ورد في تقرير نشره مركز أبحاث السياسة الخارجية بواشنطن أن التطرف العنيف “الإرهابي” في العالم سيتصف بـ5 اتجاهات هي: التنوع، واللامركزية، والدمقرطة، والمعلومات المضللة، وكثرة الضحايا.

وذكر التقرير الذي كتبه كولين بي كلارك الباحث في برنامج الأمن القومي بالمركز أن فهم هذه التغيرات في “الإرهاب” مهم لتحديد أولويات المكافحة، موضحا أن المكافحة لم تعد الآن المحور الرئيس للأمن القومي للحكومات الغربية بسبب سياسة الصين الخارجية وهجوم روسيا على أوكرانيا. ونتيجة لذلك، يجب على مسؤولي المكافحة أن يكونوا أكثر ذكاء بشأن كيفية تطور “الإرهابيين والجماعات الإرهابية”، بالإضافة إلى فهم المظالم التي تحفز العنف السياسي و”الإرهاب” من أجل صياغة رد شامل.

التنوع

وأشار إلى أن الهجوم في بوفالو بنيويورك في منتصف مايو/أيار الماضي يعكس الأيديولوجيات المتنوعة التي تحفز ما وصفه بـ”الإرهاب” والتطرف العنيف. ففي حين أن العقدين الماضيين كانا يدوران في الغالب حول تخصيص الموارد لمحاربة جماعات مثل القاعدة والدولة الإسلامية، فإن مشهد “الإرهاب” الحالي صار أكثر تنوعا بكثير.

ففي بوفالو، كان دافع المهاجم هو الكراهية العميقة للأميركيين الأفارقة، ولكن حتى ضمن الفئة الأوسع من التطرف اليميني، توجد تيارات تتغذى بالكراهية أيضا وتشمل الإسلاموفوبيا، ومعاداة السامية، أو التهديدات ضد مجتمع الشاذين جنسيا، وكراهية النساء، والتعصب للبيض، والنازيين الجدد، والعناصر الفوضوية الغامضة، واللوديين الجدد (المعارضين للتكنولوجيا الجديدة وطرق العمل الحديثة).

واستمر يقول إن الأيديولوجيات التي تحفز “الإرهابيين” هي أهم متغيّر في مكافحة “الإرهاب”.

اللامركزية

وكان إطلاق النار في بوفالو لامركزيا؛ بمعنى “المقاومة بلا قيادة”، حيث يُسمى المهاجم بالذئب المنفرد الذي يتصرف من دون أي مساعدة أو تحريض خارجي. ويصعب على وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات اكتشاف الذئاب المنفردة، على الرغم من أن مصطلح “الذئب المنفرد” هو تسمية خاطئة. ورغم أن المسؤول عن الهجوم قد يكون مهاجما واحدا، فإنه لا يخرج إلا من نظام بيئي أوسع، وغالبا بعد تعرضه للدعاية المتطرفة عبر الإنترنت.

دمقرطة الإرهاب

وكان الهجوم مثالا على دمقرطة “الإرهاب”، إذ تم حاليا تخفيض الحواجز التي تحول دون الدخول في أنشطته بشكل كبير. واليوم، يمكن للفرد الذي لديه اتصال بالإنترنت، وهاتف ذكي، وإمكانية الوصول إلى أسلحة، بما في ذلك الأسلحة التي تصنعها بنفسك والمتفجرات المطبوعة طباعة ثلاثية الأبعاد، أن يعيث فوضى في المجتمع.

إن وسائل الإرهاب، التي ربما كانت مقتصرة في يوم من الأيام على النواة الصلبة لمقاتلي حرب العصابات، متاحة الآن على نطاق واسع لمليارات الأشخاص في العالم. لقد سهلت الابتكارات في الاتصالات المشفرة والوصول إلى الأسلحة المتطورة ظهور ما أطلق عليه الجيش الأميركي “الأفراد المتمكنين للغاية”، الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى تكنولوجيا تجارية قوية ومنخفضة التكلفة ويتصفون بأنهم متصلون بشكل كبير وقادرون على الوصول إلى ما وراء موقعهم الجغرافي.

المعلومات المضللة

تُظهر مراجعة تاريخ وسائل الإعلام الاجتماعية لمهاجم بوفالو هوسًا بما يسمى “نظرية الاستبدال العظيم”، وهي مؤامرة تفترض أن عصابة غامضة من النخب تستبدل عمدا الأشخاص البيض المولودين محليا بالمهاجرين في ما يسمونه “الإبادة الجماعية للبيض”. أمضى مهاجم بوفالو وقتا طويلا في موقع “شان4” (4Chan) حيث استهلك قدرا كبيرا من المعلومات المضللة حول المساهمة المفترضة للسود في معدل الجريمة، وفروق معدل الذكاء وما إلى ذلك.

وأصبحت المعلومات المضللة في كل مكان الآن، مع قيام الدول الأجنبية بحملات تضليل تغذي “الإرهاب” المحلي في أماكن أخرى. وقد أدى ظهور ما يسمى بـ”التزييف العميق” والذكاء الاصطناعي إلى زيادة تعقيد بيئة المعلومات. والمعلومات المضللة موجودة إلى الأبد على الإنترنت، ويتم تكريسها في البيانات الإرهابية، ويمررها أتباع ومؤيدو الأيديولوجيات المتطرفة العنيفة.

احتجاج في ملبورن بأستراليا في مارس/آذار 2019 ضد العنصرية والإسلاموفوبيا عقب الهجوم على مسجد كريستكيرك بنيوزيلندا (غيتي)

كثرة الضحايا

كان هجوم بوفالو كثير الضحايا، فقد قُتل فيه 10 أشخاص. وعموما، يسعى “الإرهابيون” والجماعات “الإرهابية” للحصول على أعداد كبيرة من الجثث، حيث تغذي أخبار الخسائر الجماعية القيمة الدعائية لهجوم ما أو سلسلة من الهجمات.

وأدى ظهور تقنيات مثل الطائرات من دون طيار والطباعة الثلاثية الأبعاد والأسلحة المستقلة إلى تفاقم خطر الهجمات الواسعة النطاق، في حين لا يزال سعي “الإرهابيين” لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، بمنزلة سيناريو مرعب.

ومن المحتمل أن تؤدي مشاهدة الضحايا والدمار الناجمة عن جائحة “كوفيد-19” إلى زيادة اهتمام “الإرهابيين” بالحصول على المواد والمعرفة اللازمة للقيام بهجوم “إرهابي” بيولوجي، ويمكن أن يُنفذ مثل هذا الهجوم خلسة من قبل مجموعة صغيرة مع آثار كارثية.

تحديات مجابهة العواقب

ستكون هناك تحديات كبيرة في إدارة العواقب، التي يمكن أن تشمل عدوى البشر أو الحيوانات أو تلوث مصادر الغذاء والماء أو الأدوية.

وستكون هناك أيضا تحديات كبيرة تفرضها تقنيات التحويل المادية إلى الرقمية، بما في ذلك تقنية التسلسل الجيني والقدرة على إرسال تسلسل الجينوم عبر البريد الإلكتروني، الأمر الذي يعني أن الإرهابيين في زوايا بعيدة من العالم يمكن أن يتعاونوا لتسخير القوة التخريبية لتقنيات مثل “كريسبر” (CRISPR) (التكرارات القصيرة المتباعدة والمنتظمة). وفي بعض الظروف، يمكن استخدام تقنية “كريسبر” لإنشاء فيروسات أو أوبئة تدمر المحاصيل أو لصنع “بعوض قاتل” ينشر المرض. وهذا مجال آخر تُخفض فيه الحواجز أمام الدخول إلى مجال “الإرهاب”، مما يوفر مزيدا من الفرص للأفراد والمجموعات الصغيرة لإلحاق الأذى.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.