على غرار الزجاج الأمامي الملطخ، قد يكون من الصعب رؤية ما هو أمامك مباشرة حتى يتم مسح المادة اللزجة وتتضح الرؤية أخيرا. الأمر نفسه ينطبق على بعض العلاقات في حياتك، فقد تكون إحداها مؤلمة وغير صحية وتضرك أكثر مما تنفعك، ولكنك ترضخ للواقع وتستمر خوفا من الوحدة ورغبة في النجاح.

إن فراق شخص ما كنت تهتم به من قبل ليس بالأمر السهل أبدا، ولكن عندما يتعلق الأمر بترك علاقة غير صحية مع قريب لك، فقد تشعر بأنه أكثر صعوبة، إذ بصرف النظر عن الحزن المعتاد المرتبط بالانفصال، هناك أشياء أخرى تحدث مثل مشكلتي احترام الذات والتعلق الشديد وغيرهما.

يقول المعالج النفسي جوردان ماديسون، لصحيفة “باستل” (bustle)، “من الشائع جدا أن تكافح من أجل اتخاذ قرار بترك أي علاقة، خاصة العلاقة غير الصحية”، إلا أن الحيلة لكسر تلك الحلقة تكمن في تحديد الأفكار التي تعيقك واتخاذ خطوات للتغلب عليها، وتطوير عادات حب الذات اليومية، حتى لو كان شيئا صغيرا مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو تخصيص وقت لممارسة هواية تجلب لك السعادة. يمكن أن يؤدي ذلك ببطء إلى تغيير أفكارك الذاتية المقيدة، وتمكينك من نسج علاقات صحية جديدة.

البعض يفضل أن يكون غير سعيد مع شريك بدلا من البقاء وحيدًا (غيتي)

وتقول روكسي زرابي، الحاصلة على دكتوراه في علم النفس، في مقال لها على موقع “سيكولوجي توداي” (psychologytoday): لا يكون نقص الوعي هو ما يبقي الناس عالقين في علاقات غير صحية، فرغم وجود صوت داخلنا يحثنا على مواجهة الحقيقة، فإنه يتم دفنه بسبب مخاوفنا الكامنة.

وفيما يلي عدد من الأسباب التي تجعل التخلي عن علاقة غير صحية أمرا صعبا:

الخوف من الوحدة

ربما أنت مقتنع بأن الوجود مع أي شخص أفضل من أن تكون وحيدا. بالنسبة للكثيرين فإن الخوف من الوحدة وتدني القيمة الذاتية هما محفزان قويان للبقاء في علاقات يبدو أن صلاحيتها قد انتهت.

يقول ماديسون “بالنسبة للبعض، فإن وجود علاقة غير صحية أفضل من عدم وجود علاقة على الإطلاق.. إنهم يفضلون أن يكونوا غير سعداء وأن يكونوا مع شريك بدلا من أن يكونوا وحدهم”. ومع ذلك يمكن أن يبدأ هذا القلق في التلاشي في وقت تعمل فيه على تحسين احترامك لذاتك.

التعلق القلق

وفقا لزرابي، فإنه ربما في وقت مبكر من حياتك ارتبط لديك الحب بالصراع الشديد أو التقلب أو التناقض، فقد يكون هناك جزء منك لا شعوريا يتمسك بالأمل في أنه ربما ستختلف الأمور هذه المرة. لذا قد يبدو التخلي عن هذا النوع من العلاقات وكأنه تهديد لنظام التعلق الخاص بك مما يثير الكثير من المقاومة والقلق. لذا فإن الأشخاص الذين لديهم أسلوب التعلق القلق أكثر عرضة لمواجهة صعوبة في التخلي عن علاقة غير صحية.

الخوف من البدء مجددا

قد تكون قد استثمرت بالفعل قدرا كبيرا من الوقت والطاقة في هذه العلاقة، وينتابك الخوف من البدء من جديد. وهذه ظاهرة معروفة حينما يتردد شخص ما في ترك شيء بدأه لأنه أمضى بالفعل قدرا كبيرا من الوقت والطاقة في العمل عليه، على الرغم من أن مصلحته تكمن في تغيير المسار.

 

إذا كنت تتمسك بالأمل في أن الشخص الذي ترتبط به سيتغير، فهذه وصفة لخيبة الأمل وليس العكس (غيتي)

التمسك بحقائق زائفة

أنت تتمسك بالأمل في أن الشخص الذي ترتبط به سوف يتغير، ولكن هذه وصفة لخيبة الأمل وليس العكس. وهذا أيضا يعيق قدرتك على رؤية علامات انتهاء العلاقة بالفعل. عندما تتمسك بالأمل في أن شريكك سيتغير، فهذا يشبه الشعور بالجوع حقا والاستمرار في تناول الفتات، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تناول وجبة كاملة، مما يؤدي في النهاية إلى الشعور بالجوع وعدم الرضا.

تعتقد أن قيمتك في علاقاتك

أنت تعلق قيمتك على نجاحك في علاقاتك مع الآخرين. ربما بسبب ثقافتك أو نشأتك العائلية أو المرحلة الحالية من حياتك، قد تشعر بالضغط لتستمر في علاقتك الزوجية -على سبيل المثال- حتى لا تتعرض للنقد من المجتمع. لكن الحقيقة أن حالة علاقتك لا تحدد هويتك تماما مثل وظيفتك أو تخصصك.

شريكك مسيء عاطفيا

إذا كان شريك حياتك أو صديقك من النوع المسيء عاطفيا، فقد يجعلك تشك في عواطفك وفي نفسك. فهو غالبا ما يتلاعب بك بشكل منتظم ولا يتحمل المساءلة وغالبا ما يجعلك تشعر كما لو كنت مخطئا. وبالتالي قد تلوم نفسك على أي خطأ يحدث في العلاقة وتكون مقتنعا بأنك المشكلة وليست العلاقة نفسها.

قد يتطلب ترك علاقة غير صحية جرعة من احترام الذات (غيتي)

الاعتقاد أن العلاقات صعبة

صحيح أن نسج علاقات مع من حولك ليس بالمهمة السهلة، وأنه يتطلب عملا وجهدا، لكن لا ينبغي أن تكون بهذه الصعوبة التي تتطلب التضحية بقيمك أو بشعورك بالذات. يجب أن تكون العلاقات قوة مستقرة وآمنة في حياتك، وليس سببا للقلق أو الانفصال عن نفسك الحقيقية.

تدني تقدير الذات

قد يتطلب ترك علاقة غير صحية جرعة من احترام الذات. ومع ذلك، إذا تم التقليل من شأنك من قبل شريك حياتك، فقد يكون من الصعب عليك الشعور بتقدير الذات.

يقول ماديسون “إن تدني احترام الذات يمكن أن يلعب دورا في البقاء في علاقة غير صحية لأنه يمكن أن يجعل الشخص يعتقد أنه لا يوجد شخص آخر يريد أن يكون معه، لذلك فإنه يحافظ على علاقته غير الصحية الحالية. قد يشعر أيضا أنه السبب في أن العلاقة غير صحية وأنه لا يستحق المحبة ممن حوله”.

الرغبة في تقبل الشخص كما هو

نريد جميعا أن يحبنا شخص ما دون قيد أو شرط، لذلك في بعض الأحيان، نجبر أنفسنا على فعل ذلك من أجل شخص آخر حتى عندما لا يكون هذا هو أفضل شيء بالنسبة لنا. من المهم أن تدرك متى لم تعد العلاقة تستحق العناء، وأن تمنح نفسك التعاطف والإذن بالمغادرة.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.