تراود اللبنانية بارعة صفوان الجندي أمنية مستحيلة بأن يعود الزمن قبل ليلة 23 أبريل/ نيسان 2022، لتمنح ابنتيها رانيا وسلام مزيدا من الأحضان والقبل، قبل غرقهما المفجع في قارب هجرة غير نظامية، كان هذا القارب المنكوب يحمل أيضا مهاجرين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وابتلعته الأمواج في عرض البحر المتوسط قبل أن يصل إلى وجهته المفترضة في إيطاليا.

في تلك الليلة القاسية، نجت بارعة مع ابنيها إبراهيم ومصطفى من زوجها السوري المتوفى وصهرها ناجي من بين 48 آخرين، لكنهم عادوا من دون رانيا وسلام اللتين فقدتا مع 33 شخصا، وعثر على جثامين 6 أشخاص فقط من بين 88 مهاجرا كانوا في المركب.

لا تخفي قسمات وجه بارعة علامات الحزن واللوعة وهي تتأمل صورة المركب على هاتفها مسترجعة لحظات الفاجعة: “كان البحر كالبلاطة، تعطل جهاز “جي بي إس” (GPS) القبطان قبل 15 دقيقة من تجاوز المياه الإقليمية اللبنانية، سلّط فجأة نحونا كشاف ضوئي قوي من مركبين مطاطيين لخفر سواحل الجيش اللبناني، لم نستجب لمطالباتهم بالعودة، فبدأت عملية مطاردتنا دائريا، تدفقت المياه داخل مركبنا، سمعنا احتكاكه بضربة قوية، تعالت أصوات الصراخ وغبت عن الوعي..”.

انتهت تلك الحادثة المؤلمة بلا رواية رسمية عن ملابساتها. استقر المركب بعمق 459 مترا بعد فشل غواصة هندية انتشاله في أغسطس/آب، فتعذر الكشف الجنائي عنه، وطمست بالتالي ملابسات غرقه ومصير المفقودين.

تعذر الكشف الجنائي عن المركب الغارق (أسوشيتد برس)

وجسّدت تلك الفاجعة تكثيفا سياسيا وأمنيا وإنسانيا لمأساة المهاجرين بـ”قوارب الموت” المنطلقة من شمالي لبنان، كما كشفت التداخل العميق بين عمليات الهجرة بحرا من لبنان والهجرة برا مع سوريا عبر شبكة مهربين وسماسرة شكلوا نواة اقتصاد ضبابي غير منظم تتحرك فيه ملايين الدولارات في بلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية وشحّ في العملة الصعبة.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.