أثار إيقاف هيئة الإعلام والاتصالات في العراق برنامجا سياسيا بثته إحدى القنوات التلفزيونية انتقد الفساد في الجيش جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، وطالبت الهيئة قناة “يو تي في” (UTV) بالاعتذار إلى المؤسسة العسكرية، وإصدار قرار بإيقاف بث البرنامج.

وعرض البرنامج مشهدا تمثيليا في البرنامج الذي يقدمه الإعلامي أحمد ملا طلال، وظهر فيه الممثل إياد الطائي وهو يرتدي زي عميد في الجيش، وتحدث بطريقة فكاهية وساخرة عن وجود فساد كبير في وزارة الدفاع وتسجيل جنود وهميين يتقاضى كبار القيادات مرتباتهم.

وردا على قرار هيئة الإعلام والاتصالات قالت قناة “يو تي في” في بيان إن “الهيئة أشارت في كتابها إلى أن البرنامج أو في فقرة منه تضمن تحريضا على العنف والكراهية، فضلا عن عدم الدقة في نقل المعلومات، وهذا غير صحيح البتة”.

وأضاف البيان أن “الفقرة المشار إليها هي فقرة ساخرة، ناقدة وتمثيلية غير واقعية يؤديها ممثل عراقي معروف، غايتها التنبيه إلى مؤشرات سلوكية شائعة في الإدارة والقضايا العامة”.

وطلب بيان قناة “يو تي في” الهيئة بالمحافظة على استقلالها بعيدا عن أي ضغوط تتعرض لها من أطراف ليست لها القدرة على وعي معنى حرية التعبير من جهة، ومعنى أن يكون المرء شخصية عامة تخضع بالضرورة للنقد والسخرية من جهة أخرى.

بدوره، رفض مقدم البرنامج أحمد ملا طلال عبر صفحته في فيسبوك “الاعتذار” عما عرضه في برنامجه، قائلا “تحرشتُ بعش الدبابير، وكشفتُ من خلال مشهد تمثيلي مع الفنان إياد الطائي بعضا من فساد مؤسسات الدولة، وما تحدثتُ عنه لا يمثل إلا رأس جبل الجليد الظاهر على السطح، وهو معروف لدى الجميع وتحدث عنه رؤساء وزراء سابقون”.

وأضاف ملا طلال “انتقلنا من مرحلة الفساد والفشل إلى مرحلة الفساد والفشل وتكميم الأفواه والدكتاتورية، والقادم أسوأ”، مشددا بالقول “لن أعتذر عن كشف جزء من الحقيقة التي يعلمها الجميع”.

من جهته قال الممثل إياد الطائي في منشور له على فيسبوك إن الهدف من البرنامج ” تسليط الضوء على تشخيص الظواهر والنماذج السلبية في بلدنا، ومن باب أولى أن ننقد أنفسنا أولا”. وأضاف الطائي “كل ليلة نكون مع شخصية ألعبها، باختصار ليست الحكومات المتعاقبة سبب الفساد والخراب فقط، لكن أحيانا نكون نحن السبب؛ الصحفي، والضابط، والطبيب، وشيخ العشيرة……الخ”.

وتابع أنه “على مدى أيام الشهر الفضيل سنطل يومياً بشكل درامي شخصية تحكي عن نفسها وهي لا تمثل إلا بعض من هذه الشريحة الذين غادرتهم الوطنية ولا ينظرون إلا لمصالحهم الضيقة للأسف”.

في المقابل، قال اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة عبر حسابه على تويتر “عندما نبحث عن الشجاعة والتفاني نجدها قد تجسدت في جيش العراق، وإن الأصوات التي تحاول أن تنال منه ما هي إلا زبد في بحر هذا الجيش الباسل، ومن بينها ما تطرق إليه هذا البرنامج”.

آراء متباينة

وتباينت ردود فعل العراقيين على منصات التواصل الاجتماعي بين التضامن مع القناة ومقدم برنامجها السياسي وبين الناقد لطريقة عرض المعلومات عبر الاستعانة بممثل دون عرض أي وثائق أو بيانات رسمية.

وعلق الإعلامي علي الذبحاوي عبر حسابه على تويتر متسائلا “الأخ أحمد ملا طلال، ألا توجد شخصيات تتكلم عن الفساد بكل المؤسسات ومنها العسكرية حتى تستعين بالفنان إياد الطائي برتبة عسكرية وهمية ليتحدث عن فساد الدفاع”.

وتساءل الذبحاوي: “لا يوجد ضيوف بعد للبرنامج أم هو فيلم لإعادتك بطلا قوميا”؟.

وكتب رئيس المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون على حسابه في تويتر “فات أحمد ملا طلال أن ينبه بأن المشهد تمثيلي”، مبينا أن “هذا لا يعني أن يوقف برنامجه ويُخوّن”.

وأضاف سعدون “نتفق، نختلف مع أحمد، لكن ما حدث من هيئة الإعلام والاتصالات بمثابة انصياع تام لمن يرسم الخطوط الحُمر، الفاسدون أهانوا الجيش وليس أحمد، أو أي شخص آخر ينتقده”.

وقال عضو مجلس النواب مثنى السامرائي عبر حسابه على تويتر “إن حرية التعبير هي أحد المكتسبات الديمقراطية في عراقنا الجديد، كما أن تضحيات الجيش في مقدمة أولوياتنا، غير أن أي إجراء يحد من القدرة على النقد البنّاء والمسؤول أمر بالغ الخطورة، ولذا فإننا ندعو الجهات المعنية لإعادة النظر في قرار إيقاف برنامج السيد أحمد الملا طلال”.

وعلق عضو مجلس النواب أحمد الجبوري عبر حسابه على تويتر قائلا “قرار خاطئ لا ينسجم مع الدستور وحرية التعبير، ويهدف لإسكات الأصوات التي تنتقد الفساد في مؤسسات الدولة”.

وأضاف الجبوري “لا بد لمجلس النواب أن يمارس دوره الرقابي على كافة الوزارات، وعلى هيئة الإعلام والاتصالات ألا تنحاز للحكومة، خصوصا اذا كانت حكومة تصريف أعمال، وعليها أن تعيد النظر للعدول عن هذا القرار”.

أما النائب السابق في البرلمان حيدر الملا فطالب في تغريدة على تويتر بالاستفادة من مثل هذه البرامج لمعالجة الإخفاقات الموجودة، فواقع المؤسسات مزرٍ، ولا يمكن الحديث عن إصلاح دون تشخيص.

وكتبت الإعلامية سجد الجبوري تغريدة على تويتر عبرت عن تضامنها مع مقدم البرامج، وقالت إن شمس الفساد في العراق لا تغطى بغربال.

المحلل السياسي إبرهيم الصميدعي رأى في تغريدة على تويتر أنه يتعين وقف الفساد في المؤسسة العسكرية بدلا من تكميم الأفواه ومصادرة حرية النقد الإيجابي.

من جهته، أكد السياسي العراقي ليث شُبّر في تغريدة على تويتر أن “وزارة الدفاع كباقي الوزارات والمؤسسات ينخرها الفساد، وأن المناصب فيها تباع وتشترى، وأن الفضائيين فيها يشكلون فرقة فضائية كاملة، وأن 90% من صفقات العقود فيها فاسدة”.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.