخرى في هذا المجال، وهي “فاسيت” (Fasset) الشركة الجديدة بقيمة 22 مليون دولار، التي يديرها صندوق رأس المال الاستثماري الكائن في نيويورك، وقد حصلت على ترخيص لإنشاء بورصة تشفير في إندونيسيا، وهي في المراحل الأولى من تقديم إقراض العملات المشفرة من عميل إلى عميل في باكستان.

وقال دانيال أحمد، الذي شارك في تأسيس الشركة بعد أن كان يعمل مستشارا في مكتب رئيس الوزراء الإماراتي، لموقع “ميدل إيست آي”: “لقد أدركنا أن العملة المشفرة هي منتج مصمم حقًا للأسواق الناشئة، ويقع العديد منها في العالم الإسلامي”، مضيفًا أن التمويل المشفر واللامركزي يقدمان حلولًا فريدة في البلدان التي ترتفع فيها المخاطر السياسية وتقوم الحكومات بتخفيض قيمة العملة، مؤكدًا على قدرة العملة المشفرة على المساعدة في معالجة مشاكل الأفراد الذين لا يتعاملون مع البنوك في الدول النامية، وأن زيادة الوصول إلى الخدمات المالية قد دفعت الكثيرين بالفعل للتغلب على الشكوك حول الامتثال للشريعة.

ويعترف أحمد -بحسب ما ينقل الكاتب- أنه في بعض الأحيان قد يكون من الصعب الجزم بشأن ما إذا كانت إحدى الأصول أو الخدمات المشفرة حلالا، فـ”هناك الكثير من الآراء المختلفة بين العلماء”، بحسب تعبيره، ومجموعة واسعة من المجموعات التي تصدر الشهادات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وتابع أحمد قائلًا: “ما نقوله هو أننا نأخذ الامتثال للشريعة على محمل الجد عند بناء منتجاتنا، وأن الأصول الرقمية في حدّ ذاتها ليست متوافقة مع الشريعة أو غير متوافقة، ولكن يجب النظر إليها على أساس كل حالة على حدة”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.