الخرطوم- يتجه الخلاف بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” إلى التهدئة بعد تدخل وسطاء عقب تبني البرهان إجراءات تقلص نفوذ نائبه “حميدتي”.

وكانت مصادر قد كشفت قبل أيام عن أن البرهان يعتزم حل مجلس السيادة وتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته، على أن يستمر في مهامه السيادية إلى حين التوافق على المستوى السيادي الجديد واختيار رئيس للوزراء، وذلك بهدف تقليص نفوذ حميدتي.

وقالت مصادر قريبة من القصر الرئاسي للجزيرة نت إن ما أثار قلق المؤسسة العسكرية والبرهان هو تبني حميدتي استشارة قيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير، ويساري من أحد أفراد قبيلة الرزيقات العربية التي ينحدر منها قائد الدعم السريع.

وذكرت المصادر أن الرجلين أقنعا حميدتي بأن حل مشكلته الداخلية وتحسين صورته ومعالجة ما ارتكبته قواته من تجاوزات صارت عبئا عليه يتطلب تقديمه إلى الخارج عبر مساندة الاتفاق الإطاري لحل الأزمة السودانية الذي تدعمه الدول الغربية، ومحاربة الإسلاميين مثلما فعل قائد قوات الشرق الليبي المشير المتقاعد خليفة حفتر، مما دفع الدول الغربية للتعامل والتعاون معه.

وأفادت المصادر ذاتها بأن القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير “دغدغ” مشاعر حميدتي وأطلق عليه زعيم المهمشين في السودان، وأنه لأول مرة في تاريخ السودان منذ الثورة المهدية في القرن الماضي يصل رجل من غرب السودان إلى موقع الرجل الثاني في الدولة، وأنه بات قريبا من حكم البلاد عبر تحالف عريض وعد بإنشائه، وأن قوات الدعم السريع هي الأنسب لتكون نواة لجيش قومي، لأن الإسلاميين طوال حكم البلاد لنحو 3 عقود استطاعوا تمكين كوادرهم في المؤسسة العسكرية.

مقربون من حميدتي (وسط) نصحوه بالتهدئة وعدم التصعيد (الصحافة السودانية)

وساطات ونصائح

وفي هذا السياق، قال مقربون من حميدتي للجزيرة نت إن بعض مستشاريه وساسة يثق بهم نصحوه بالتهدئة وعدم التصعيد في الخلاف مع البرهان، لأن المؤسسة العسكرية تقف خلفه وظروف البلاد لا تحتمل صراعا يمكن أن يؤدي إلى فوضى أمنية، وساهم ذلك في خطاب متوازن الأحد الماضي تعهد خلاله بدمج قواته في الجيش والانسحاب من العملية السياسية كما نص الاتفاق الإطاري.

في المقابل، قال قيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية للجزيرة نت إن 3 من قيادات التحالف أجروا أمس الأول الأربعاء مشاورات مع البرهان بشأن توقيع وثيقة سياسية جديدة لحل الأزمة في البلاد.

وأضاف أنهم استفسروا من البرهان عن اعتزامه حل مجلس السيادة وتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأبلغهم أن ذلك لم يحدد، وفهموا أنه لا يسعى إلى اتخاد خطوات جديدة يمكن أن تؤدي إلى نقطة اللاعودة مع حميدتي، واعتبر القيادي أن قائد الجيش ينتهج سياسة “حافة الهاوية”.

وبرزت خلال الأيام الأخيرة وساطة إماراتية بين البرهان وحميدتي الذي يزور أبو ظبي منذ الأحد الماضي، حيث التقى أمس الخميس الشيخ منصور بن زايد وناقش معه تطورات الأوضاع في السودان، وأكد المسؤول الإماراتي دعم بلاده الاتفاق الإطاري لحل الأزمة السودانية.

وذكرت مواقع صحف محلية اليوم الجمعة أن وزير الدولة للخارجية والتعاون الدولي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك وصل إلى الخرطوم أمس في زيارة سرية سلم خلالها رسالة إلى البرهان من رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، دون مزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول دبلوماسي في الخارجية السودانية للجزيرة نت إن زيارة البرهان إلى أبو ظبي الأسبوع الماضي ومباحثاته مع الشيخ محمد بن زايد ثم وصول حميدتي إلى هناك منذ 5 أيام في زيارة غير معلنة ثم زيارة الشيخ شخبوط إلى الخرطوم كل ذلك يعكس اهتمام الإمارات المتزايد بما يجري في السودان وسعيها لاحتواء الخلاف بين الرجل الأول في البلاد ونائبه.

مستشار رئيس الجمهورية السابق عبد الله علي مسار ... الجزيرة نت
رئيس حزب الأمة السوداني عبد الله علي مسار (الجزيرة نت)

مستفيدون من الخلاف

وفي هذا الشأن، قال رئيس حزب الأمة الوطني عبد الله علي مسار للجزيرة نت إن الخلاف بين البرهان وحميدتي لم يصل إلى المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع، متوقعا معالجته عبر حوار شفاف بينهما كما حدث في مرات سابقة.

واتهم مسار جهات -لم يسمها- بتأجيج الخلاف وتغذيته حتى يقع صدام بينهما من أجل تحقيق أجندة خفية وراء تلك الجهات.

وطالب البرهان وحميدتي بالمحافظة على العلاقة الوطيدة بينهما وتوحيد مواقفهما السياسية بشأن القضايا المطروحة، والحذر من الجهات التي تسعى إلى الفتنة بين الجيش والدعم السريع.

وأضاف مسار أن الانتقادات الموجهة إلى حميدتي سببها دخوله “عش الدبابير” وامتلاك عناصر القوة ومنافسة النخب السياسية في مواقع صنع القرار الذي كان محتكرا لفئات محددة “خصوصا من أبناء المركز في الخرطوم الذي لا يقبلون بوصول أهل الهامش من الريف إلى مواقع السلطة العليا”، على حد قوله.

الإسلاميون وراء الوقيعة

بدوره، يعتقد رئيس تحرير صحيفة “الصيحة” الغالي شقيفات أن الإسلاميين وراء محاولات الوقيعة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مضيفا أن أي خلافات بين القوات النظامية ستؤدي إلى عودة الإسلاميين إلى السلطة.

وأشار شقيفات إلى أن إحباط مخططات المتآمرين وقطع الطريق أمام أي انقلاب عسكري من أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير يتطلبان التعاون بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وكان عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا أقر بوجود خلاف بين قيادتي الجيش والدعم السريع وليس بين القوتين، مؤكدا أنه لن يحدث صدام بينهما.

وقال في حديث بثه تلفزيون السودان الرسمي الأسبوع الماضي “أطمئن الشعب السوداني بأنه لن يحدث أي صدام بين القوات المسلحة والدعم السريع”.

وقال العطا إن “الخلاف بين البرهان وحميدتي سببه اختلاف في الرؤى السياسية”، حيث ترى قيادة الدعم السريع تشكيل الحكومة بأي قوى محدودة، لكن الجيش يتمسك بحكومة ذات قاعدة عريضة وتوافق وطني واسع، لأن تشكيل حكومة ضعيفة وهشة سيكون مهددا للأمن القومي.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.