اقتحم مئات المستوطنين ليل الأحد بلدة حوارة الفلسطينية بالقرب من نابلس في الضفة الغربية، واعتدوا بالضرب على المدنيين الفلسطينيين وقتلوا أحدهم وأضرموا النار في عشرات المباني والسيارات. وحدث هذا الهيجان في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم “لكن فيما يتعلق بنا نحن الفلسطينيين، كان الجيش الإسرائيلي، الأقوى في الشرق الأوسط، مفقودا في الميدان”.

في هذا السياق يقول نمر سلطاني، قارئ في القانون العام بجامعة سواس بلندن ومواطن فلسطيني في إسرائيل -في مقال بصحيفة غارديان (The Gaurdian)- إن العديد من المراقبين، عند مشاهدتهم مثل هذا الهياج العنيف، يلجؤون إلى دعوات “العودة إلى الهدوء” في فلسطين.

ويرى سلطاني أن مثل هذه الدعوات الخافتة لم تعد كافية، ولا يمكن تجاهل الطبيعة المتكررة لعنف المستوطنين والطريقة التي تتم بها كأحد أسس السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين.

وأضاف أن ممارسة العنف مع الإفلات من العقاب، وتمكين الجيش لهذا العنف وإنكار الحقوق الأساسية، إنما يجسد النظام القائم. ومن ثم فإن الحملة المسعورة يوم الأحد أحد مظاهر الوضع الراهن في فلسطين، وليس حدثا استثنائيا أو اضطرابا مؤقتا.

وحتى قبل تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة، لاحظ مراقبون مطلعون أن عنف المستوطنين بالضفة كان محظورا من قبل الدولة. لكن هذه المرة رؤوس الفتنة أصبحوا في حكومة تشجع عنف المستوطنين اليمينيين المتطرفين، وهي عازمة على زيادة عمليات هدم منازل الفلسطينيين وتوسيع النشاط الاستيطاني. كما أنها تقود سياسة انتقامية وقاسية ضد جميع الفلسطينيين.

ومثال حديث على هذه السياسة، كما أشار سلطاني، هو سن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قانونا بأغلبية ساحقة يخول وزير الداخلية سحب الجنسية أو وضع الإقامة للسجناء السياسيين المدانين بارتكاب جرائم “إرهابية” الذين يتلقون مساعدات مالية من السلطة الفلسطينية. لكن أوضح مثال على هذه السياسة الانتقامية جاء هذا الأسبوع في اتفاق أبرم بين الائتلاف الحاكم، حيث أسند لوزير المالية، وهو نفسه مستوطن، مسؤوليات واسعة بالشؤون المدنية المتعلقة بالمستوطنات في الضفة الغربية.

وسبب أهمية ذلك أنه من المفترض أن تكون الضفة تحت إدارة عسكرية. وهذا الترتيب الجديد يُطبع مكانة المستوطنين فيما يتعلق بسلطات الدولة الإسرائيلية. وسيعاملون كما لو كانوا مواطنين عاديين، رغم أن وجودهم بأرض محتلة يعتبر جريمة حرب.

ولفت سلطاني إلى وصف صحيفة هآرتس الإسرائيلية لهذا الاتفاق بأنه مقدمة لـ “فصل عنصري كامل”. ووصفه آخرون بأنه “ضم بحكم القانون” وبالتالي فهو مخالف للقواعد (التي أعيد تأكيدها مؤخرا في حالة أوكرانيا) التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

وختم مقاله بأن الدعوة بالعودة إلى الهدوء بعد عقود من الاحتلال والضم الاستعماري لا تكفي، وأنه يجب إعادة التفكير بشكل أساسي في الطريقة التي يجب أن تضمن بها الأمور الحرية والمساواة للجميع، بدلا من العودة للوضع الراهن.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.