لندن- طموح بريطانيا لإطلاق أول صاروخ للفضاء الخارجي من أراضيها تعرّض لانتكاسة كبيرة، بعد إخفاق عملية إطلاق صاروخ من منطقة كورنويل جنوبي البلاد، إذ عجز الصاروخ عن الوصول إلى مداره حول الأرض بسبب عطل تقني تقول شركة “فيرجين أوربت” (Virgin Orbit) إنها ما زالت تحقق في أسبابه.

وكانت بريطانيا تمنّي النفس بأن تتم هذه العملية التاريخية بنجاح لتدخل النادي الخاص بالدول التي نجحت في إطلاق صواريخ من أراضيها نحو الفضاء. ويتعلق الأمر بكل من الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا.

وسبق لبريطانيا أن أطلقت عديدا من الصواريخ نحو الفضاء، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها صاروخا يحمل أقمارا صناعية نحو الفضاء الخارجي، إذ كانت كل عمليات الإطلاق السابقة تتم في إطار الجهود العسكرية أو البحثية الخاصة بالجو والمناخ، وسرعان ما تعود للأرض من غير أن تستقر في مدار حولها.

ورغم ما تتوفر عليه بريطانيا من قدرات تقنية هائلة، فإنها عجزت حتى الآن عن إرسال صاروخ للفضاء الخارجي من فوق الأراضي البريطانية، فهل هذا العجز بسبب الفشل أم غياب الإمكانيات؟

بريطانيا تعجز عن إطلاق صواريخ للفضاء الخارجي لعدم حيازتها قواعد لإطلاقها وللتكلفة العالية لإنشائها (رويترز)

هل بريطانيا قادرة على تصنيع صواريخ الفضاء؟

تُعَد بريطانيا من الدول الشهيرة في صناعة الأقمار الصناعية وبناء صواريخ الفضاء، إلا أنها كانت دائما عاجزة عن إطلاقها من الأراضي البريطانية، لعدم حيازتها قواعد لإطلاق الصواريخ نحو الفضاء، فهذه القواعد تتطلب استثمارات مالية ضخمة. ويجري حاليا العمل على بناء قاعدة في أسكتلندا.

ولهذا، فكل ما كانت تقوم بريطانيا به هو تصنيع الأقمار الصناعية والصواريخ وإطلاقها من دول أخرى نحو الفضاء الخارجي.

هل هذه أول مرة تحاول فيها بريطانيا إطلاق صاروخ للفضاء الخارجي؟

كانت أول مرة تقوم فيها بريطانيا بإطلاق صاروخ بريطاني الصنع بالكامل نحو الفضاء سنة 1971، وكان يحمل اسم “أحمر الشفاه”، وكان باللونين الأحمر والأبيض. وذلك في إطار عملية إطلاق سمّيت “السهم الأسود”، إلا أن هذه العملية تمت من أستراليا وليس من بريطانيا.

كما أن الكلفة العالية دفعت الحكومة للتراجع عن الاستمرار في عمليات مشابهة، وكانت عملية “السهم الأسود” الأولى والأخيرة في بريطانيا، لتركز بعدها أكثر على عملية تصنيع الأقمار الصناعية.

هل بريطانيا دولة قوية في صناعة الفضاء؟

نعم، فحسب تقرير حكومي، تدر صناعة الفضاء على الاقتصاد البريطاني أكثر من 16.5 مليار جنيه إسترليني، كما أنها توفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل في البلاد، وهذا عائد بالأساس للتقدم البريطاني في مجال تصنيع الأقمار الصناعية.

ما نقاط ضعف بريطانيا في صناعة الفضاء؟

لا تستطيع بريطانيا إرسال مركبات فضائية في مهام نحو الفضاء، كما لا تستطيع حتى الآن إرسال رحلات مأهولة بالناس أيضا، وليست لديها البنية التحتية لمنصات إطلاق الصواريخ الفضائية، كما أنها لا تتوفر على محطة فضائية.

لماذا عادت بريطانيا للاهتمام بإطلاق الصواريخ نحو الفضاء؟

كلمة السر هي “البريكست”، فمباشرة بعد إعلان انفصال بريطانيا الرسمي عن الاتحاد الأوروبي، أعلنت لندن الإستراتيجية الوطنية للفضاء التي تمتد من 2022 إلى 2025 لتبدأ نتائجها بالظهور.

تقول الوكالة البريطانية للفضاء إن الهدف من هذه الإستراتيجية هو بناء واحد من أحدث وأفضل الاقتصادات المرتبطة بالفضاء في العالم.

وتحدد الإستراتيجية 3 أهداف رئيسية:

  1. أولا الهدف العسكري لتعزيز حضور بريطانيا في الفضاء باستعمال الأقمار الصناعية المخصصة للمراقبة والتجسس.
  2. والهدف الثاني هو أن تصبح بريطانيا منصة لإطلاق الأقمار الصناعية.
  3. ثم الهدف الثالث أن تصبح بريطانيا دولة رائدة في مجال البحث العلمي الخاص بالفضاء.

وحددت الإستراتيجية تاريخين مهمين:

  • عام 2022 لإطلاق أول صاروخ نحو الفضاء الخارجي من بريطانيا، وهي المهمة التي أطلق عليها “ابدأ نحو الأعلى” وكتب لها الفشل، وتأجلت لبداية سنة 2023.
  • عام 2030 الذي تقول الإستراتيجية إنه سيكون تاريخ تحويل بريطانيا لمنصة لإطلاق الأقمار الصناعية نحو الفضاء الخارجي.
Satellite dishes are seen at GCHQ's outpost at Bude, close to where trans-Atlantic fibre-optic cables come ashore in Cornwall, southwest England June 23, 2013. Internet companies will have to store customer usage data for up to a year according to a new bill the British government will present to parliament on Wednesday, local newspapers reported. Britain's Investigatory Powers Bill, a renewed attempt to give security agencies powers to track online communications, will also tackle criticism from privacy campaigners by including assurances that any access of so-called Internet connection records would need judicial authorisation, the Guardian said. REUTERS/Kieran Doherty
بريطانيا من بين أشهر الدول في صناعة الأقمار الصناعية لكنها لم تحقق اختراقا في إطلاق صواريخ للفضاء (رويترز)

ماذا بعد فشل محاولة إطلاق الصاروخ؟

قالت الوكالة البريطانية للفضاء إنها لن تستسلم بعد هذا الفشل، وستعيد المحاولة بعد سنة من الآن. وإن نصف العملية كان ناجحا ويتمثل في انطلاق الصاروخ، وهو ما يجعل بريطانيا تتفوق في سباقها مع كل من السويد والنرويج، إذ إن كلتيهما تسعى أيضا لإطلاق صواريخ فضائية من أراضيهما.

وأكدت المديرة التنفيذية للوكالة البريطانية للفضاء إيان أنيت أن بلادها مصرة على هذا البرنامج، لأنه إذا نجح، “سيجذب كثيرا من الاستثمارات، ويخلق فرص عمل، ويكون ملهما للأجيال المقبلة”، خصوصا أن المملكة المتحدة تمر بظروف صعبة تعاني فيها أزمة اقتصادية وانهيار الخدمات الصحية، مما يجعلها في حاجة لإنجاز ضخم يعيد لها الثقة في قدرتها على دخول النادي الحصري لدول الفضاء.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.