إغيل- مضى أسبوعان على زلزال المغرب، وما يزال التطبيق الخاص بتسجيل الزلازل يخبرك بوقوع هزات أرضية هنا وهناك بمنطقة الحوز، تتراوح قوتها بين 3.5 و4.6 درجات على سلم ريختر.

وضع يبدو أن سكان هذه المنطقة المنكوبة قد اعتادوا عليه، وقد أخبرونا أنهم يشعرون بتلك الهزات الخفيفة كل يومين تقريبا، لكن وجودهم داخل الخيام يبعث في نفوسهم بعض الاطمئنان.

يخبرنا مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء ناصر جبور أنه يتم تسجيل آلاف الهزات الارتدادية في المناطق التي ضربها الزلزال، ويشرح أنها كانت تحدث يوميا، ثم كل يومين، ومع مرور الوقت بدأت تتباعد، وستستمر على هذه الوتيرة مدة من الزمن.

لكن استمرارها لا يدعو إلى الهلع، إذ يؤكد محدثنا أن درجتها خفيفة، وأن أكثرها لا يحسّ به الإنسان، بل تحتاج إلى أجهزة متطورة لتسجيلها.

غير أن الخطير بالنسبة لهذه الهزات -كما أوضح لنا مثلا بعض سكان دواوير إمكدال وتنسكت وأغبار- هو أنها تذكرهم بالكابوس الذي عاشوه قبل أسبوعين.

فبالرغم من وصول معونات شعبية ورسمية لا تكاد تنتهي إليهم، وبالرغم من قرب حصولهم على تعويضات مالية شهرية وعلمهم بمخطط الدولة لإعادة بناء بيوتهم، فإن شبح ما حدث في الثامن من الشهر الجاري ما يزال مخيما عليهم.

في ظل هذه الظروف، كان لزاما علينا أن نتتبع خطى الزلزال وهزاته الارتدادية بمنطقة الحوز، ونصل إلى أقصى نقطة فيها جنوبا على مسافة نحو 150 كيلومترا من مراكش، عبر طريق ضيقة غير ممهدة، تخترق جبال الأطلس الشاهقة المرعبة.

الطريق الجبلي الذي يؤدي إلى قرى الحوز بالأطلس امتلأت بالسيارات (الجزيرة)

البداية سلسة

إلى حدود بلدة إسني (55 كيلومترا جنوب مراكش) الطريق ممهدة وسلسة، لكن ما إن تخرج باتجاه بلدة ويرغان، فمرحبا بك في طريق حجرية غير ممهدة، المرور عبرها مغامرة حقيقية في الأيام العادية، فما بالك بأيام ما تزال فيها أشباح زلزال عنيف تحوم في كل مقطع جبلي تراه، وفي كل قرية تمر عبرها.

انطلقنا من مراكش، وفي البال قطع المسافة إلى أغبار في نحو أربع ساعات كما تخبرنا بذلك تطبيقات التكنولوجيا الجديدة، والأعين متشوفة للاطلاع على هؤلاء الذين صمدوا في وجه زلزال وصف بأنه زلزال القرن.

ما إن تجاوزنا ويرغان (63 كيلومترا جنوب مراكش)، حتى بدأت الطريق تضيق أمامنا، وتزداد ازدحاما كلما توغلنا في أعماق جبال الأطلس المخيفة. رجال درك وأمن موزعون هنا وهناك في كل المحاور الخطرة، ينظمون المرور في طريق جبلية يفترض ألا تمر عبرها سوى سيارة واحدة، فكيف بسيارتين وثلاث، وشاحنات من الحجم الكبير.

نقطع بضعة أمتار، ثم يوقفنا رجال الأمن للسماح للقادمين من الجهة المقابلة بالمرور، ثم نقطع أمتارا أخرى بعد أن يسمح لنا رجال الأمن بالمرور بعد أن يكون رفاقهم قد أوقفوا القادمين من هناك.

وعندما يسمع الجميع صوت سيارة إسعاف، يسارع سائقو الشاحنات والسيارات للميلان قليل إلى الجانب لفسح الطريق لها، فيما يجتهد رجال الأمن في مساعدة المسعفين على المرور بسلام.

ينحرف سائقو السيارات قليلا وقلوبهم وجلة من أن تنزلق عرباتهم في هذا المنحدر الجبلي القاتل، حيث لن تتوقف السيارة -إذا انزلقت- إلا في قعر ذلك الوادي السحيق.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
المرور عبر الطرق الجبلية محفوف بالمخاطر (الجزيرة)

ولكم بدت الطريق طويلة بكثرة التوقفات استجابة لأوامر رجال الأمن الواقفين في حر الشمس منذ الصباح، يحرصون على منع المرور إلا بعد أن يؤكد لهم رفاقهم في المحاور المقابلة أن الطريق الجبلية سالكة.

فإلى جانب الازدحام الشديد على هذه الطريق الجبلية الوعرة، تحدث من حين لآخر انزلاقات لأحجار ضخمة من أعالي هذه الجبال الشاهقة، وتقطع الطريق، مما يدفع رجال السلطة لتوجيه الآليات الضخمة لتلك المحاور لفتح الطريق أمام السائقين.

بدا الأمر مرعبا للسائقين، إذ اكتشفوا أن الوضع صعب جدا بعد أن قطعوا كل هذه المسافة، وأن هناك احتمالات قوية بأن تسقط تلك الحجارة الضخمة عليهم وهم محاصرون، لا يستطيعون الرجوع إلى الخلف، ولا التقدم إلى الأمام.

تنفرج الأسارير بعد أن يشير رجل الأمن بيده للتقدم بضعة أمتار نحو الأمام، وفي العين والقلب أمنية أن تفتح الطريق كلية أخيرا، لكن هيهات، إذ بعد بضعة أمتار أخرى نجبر على التوقف مجددا حتى تنتهي الجرافات من فتح الطريق وإلقاء الأحجار المتساقطة في المنحدر.

استمرت بنا هذه الحال من التحرك والتوقف حتى قرية إجوكاك (نحو 95 كيلومترا جنوبي مراكش)، حيث جفت الحلوق، وبلغت القلوب الحناجر، خوفا من احتمال سقوط صخور ضخمة علينا تلقي بنا في قعر الوادي، أو أن تقع حادثة سير -لا قدر الله- في هذه الطريق الضيقة التي لا تستطيع فيها سوى البقاء مكانك حيث أنت، وتسلم أمرك للأقدار.

وسط هذه اللوحة العجيبة، انتشر عدد من القرويين من سكان الدواوير النائية التي مررنا بها على حافة الطريق يتفرجون على هؤلاء “المحاصرين” في هذه الطريق الجبلية الضيقة، ممن يفترض أنهم جاؤوا لمساعدتهم!

دواوير معلقة

الدواوير منتشرة على طول الطريق، حيث تبدو معلقة هناك في قمم الجبال المقابلة للطريق الجبلية التي نتوقف فيها أكثر مما نتحرك.

بدا دوار إجوكاك مدمرا حزينا، بيوته محطمة، وركام الأحجار مترامٍ على الطريق الضيقة التي تقطعه، فيما انتشر رجال الدرك ومعهم عناصر القوات المساعدة (جهاز أمني) ينظمون المرور، ويحفظون الأمن، ويساعدون من جاؤوا لتقديم الدعم.

وكان المشهد أكثر قساوة في قرية “تلات نيعقوب” (نحو 100 كيلومتر جنوب مراكش) التي تعد واحدة من أكثر القرى التي تضررت من الزلزال. بدت بيوتها مهدمة بشكل كامل، وكذلك دكاكينها البسيطة، ووسط كل الركام انتشرت جثث بعض الدواب.

ومع كل ذلك، لا تكاد تسمع من سكانها سوى حمد الله تعالى.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
الدواوير الصغيرة مشتتة في أحضان جبال الأطلس (الجزيرة)

عين الزلزال

وبينما توقفت بعض شاحنات المساعدة لتفريغ حمولتها لفائدة سكان هذه القرية المنكوبة، واصلنا الطريق باتجاه إغيل، مركز الزلزال وعينه وقلبه، هذه القرية الصغيرة التي كانت إلى حدود ما قبل الثامن من الشهر الجاري آمنة مطمئنة لا يكاد يعرفها سوى أبنائها، وها هي الآن تذكر على لسان كل من يتابع زلزال الحوز المرعب وتداعياته.

قد تفترض أنك سترتاح من تعب الطريق الجبلية الخطرة الضيقة عندما تصل إلى قرية إغيل، لكن ما حدث هو العكس، إذ يشعر من يصل إليها بثقل نفسي غريب، عندما يرى تلك الوجوه القروية الوديعة يعلوها الحزن والقهر على فقدان من رحلوا، وعلى تهدم بيوتهم وضياع ممتلكاتهم، وها هم يجدون أنفسهم داخل خيام جلبتها طواقم الدعم.

ويزداد الإحساس بالثقل عندما تتخيل أنه أسفل هذه البقعة، على عمق بضع كيلومترات، تحركت صفائح مرعبة قبل أيام، منشئة زلزال القرن الذي دمر كل شيء في طريقه.

يتحدث الناس في إغيل عن قصص ووقائع مؤلمة، صوت مرعب غمر المكان فجأة ليلا، تلاه انهيار سريع للبيوت المبنية بالطين والأحجار، ووسط الظلام الدامس، سمعت أصوات وصراخ في كل مكان، سرعان ما خفتت وسكتت إلى الأبد.

فيما حاول من بقي حيا المساعدة على إنقاذ الضحايا بوسائل بدائية، وعلى أضواء الهواتف والبطاريات البسيطة.

وكلما توغلت في دوار إغيل، تسمع قصصا وحكايات تختلف بعض تفاصيلها، لكنها تتشابه في كونها مأساة حقيقة رسمها بعنف الزلزال الذي حمل اسم القرية.

فهنا لقي أفراد من أسرة واحدة مصرعهم، وهناك نجت طفلة صغيرة من الموت بينما انتقل باقي أفراد عائلتها إلى رحمة الله، وهنالك لقي رب أسرة مصرعه مع اثنين من أطفاله.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
الأحجار التي سقطت من الجبال خلال الزلزال قطعت الطريق مرات عدة (الجزيرة)

بين الجبال

انطلقنا مبتعدين عن عين الزلزال باتجاه دوار أغبار، إحدى النقاط القصية في جنوب منطقة الحوز، وما تزال تلك الرهبة كبيرة ملتصقة بقلوبنا برغم الابتعاد تدريجيا، فإغيل لم يعد اسما لقرية نائية من قرى جبال الأطلس، بل أصبح رمزا لدمار عظيم.

ابتلعتنا الطريق الجبلية الضيقة من جديد، ومع استمرار ضيقها، وتجدد أخطار سقوط أحجار ضخمة على السيارات، بدأنا ننسى رهبة إغيل، وغرقنا في رهبة جديدة، يختزلها هذه المرة كون الطريق أصبحت أكثر ارتفاعا مع صعودنا في الجبال التي نقطعها.

فهنالك في أعلى ذلك الجبل المقابل لنا يظهر خط لا يكاد يُرى، تقطعه سيارات -تبدو مثل نقاط متحركة- تحمل مساعدات إلى قرى في قمم الأطلس، وهناك في الأسفل منحدر لا يُرى قاعه، وهنا داخل السيارة سائق بدأ يستعر غضبا، ليس فقط على قبوله خوض هذه المغامرة، بل على إهمال المسؤولين لهذه المنطقة منذ عقود.

“إنها منطقة سياحية يمكن أن تجلب للمغرب ملايين السياح سنويا، فكيف يعقل أن تبقى هذه الطريق دون اهتمام طوال هذه العقود”، يصرخ محدثي غاضبا قبل أن يضيف “لكن كيف يسكن أناس في هذه الأماكن المعلقة، لماذا يصرّون على البقاء هنا؟”.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
أكبر خطر على الطريق الجبلي هو تساقط الأحجار الضخمة فجأة (الجزيرة)

ففي هذه القمم السابحة في الفضاء، يسكن مواطنون اختاروا أن يتشبثوا بالأرض التي وجدوا أجدادهم يعيشون فيها، ولا يفكرون البتة في مغادرتها مهما كانت الظروف.

بعد أن قطعنا نحو 125 كيلومترا من هذه الطريق المستحيلة، وصلنا أخيرا إلى مفترق طريقين: أحدهما يؤدي إلى قرى ودواوير باتجاه مدينة تارودانت (268 كيلومترا جنوبي مراكش)، بينما هذه الطريق الضيقة على اليمين والمنحدرة نحو سفح الجبل، تؤدي إلى دوار أغبار، الذي أخبرنا بعض من فيه أنه لا يبعد عن مدينة تارودانت سوى بنحو 70 كيلومترا.

انحدرت بنا السيارة في منزلق ضيق وخطير، وخلفنا عدة سيارات وشاحنات صغيرة ما تزال تحمل المساعدات الآتية من كل مكان في المغرب، وأخرى قادمة من أسفل بعد أن فرّغت شحنتها في إحدى النقاط على الطريق.

في أكثر من مكان، فاجأنا وجود ينابيع مياه تفجرت حديثا بعد الزلزال، وانتشرت مياهها في المكان.

بعض السائقين توقفوا لملء ما لديهم من قوارير فارغة بهذه “المياه المباركة”، بينما أكد لنا الطبيب الألماني توماس -الذي جاء لمساعدة ضحايا الزلزال- أنه لا يعقل أن يبادر الناس لشرب مثل هذه المياه قبل أن يتأكد الخبراء من أنها صالحة للشرب.

فقد تكون مشبعة بمعادن أو شوائب تؤثر على صحة الإنسان، لذلك نصح الدكتور الناس بالحذر وتجنب شرب هذه المياه في انتظار ضوء أخضر من السلطات المختصة.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
بعض بيوت دوار أغبار التي لم تتهدم (الجزيرة)

“أغبار” أخيرا

مرت الدقائق طويلة ثقيلة ونحن نقطع الطريق، وكلما مررنا بجمع سألناهم عن دوار أغبار، فيخبروننا أنه قريب هناك في الأسفل.

أحدهم قال لنا “إنه يبعد نحو أربعة كيلومترات فقط عن هذا المكان”، لكن الذي حدث أننا قطعنا أربعة كيلومترات، بل ستة، بل عشرة حتى 15 كيلومترا دون أن يبدو أننا اقتربنا منه!

حلّ الظلام، وازدادت الطريق صعوبة وخطورة، وأنارت السيارات أضواءها، وبتنا نرى فقط مصابيح صاعدة من أسفل الجبل، وأخرى تنزل إليه.

وصلنا أخيرا إلى دوار أغبار، الذي يبعد نحو 150 كيلومترا عن مراكش في أقصى نقطة جنوب منطقة الحوز.

بدا دوارا غارقا في الظلام، هنا دكان بسيط شبه فارغ من السلع يبيع بعض المعلبات وبعض أنواع الحلوى الرخيصة الثمن التي يشتريها الأطفال، يتوسطه رجل ستيني تغطي التجاعيد وجهه، بدا نشيطا وهو يسرع بتلبية طلبات زبائنه، وجلهم هذا المساء ممن جاؤوا لتقديم المساعدة وحفظ الأمن.

وإلى جانب الدكان صيدلية ضيقة أغلقت أبوابها، وقبالتها انتشر بعض سكان الدوار يجمعون المساعدات التي وصلت، ويعملون على فرزها لتوزيعها على سكان البيوت المشتتة في أعلى الجبل وأسفله.

صيدلية بدوار أغبار
دكان بسيط في دوار أغبار (الجزيرة)

أكدوا لنا أنهم ممتنون جدا لكل من قدم لهم المساعدة، أو أتى للاطمئنان عليهم في هذه المنطقة المعزولة، وأوضحوا بدارجة مغربية مخلوطة بكلمات أمازيغية أن المساعدات تصل إلى كل ساكنة الدوار بشكل عادل ومنتظم.

إلى جانبهم انتشر بعض رجال الأمن للمساعدة، ولفسح طريق ضيقة -هي أقرب إلى زقاق- أمام السيارات التي تأتي للدوار، وتلك التي تغادره.

توقفنا هنا في دوار أغبار إذن بعد سفر طويل تطلب ساعات طويلة، في الوقت الذي كان الزلزال قد قطع طريقا أطول امتدت من مدينة أكادير وحتى مناطق جنوب إسبانيا، وذلك خلال أقل من عشر ثوان.

دوار يغرق هو الآخر في ظلام دامس بعد تضرر بنية الكهرباء بسبب الزلزال، والتي كافحت السلطات لإعادتها للخدمة.

وقفنا وسط هذا الظلام الدامس نتأمل عظمة هذه الجبال المرعبة التي تحيط بنا من كل جانب، وفجأة صاح مرافقي وقد أرعبته فكرة قضاء الليلة هنا في العراء، بضرورة أن نعود أدراجنا إلى مراكش.

صيدلية بدوار أغبار
صيدلية في دوار أغبار (الجزيرة)

وذلك يعني أن نقطع مجددا 150 كيلومترا أخرى جلها طريق حجرية جبلية لو انحرفت السيارة المارة عبرها قليلة لم تكن لتتوقف إلا في قاع لا تدركه الأعين وسط هذا الظلام الدامس، إذ لم تعد تفصلنا عن منتصف الليل سوى ساعتين تقريبا.

اتفقنا على العودة وخوض المغامرة من جديد، لتكتمل الصورة في عين قارئ الجزيرة نت، ويعيش معنا تجربة المرور عبر طريق مظلمة معلقة بين قمم جبال الأطلس الشاهقة، منثورة بالأحجار التي سقطت وتكاد تمنع المرور فيها، ونخشى أن تتساقط وتخلف ضحايا جددا ينضافون إلى لائحة ضحايا الزلزال.

عندما وصلنا إلى أعلى الجبل المطل على دوار أغبار، سألنا سائق شاحنة صغيرة تحمل المساعدات إلى دواوير المنطقة: هل الطريق سالكة باتجاه مراكش، وأخبرناه بمخاوفنا وبأننا فكرنا في التوجه نحو مدينة تارودانت جنوبا.

نصحنا بشدة بتجنب اختيار تلك الطريق، وقال لنا إن المرور عبرها مستحيل وسط هذا الظلام، وحدثنا عن معاناته الشديدة مع رفيقه حين مرورهما منها قبل ساعات قليلة.

اخترنا إذن -تحت وطأة الخوف- العودة من الطريق التي صحبتنا لأكثر من ثماني ساعات في مجيئنا إلى أغبار، وأخبرنا سائق الشاحنة بما يحتاج معرفته عنها، وعدنا أدراجنا.

الطريق إلى إغيل وما بعدها
العودة عبر الطريق الجبلي ليلا إلى مراكش رحلة محفوفة بالمخاطر (الجزيرة)

ساعات ثقيلة

مضت الدقائق طويلة ثقيلة، وبعدها الساعات، وساد الصمت داخل السيارة، ولم تنفرج الأسارير إلا بعد رؤية بضع سيارات هي الأخرى عائدة إلى مراكش، وهو ما يبدو في مثل هذه المواقف الصعبة نعمة تأنس بها القلوب الراجفة.

قطعنا الطريق بسرعة، فهي الآن تخلو من الفضوليين والزوار، ولم يتبق إلا المسعفون ومن يحمل المساعدات، وسرعان ما وصلنا إلى إغيل، وها هو الشعور برهبة المكان يعود إلينا من جديد.

بعد نحو ثلاث ساعات انتهينا إلى الطريق المعبدة، ولم نصدق أننا أدركناها أخيرا، ورسمت أضواء مدينة تحناوت -التي لاحت من بعيد- الابتسامة على وجوهنا من جديد.

وصلنا إلى مراكش عند الثانية فجرا تقريبا، وقد تركنا قلوبنا خلفنا هناك في قمم جبال الأطلس، مع أناس سيقضون لياليهم داخل خيام، في انتظار إعادة بناء بيوتهم التي هدمها زلزال غيّر منطقتهم إلى الأبد.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.