تحل في مارس/آذار المقبل الذكرى الـ20 للغزو الأميركي للعراق، الذي بدأ في عام 2003، وبررته واشنطن بمزاعم حول امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، ليتبين لاحقا أنها كانت كاذبة.

وقد شكل الحدث نقطة تحول في تاريخ العلاقات الدولية الحديث، وفق ما يراه مدير مركز الشؤون الدولية الروسي أندريه كورتونوف في مقال نشرته له صحيفة “إزفيستيا” الروسية حول الغزو الأميركي للعراق.

ويقول كورتونوف إن الحرب في العراق كان لها وقع خاص، حيث إنها قضت على الآمال بإنشاء نظام عالمي عادل وديمقراطي في القرن الـ21، كما أثبتت أنها أزمة غير مسبوقة تجاوزت نطاق كل الإجراءات الأميركية التي سبقتها الرامية إلى تعزيز نظام عالمي أحادي القطب.

كان حجم الحشد العسكري لافتا، حيث شارك في الحرب مئات الآلاف من القوات الأميركية من مختلف وحدات الجيش والقوات الجوية والبحرية الأميركية، إلى جانب الوحدات العسكرية التي شاركت بها قوات التحالف في الحرب، وكان معظمها من المملكة المتحدة وأستراليا وبولندا، ناهيك عن الدعم العسكري الذي قدمه العديد من حلفاء واشنطن وشركاؤها الآخرون.

فشل ذريع

بيد أن أبرز ما ميز الغزو الأميركي للعراق، بحسب مدير مركز الشؤون الدولية الروسي، كان فشل أجهزة الاستخبارات الأميركية الذريع في إثبات صحة الادعاءات التي استخدمتها واشنطن مسوغا للحرب والتي تقول إن الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، يمتلك أسلحة دمار شامل تشكل تهديدا للمنطقة.

ورغم أن المرحلة الأولى من العملية العسكرية انتهت في غضون أسابيع، فإن الخطط المصاحبة لها الرامية إلى تحويل العراق إلى ديمقراطية ليبرالية على النمط الغربي استمرت سنين طويلة وباءت بالفشل في نهاية المطاف.

ويرى كورتونوف أن التدخل الأميركي في العراق أدى إلى انقسام رأي المجتمع الدولي عموما والغرب على وجه الخصوص، فقد فشلت الولايات المتحدة حينها في الحصول على تأييد دولي لعدوانها على العراق، سواء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث عارضت كل من فرنسا وألمانيا وروسيا والصين التدخل بشكل علني، كما رفضت تركيا وضع أراضيها تحت تصرف التحالف الذي يستهدف بلاد الرافدين، واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان أن واشنطن تنتهك ميثاق الأمم المتحدة بغزوها العراق.

تداعيات خطيرة

كان لغزو العراق وما تلاه من أحداث تداعيات بعيدة المدى لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعاني تبعاتها حتى الآن، حيث أدى تفكيك العراق إلى زعزعة التوازن القائم بين الشيعة والسنة في البلاد، وساعد في انتشار الإرهاب في المنطقة، وكانت له تداعيات سيئة ساهمت في تعميق الأزمات التي تعيشها دول عديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظلت تتفاقم حتى أفضت إلى ثورات الربيع العربي التي اجتاحت دولا عديدة بالمنطقة، وفق مقال المحلل السياسي الروسي.

وبحسب المقال، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن كان قبل عقدين من الزمن ضمن قلة من أعضاء الحزب الديمقراطي دعموا بنشاط موقف الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن المتشدد تجاه بلاد الرافدين، بيد أنه اليوم يسعى لتبرئة نفسه قدر الإمكان من تأييد قرار غزو بلاده للعراق.

وخلص مدير مركز الشؤون الدولية الروسي إلى أن الدرس المستفاد من تدخل الولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان وسوريا وغيرها من البلدان هو أن بدء أي صراع قد يكون أمرا سهلا نسبيا، لكن تحقيق النصر في تلك الصراعات أمر بالغ الصعوبة. مشيرا إلى أن على واشنطن أن تعي أن الكلمة الأخيرة في صراعات القرن الـ21 ليست للجنرالات وإنما للسياسيين والدبلوماسيين.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.