رام الله – “ابنك رايح يروّح، بس ناقص”، هكذا حذر ضابط إسرائيلي المسن محمد خليل عواودة (65 عاما)، والد الأسير الفلسطيني خليل عواودة (40 عاما)، والمضرب عن الطعام منذ 90 يوما.

يقول الوالد -في حديثه للجزيرة نت- إن الضابط هدده عندما اقتحم منزله في اليوم الـ50 لإضراب خليل، احتجاجا على اعتقاله الإداري بلا تهمة أو محاكمة، بأن ابنه والمُكنّى “أبو محمد” لن يرى محمد، إذ رزق بـ4 بنات.

ويستنتج العواودة، من تهديد المخابرات أن خليل سينتصر في إضرابه، لكنه قد يخرج بضرر متعمد في أعضاء حيوية من جسده، وتحدث عن “مؤشرات على تآمر أذرع الاحتلال عليه”.

إضراب بلا مُدعمات

ويمتنع الأسير العواودة عن تناول الملح والمُدعِمات، مع أنها لا تكسر الإضراب وفق الأعراف السائدة في السجون، ما يجعل حياته في خطر، وفق والده.

ويضيف الأب أن الأسير خليل معزول عن العالم في عيادة سجن الرملة، ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية فرضت على إدارة السجون نقله إلى مستشفى للعلاج، فإن إدارة السجون تحايلت على القرار وأعادته إلى العيادة بعد وقت قصير من وصوله المستشفى.

يمتنع الأسير العواودة عن تناول الملح والمُدعِمات (الجزيرة)

شح المعلومات

والاثنين الماضي 23 مايو/أيار قررت المحكمة العليا نقل الأسير “بشكل عاجل وفوري للمستشفى نظرا لخطورة وضعه الصحي”.

ووفقا لنادي الأسير الفلسطيني في حينه، فإن إدارة السجون الإسرائيلية تحتجز العواودة منذ شروعه في الإضراب “في ظروف قاهرة وصعبة للغاية”.

ويشكو والد خليل من شح المعلومات المتوفرة عن ابنه، ويبدي استياءه من دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي يقول إنها لم تقم بزيارته منذ شرع في إضرابه في الثالث من مارس/آذار الماضي.

حياة خليل في خطر

ويضيف أن “سلطات السجون والمخابرات الإسرائيلية والمحكمة كلها تتآمر، خليل في خطر، ونخشى أن يفقد حياته في ظل تجاهل مطلبه بالإفراج عنه”.

من جهتها تقول دلال العواودة (أم محمد)، زوجة الأسير، والتي تعمل مدرسة في السلك الحكومي، إن غياب زوجها في السجن فرض عليها تحمل مسؤولية البيت، ثم جاء إضرابه ليضاعف المسؤولية وينعكس على حياة الأسرة كاملة.

وأحيانا يشرد ذهن زوجة الأسير بعيدا في التفكير بحال زوجها وصحته والأوجاع التي يعانيها، فتغلبها الدموع، وسرعان ما تتنبه لحالها عندما تسألها ابنتها الكبرى تولين (9 سنوات) عما يبكيها.

كرسي متحرك

وتحاول الأم كتمان حزنها وقلقها عن بناتها، لكن مع استمرار الاتصالات الهاتفية من المؤسسات الحقوقية والصحفيين والمتضامنين، يتكرر سؤال الصغيرات “شو صار مع بابا؟”.

وتضيف أم محمد أن الأخبار عن زوجها شحيحة وتصل من خلال زيارات المحامين، وآخرها أنه يتنقل بكرسي متحرك، ويعاني من آلام في الكلى وضعف في النظر وعدم المقدرة على الحركة.

وذكرت أن المعلومات المتوفرة تشير إلى نقله للمستشفى 4 مرات، في كل منها كان يرفض أخذ المُدعِمات الغذائية، وإجراء الفحوصات الطبية، فكان يعاد إلى عيادة سجن الرملة.

لورين ابنة الأسير المضرب عن الطعام خليل العواودة (الجزيرة)

مخاوف التزوير

توجهت العائلة إلى المحكمة العليا بالتماس لطلب إدخال أطباء محايدين لزيارة خليل، فرفضت المحكمة الالتماس، وتخشى العائلة وصول تقارير مزورة للمحكمة حول وضع خليل الصحي ما يعني بقاءه في عيادة سجن الرملة.

واعتقل العواودة في 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، وبعد أيام عقدت محكمة عسكرية جلسة للنظر في ملفه، ولم تقتنع بالتهم الموجهة إليه والمتعلقة بنشاطه على شبكات التواصل، فقررت المخابرات الإسرائيلية تحويله للاعتقال الإداري لـ6 شهور، وفق والده.

وأضاف أن خليل كان قرر الشروع في الإضراب فورا في حال صدور أمر الاعتقال الإداري، لكنه تأخر بسبب إصابته بفيروس كورونا، فشرع بالإضراب في الثالث من مارس/آذار الماضي.

رسالة إلى تولين

وتبقى بعض الرسائل والعبارات التي ينقلها المحامي من خليل لعائلته متنفسا وتشكل بلسما ورافعة معنوية لزوجته وبناته.

في إحداها يقول إنه استمع لكلمات ابنته تولين وهي تدعو الله أن يفرج كربه، ويعيده إليها سالما، وكتب في رسالة نقلها محاميه “أنت تحملين جرحي وتنثرين وجعي ليستيقظ الناس من أجل نصرتي”.

 13 عاما

والعواودة حافظ للقرآن الكريم وناشط محلي وعضو في عدة حملات تطوعية في بلدة، وأمضى في السجون الإسرائيلية ما مجموعه 13 عاما.

وحرمت سنوات السجن الطويلة خليل من إتمام دراسته في جامعة القدس المفتوحة، والتي التحق بها عام 2000 لدراسة الاقتصاد.

600 معتقل إداري

وتمارس إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري الذي استنسخته من الانتداب البريطاني، منذ احتلال الضفة الغربية وغزة عام 1967.

وتُعرّف منظمات حقوقية الاعتقال الإداري بأنه اعتقال شخص ما بأمر من القادة العسكريين وبتوصية من المخابرات بعد جمع مواد تصنف بأنها “سرية”، لمدة تصل إلى ستة شهور قابلة للتمديد دون سقف زماني.

ووفق نادي الأسير الفلسطيني فإن ما يزيد على 600 فلسطيني، يعتقلون إداريا حاليا، بينهم أسيرتان وطفلان.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.