يستعرض الجزء الثاني من الفيلم الوثائقي “الحرب الطويلة” -الذي بثته قناة الجزيرة مساء الجمعة- أبرز المحطات الرئيسية للعلاقة المتوترة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وحليفتها في المنطقة، إسرائيل.

ويبدأ بعرض التوتر بين طرفي الصراع (واشنطن وطهران) من الإستراتيجية التي اتبعها الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب خلال تسعينيات القرن الماضي، حين أراد بناء شرق أوسط جديد، وسعى إلى جعل منطقة الخليج ذات الأهمية الإستراتيجية منطقة أكثر أمانا للمصالح الأميركية، وهو هدف تطلب تحقيقه حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فكان مؤتمر السلام في مدريد.

غير أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي استثنتها إدارة بوش الأب من الدعوة إلى مؤتمر مدريد، لم يقبل قادتها الجدد -الذين تولوا الحكم بعد وفاة الإمام الخميني عام 1989- مشاريع التسوية الجديدة للقضية الفلسطينية. فقد أقام المرشد الأعلى علي خامنئي مؤتمره لدعم الشعب الفلسطيني، وكان ذلك قبل أسبوعين من مؤتمر مدريد.

وأجمع المشاركون في المؤتمر، من ثوار وقوميين وإسلاميين، على رفضهم الهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط، ورفضهم احتلال فلسطين، ورفضهم دولة إسرائيل.

ويقول نعيم القاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني -في شهادته للفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان: الحوار أم الحرب؟- “نؤمن بأنه لا يمكن تحرير فلسطين إلا بالمقاومة وأن التسوية لن تحرر فلسطين”، مؤكدا دعمهم لحركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي لأنهما تتمسكان بالقتال والمقاومة ضد إسرائيل.

وكان المؤتمر الذي عقده خامنئي لدعم فلسطين بدايةً لتشكل روابط وثيقة بين حزب الله وحركتي حماس والجهاد، وهو ما أدى إلى ظهور ما ستسميه طهران لاحقا “محور المقاومة”، الذي سرعان ما أصبح هدفا لأميركا وإسرائيل. فقد اغتال الجيش الإسرائيلي يوم 16 فبراير/شباط 1992 الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ عباس الموسوي الذي شارك في مؤتمر طهران.

ويوم 17 مارس/آذار 1992، انفجرت سيارة مفخخة أمام السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين، مما أدى إلى قتل 28 شخصا وجرح 250، وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن الهجوم الذي اعتبرته إسرائيل ردا على اغتيال الموسوي.

توقيع الاتفاق النووي والانسحاب الأميركي منه

وزاد التوتر بين تل أبيب وطهران على خلفية حديث المخابرات الإسرائيلية عن تخطيط الإيرانيين لتطوير أسلحة نووية، وهو ما يؤكده موشيه بوجي يعلون، وهو رئيس هيئة الأركان ووزير دفاع إسرائيلي سابق، بقوله إن إسرائيل أول من اكتشفت في التسعينيات أن إيران تخطط لتطوير أسلحة نووية.

وأمام احتمال تطوير إيران لقنبلتها النووية، لجأت إسرائيل -من أجل حماية نفسها- إلى التفاهم مع الفلسطينيين، فكان اتفاق أوسلو الذي وُقع في البيت الأبيض بواشنطن يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993.

وحسب سيد حسين موسويان سفير إيران لدى ألمانيا (1990-1997)، فقد كانت طهران معارضة تماما لعملية السلام لقناعتها بأن إسرائيل لن تعترف بحقوق الفلسطينيين.

وفي مقابل استمرار إيران في دعم الحركات الإسلامية، خاصة حماس والجهاد، فرضت واشنطن عليها عقوبات اقتصادية، تمهيدا لعزلها والقضاء على خطرها.

ويُظهر الفيلم الوثائقي “الحوار أم الحرب؟” كيف توالت الأحداث في علاقة واشطن وطهران، وكيف احتاجت الولايات المتحدة إلى دور إيران في حربها على أفغانستان، قبل أن يقضي الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على أي أمل في الحوار بين الطرفين عندما تحدث عما سماه “محور الشر”.

ويتطرق الفيلم كذلك إلى قرار المرشد الأعلى خامنئي تكثيف برنامج تخصيب اليورانيوم والمضي فيه قدما، وذلك بعد رفض واشنطن الدخول في حوار مع بلاده. ثم مجيء إدارة باراك أوباما إلى البيت الأبيض وتوقيع الاتفاق النووي يوم 14 يوليو/تموز 2015 الذي تعهدت طهران فيه بقصر برنامج تخصيب اليورانيوم على إنتاج الطاقة لأغراض مدنية والتخلي عن سعيها إلى امتلاك أسلحة نووية، على أن تحصل في المقابل على رفع تدريجي للعقوبات التي كانت تخنق اقتصادها.

ويعرج الفيلم الوثائقي على موقف تل أبيب التي وصفت ذلك الاتفاق النووي بالكارثة، وصولا إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بعد مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، واغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020 بواسطة طائرة مسيّرة أميركية في مطار بغداد الدولي، ثم الرد الإيراني على الاغتيال.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.