يلوا- رغم الصورة القاتمة التي تفرضها الأخبار المتعلقة بالزلزال المدمر في تركيا وسوريا، لكن دائما هناك ما يدعو للتفاؤل، حيث شكلت حالة التضامن والتكاتف الشعبي صورة مضيئة وسط ظلام الكارثة.

فبعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال هرع الآلاف من المواطنين الأتراك والمقيمين من مختلف الجنسيات، للتبرع بالدم في طوابير طويلة بلا نهاية، مما دفع المنظمين إلى طلب العودة في اليوم التالي بسبب كثافة الأعداد.

ففي إسطنبول انتشرت مراكز التبرع بالدم ونقاط تجميع التبرعات المالية والعينية، حيث حددت السلطات التركية أن المواد المطلوبة هي الأغذية المعلبة والأغطية والملابس والأحذية الشتوية، فضلا عن مولدات الكهرباء وأسطوانات الغاز.

وشهدت مناطق تجمع العرب في إسطنبول حملات موسعة لجمع التبرعات خاصة في أحياء: باشاك شهير، أسنيورت، شيرين إيفلار، بالإضافة إلى حي الفاتح التاريخي، كما خصصت العديد من الجمعيات العربية حسابات بنكية لتلقي التبرعات المالية.

وعلى الضفة الأخرى من بحر مرمرة وعلى بعد نحو 100 كيلومتر من إسطنبول، لم يختلف الأمر في ولاية يلوا، حيث هرع المتبرعون -من كافة الجنسيات- منذ الصباح أمام مراكز التبرع بالدم التابعة للهلال الأحمر التركي، كما لم تتوقف حركة السيارات المحملة بالتبرعات باتجاه صالة الألعاب الرياضية والتي خصصتها البلدية لجمع التبرعات.

 

الجاليات العربية في تركيا تساهم في جهود إغاثة المتضررين من الزلزال (الجزيرة)

خلية نحل، هذا ما يمكن أن يوصف به الوضع داخل هذه الصالة الرياضية، التي تعتبر واحدة من أكبر نقاط جمع التبرعات، حيث المئات من المتطوعين يقومون بجمع التبرعات من أغطية وملابس وطعام ومياه، وحصرها في الخانات المخصصة لها، لحين شحنها إلى المدن المتضررة.

مركز “وقف ضياء” للتنمية والتعليم يشارك في حملة الإغاثة، وتقول سيدة فلسطينية عضو في المركز إنها مقيمة في يلوا، وإنها موجودة هي وبناتها منذ الصباح الباكر في الصالة للمساعدة.

وفي حديثها للجزيرة نت، قالت السيدة الفلسطينية إن طبيعة عملها تتلخص في استلام التبرعات التي يحضرها الأهالي ثم فرزها وتغليفها لحين نقلها، مضيفة “نقوم بذلك تطوعا لمؤازرة إخواننا الأتراك في هذا المصاب الجلل”.

بدورها تقدم جمعية “نوران” الخيرية التابعة للجالية العراقية خدماتها الإغاثية، وتقول رئيسة الجمعية المحامية إسراء القدسي إن دور الجمعية قائم على جمع التبرعات أيضا ثم تجميعها في مدرسة الحضارة العراقية، التي ترسلها لنقاط التجميع التابعة للبلدية.

وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت القدسي أن التبرعات المالية التي تصل على حساب الجمعية يتم إرسالها إلى “إدارة الكوارث والطوارئ التركية”، مشيرة إلى أن التبرعات لا تقتصر على الجالية العراقية فقط، بل تشمل مختلف الجنسيات العربية والأجنبية.

“محمد عيد”؛ مصري مقيم في يلوا وصاحب شركة خاصة، يقول للجزيرة نت إن هناك بعض المقيمين من المصريين والجنسيات الأخرى لا يعرفون أماكن جمع التبرعات، لذلك يحضرون التبرعات إلى الشركة التي تنقلها لنقاط التجميع التابعة للبلدية، مؤكدا أن هناك حالة تعاطف كبيرة بين مختلف الجاليات.

ورغم درجات الحرارة المنخفضة التي وصلت في بعض المناطق إلى تحت الصفر، فإن جهود الإغاثة لا تتوقف، حيث لا تخلو شوارع يلوا من المتبرعين الذين يحملون كل ما يستطيعون ويسرعون به نحو مراكز التبرع.

مشهد آخر رصدناه من داخل أحد المتاجر حيث الزحام الشديد، ويظن الناظر إلى هذه المتاجر من الوهلة الأولى أن هناك حالة هلع لتخزين السلع خشية ما هو قادم من الأحداث، لكن عندما سألنا السيدة التركية “فليز” قالت إنها لا تشتري هذه الأغراض لأبنائها، وإنما لتقديمها إلى المتضررين من الزلازل، وذلك مثل معظم جيرانها.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.