الردود الأميركية والأسترالية على مساعي الصين لتعزيز مكانتها ونفوذها في المحيط الهادي تعكس مدى مخاوفهما من التداعيات المترتبة على تلك المساعي، وفق ما تراه الصحفية دوروثي ويكهام من جزر سليمان، في مقال لها بصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية.

وتقول ويكهام إن المفاوضات السرية بين بكين وحكومة بلدها الأم، جزر سليمان، قد أثارت تكهنات بأن المفاوضات قد تفضي إلى وجود عسكري صيني في الجزر.

وبالرغم من أن حكومة جزر سليمان قد نفت تلك التكهنات، فإن واشنطن أصدرت تحذيرا من أن هذه التطورات “ستشكل سابقة مقلقة” يمكن أن تزعزع استقرار المحيط الهادي، كما عبر سياسي أسترالي عن خشيته من أن جزر سليمان قد تصبح “كوبا صغيرة قبالة سواحلنا” أي سواحل أستراليا.

وتعلق الكاتبة على الحدث بأنها وغيرها من سكان الجزر يشعرون بعدم الارتياح أيضًا حيال ما يجري، نظرا لغياب الشفافية في تعاملات حكومة بلدهم مع الصين، وحيال الدوافع النهائية لبكين والتأثير المحتمل لكل ذلك على بلدهم الهش.

درس مهم لواشنطن

وتقول ويكهام إن المراقب لما يجري من الخطوط الأمامية لهذا التنافس بين القوى العظمى قد يخرج بخلاصة، أكثر دقة من وجهة نظر واشنطن وكانبيرا، وهي أن ما يجري بمنزلة درس مهم للولايات المتحدة في سباقها مع الصين على النفوذ في المحيط الهادي، يشير إلى أنه على القوى المتنافسة أن تكون حاضرة في المنطقة، وهو ما لم تفعله الولايات المتحدة، حسب المقال.

وتضيف ويكهام “نفهم أن جزر سليمان صغيرة ونائية وغير مهمة اقتصاديا؛ ولكن إذا تم استبعاد جميع البلدان مثلنا على هذا النحو، فإن الصين ستستحوذ علينا واحدة تلو الأخرى بوعودها بمشاريع الأعمال والمساعدات التنموية”.

وتنبه الكاتبة إلى أن بلدها حافظ على ولائه للغرب على مدى عقود عديدة، انطلاقا من إرث تاريخي تشكل عندما أوقفت الولايات المتحدة وأستراليا وحلفاؤهما تقدم الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية نحو احتلال أرضهم.

لكن ذلك الحدث التاريخي مضى عليه أمد بعيد، وهناك شعور طاغ اليوم بأن الغرب يتجاهل بلدهم، بل قد نسيه، ثم تتساءل “إذن من يستطيع أن يلومنا إذا فتحنا الباب لأصدقاء جدد يمكنهم المساعدة في تلبية احتياجاتنا؟”

الولاء لا يدوم!

وتبرز ويكهام أن بلدها لا يزال يكافح لبناء أمة رغم مرور 44 عاما على استقلاله، وأن نحو 80% من سكان جرز سليمان البالغ عددهم 700 ألف نسمة ما زالوا يعيشون في مناطق ريفية يصعب الوصول إليها، وتفتقر إلى مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي الأساسي والكهرباء، بالرغم من الموارد الطبيعية الكثيرة التي يتمتع بها بلدهم.

وتخلص الكاتبة الصحفية إلى إن الولايات المتحدة وأستراليا تزعمان الآن أن بُلدان المحيط الهادي مهمة بالنسبة لهما، وتضيف “لكنهما ستحتاجان إلى دعم ذلك (تلك المزاعم) بالعمل الدؤوب. فقد أنقذتنا تضحياتهما في زمن الحرب منذ زمن بعيد. لكن الولاء لا يدوم إلى الأبد، بل يكتسب”.

وتؤكد الكاتبة أن على الدول الغربية إدراك كون الدول الصغيرة الهشة التي تكتسي أهمية إستراتيجية -مثل بلدها- ليس لديها خيار سوى رسم مسارها الخاص، مع أي أصدقاء يمكنها الحصول عليهم.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.