بقدر ما كان الغرب حازما وثابتا وحذرا ورادعا وفعالا خلال عقود الحرب الباردة فإنه افتقر بسبب الغطرسة والاستسلام للقوة الأميركية العظمى إلى الحس التاريخي والإستراتيجي خلال فترة غورباتشوف

قال وزير خارجية فرنسي سابق إن الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف -الذي أقيمت جنازته يوم 3 سبتمبر/أيلول الجاري في موسكو- كان شخصية تاريخية مأساوية كبيرة وضعت بفشلها إضافة إلى نهاية الاتحاد السوفياتي نقطة البداية لفوضى كبيرة في روسيا وأوروبا، وعلى الغربيين كذلك التساؤل حول مسؤوليتهم بهذا الشأن.

وأضاف هوبير فيدرين في مقال له بصحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن غورباتشوف وصل إلى السلطة عام 1985 وهو يريد أن يغير الاتحاد السوفياتي تغييرا عميقا حرصا عليه، لا لجعله يختفي، وبدا مستعدا للذهاب إلى أبعد حد، ولكنه لم يكن يعرف إلى أي مدى ولا كيف، فهو قومي سلافي ولكنه أيضا شيوعي بنزعة مثالية، مما جعل فهمه صعبا على الغربيين إلا بعد فوات الأوان.

وأشار إلى أن غورباتشوف أطلق البريسترويكا (إعادة الهيكلة) بجرأة كما قرر الغلاسنوست (الشفافية) بشجاعة، ولكن حرية التعبير التي لم يسبق لها مثيل انطلقت ضده على الفور لتقوض ما يقوم به “أعتقد أنه ربما كانت لديه فرصة أفضل للنجاح والتغلب على المقاومة المتوقعة لو أخر إعلان الغلاسنوست حتى ينجح في إقامة شراكة مع الغرب وإدخال الاتحاد السوفياتي في العولمة على مراحل”.

لو لم يفشل غورباتشوف

وبقدر ما كان الغرب حازما وثابتا وحذرا ورادعا وفعالا خلال عقود الحرب الباردة فإنه افتقر بسبب الغطرسة والاستسلام للقوة الأميركية العظمى إلى الحس التاريخي والإستراتيجي خلال فترة غورباتشوف، وأكثر من ذلك في السنوات الأولى بعد نهاية الاتحاد السوفياتي تحت حكم بوريس يلتسين ثم فلاديمير بوتين في فترتي حكمه وديمتري ميدفيديف، حسب رأي فيدرين.

ولئن بدا من الصعب أن ينجح غورباتشوف في حركته الإصلاحية فإن ما كان يحاول تحقيقه عالميا كان في مصلحة أوروبا بالنسبة للرئيس الفرنسي وقتها فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هيلموت كول، وبالتالي لم يكن من العبث مساعدته، إلا أن واشنطن ولندن كان شغلهما الشاغل إسقاط الاتحاد السوفياتي.

ومن أجل دعم غورباتشوف ضم فرانسوا ميتران الاتحاد السوفياتي في مشروعه العظيم “للاتحاد الأوروبي”، ولكن لسوء الحظ قتلت الفكرة في مهدها -حسب الكاتب- واستخدم الأميركيون حق النقض ضد أي مساعدة جديدة لروسيا، مما أدى إلى الانقلاب الشيوعي ويقول “أنا أحد الذين يعتقدون أن التطور المأساوي لبوتين لم يكن قاتلا تماما”.

وبعد قرار بوتين المفاجئ في 24 فبراير/شباط الماضي -كما يقول فدرين- لم يكن هناك مجال للتردد، وعلينا دائما منعه من الانتصار في أوكرانيا وبالتالي الحفاظ على الخط الأكثر صرامة دون الدخول في حرب مفتوحة بين حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) وروسيا.

وختم الوزير السابق بأنه في مواجهة هذه الكوارث لا يسع المرء إلا أن يتصور كيف كان يمكن أن يكون تاريخ أوروبا وروسيا لو لم يفشل غورباتشوف، لكن التاريخ لا يعيد نفسه حتى لو تحركت عجلته إلى الوراء، وفقا لفيدرين.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.