تعد الثعابين البورمية من الأنواع الغازية التي تقضي على الأنواع المحلية وتدمر النظام البيئي، ودرس الباحثون كيف تتمدد فكوكها على نطاق واسع لتوقع تأثيرها على النظم البيئية.

في دراسة جديدة، ألقى الباحثون نظرة فاحصة على بيولوجيا الثعابين البورمية الضخمة، التي يصل طولها إلى 5 أمتار، وتحديدا قدرتها على التهام أي مخلوق يصادفها.

والثعابين البورمية ليست مجرد ثعابين كبيرة، ولكنها آكلة شرهة، تستوعب وجبة على هيئة فريسة كبيرة مثل التمساح أو الغزلان. لكن حجمها الهائل وحده لا يمكن أن يفسر تثاؤبها المذهل المطلوب لابتلاع فريسة بحجم الغزلان.

وتثاؤب الثعبان هو المقدار أو المدى الذي يمكن للحيوان فتح فمه إليه، ونظرا لأن الثعابين تميل إلى ابتلاع فرائسها بالكامل، دون مضغها أولا، فإن تثاؤبها هو عامل رئيسي في تحديد ما يمكنها تناوله.

ووجدت الدراسة -التي نُشرت في مجلة “إنتغريتيف أورغانيزمال بيولوجي” (Integrative Organismal Biology) وتم تناولها في بيان صحفي لجامعة سينسيناتي (University of Cincinnati) بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول الماضي- أن الثعابين البورمية تمتلك ميزة خاصة لفتح أفواهها الكبيرة بالفعل على نطاق أوسع، وهي: جلد شديد التمدد بين فكيها السفليين مما يسمح لها بالقبض على حيوانات أكبر مما تسمح به فكوكها عالية الحركة وحدها.

ألقى الباحثون نظرة فاحصة على بيولوجيا الثعابين البورمية وقدرتها على التهام أي مخلوق يصادفها (جامعة سينسيناتي)

نطاق أوسع من الفرائس

ونظرا لأن معظم الثعابين تبتلع الفريسة كاملة، فيجب أن تكون لها أفواه واسعة لاستيعاب الوجبة، ولذلك فإن عظام الفك السفلي للثعابين غير متصلة، مما يسمح لها بالفتح على مصراعيها. وفي حين أن الفكين القابلين للتمدد قد يكونان معيارا لقدرة الثعابين على التهام الفرائس، فإن الجلد شديد التمدد للفكين السفليين للثعابين البورمية ينتقل إلى مستوى عال جديد من المرونة.

وقد وجد الفريق البحثي أن جلد الثعبان البورمي شديد التمدد بين فكيه السفليين، مما يسمح له بالتهام حيوانات أكبر من تلك التي يسمح بها فك الثعبان العادي، ويسمح له باستهلاك فريسة أكبر بـ6 مرات من الثعابين ذات الحجم المماثل.

ويوضح بروس جاين -الباحث المشارك في الدراسة وعالم الأحياء التطوري بجامعة سينسيناتي- في بيان صحفي للجامعة أن “الجلد المرن بين الفكين السفليين الأيمن والأيسر يختلف اختلافا جذريا في الثعابين… إذ إن أكثر من 40% من إجمالي مساحة التثاؤب لديها في المتوسط من الجلد المطاطي”.

A comparison of Burmese pythons and brown tree snakes shows the difference that the larger snake's stretchy skin has on its ability to consume prey. © Photo Graphic Illustration/Bruce Jayne
قياس أفواه الثعابين يمكّن الباحثين من تقدير أكبر الحيوانات التي يمكن أن تأكلها (جامعة سينسيناتي)

حركة “اللاسو”

في مختبره، يدرس جاين حدود تشريح الحيوانات وكيف يؤثر ذلك على سلوكهم. وفي عام 2020، حدد وسيلة موثقة لم يسبق لها مثيل لحركة الثعابين سماها حركة “اللاسو” التي تمكن بعض الثعابين من تسلق أسطوانات واسعة أو جذوع الأشجار الملساء.

وفحص جاين وزملاؤه أيضا أفواه ثعابين الأشجار البنية، حيث تصطاد هذه الثعابين السامة الصغيرة الطيور وغيرها من الفرائس الصغيرة من الحيوانات الأخرى.

ومن خلال قياس أفواه الثعابين بالإضافة إلى فرائسها المحتملة، يمكن للباحثين تقدير أكبر الحيوانات التي يمكن أن تأكلها الثعابين، إلى جانب الفوائد النسبية لتناول خيارات الفرائس المختلفة، بدءا من الجرذان والأرانب إلى التماسيح والغزلان.

وتشير البيانات إلى أن الثعابين الصغيرة يمكنها الاستفادة بشكل أكبر من حجم التثاؤب المتضخم الذي يمكنها من أكل فريسة أكبر نسبيا. وقد قام جاين أيضا بقياس أبعاد وأوزان حيوانات الفرائس المحتملة، وسمح ذلك له باستخدام حجم الثعبان للتنبؤ بالحجم الأقصى لفريسته والفوائد النسبية لاستهلاك أنواع مختلفة من الطعام مثل التماسيح أو الدجاج أو الجرذان أو الغزلان.

UC professor Bruce Jayne demonstrates how wide a Burmese python can open its mouth to swallow prey. Jayne studied wild specimens captured and euthanized in Florida. © Photo Photo/Provided
الثعابين البورمية في ولاية فلوريدا الأميركية من الأنواع الغازية، وتقضي على الأنواع المحلية (جامعة سينسناتي)

فهم الفضول البيولوجي

تعد الثعابين البورمية في ولاية فلوريدا الأميركية من الأنواع الغازية، وتقضي على الأنواع المحلية وتدمر النظام البيئي من خلال تناول كل شيء متاح تقريبا. وتسبب الثعابين البورمية دمارا في البيئة في متنزه إيفرغليدز الوطني، حيث تم إدخالها من خلال الإفراج العرضي أو المتعمد عن الحيوانات الأسيرة في تجارة الحيوانات الأليفة الغريبة في الثمانينيات.

ومن خلال معرفة الحدود العليا للفرائس التي يمكن أن تأكلها الثعابين الغازية، يأمل علماء الأحياء في فهم كيفية تأثيرها على السلسلة الغذائية.
ويدور البحث الجديد حول فهم الفضول البيولوجي أكثر من معرفة كيفية التحكم في الأنواع الغازية، إلا أنه على الأقل يمكن أن يساعد العلماء على توقع الآثار المتتالية للثعابين البورمية على النظم البيئية للأراضي الرطبة.

يقول جاين “لن يساعد ذلك في السيطرة عليهم، لكنه يمكن أن يساعدنا في فهم تأثير الأنواع الغازية. إذا كنت تعرف حجم الثعابين الكبيرة والوقت الذي تستغرقه للحصول على هذا الحجم، فيمكنك وضع حد أعلى تقريبي للموارد التي يتوقع أن يستغلها الثعبان”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.