القدس المحتلة- بدا مشهد انتخابات الكنيست الـ25 والمقررة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل ضبابيا أيضا هذه المرة مع احتدام التنافس بين معسكر رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو والمعسكر المناوئ له والممثل بحكومة يائير لبيد، وبين هذا وذاك يزيد انقسام الأحزاب الأخرى من خلط الأوراق حول المنافس الأكثر حظا لتشكيل الحكومة القادمة.

وفي هذا التدافع الانتخابي يظهر انزياح المجتمع الإسرائيلي بأغلبيته نحو اليمين، ولا سيما مع تراجع قوة حزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، وانحسار تأثير اليسار الممثل بحزب “ميرتس” برئاسة زهافا غالئون وانضمامه إلى حكومة يائير لبيد زعيم حزب “هناك مستقبل” مع نفتالي بينيت رئيس حزب “يمينا”، والذي أعلن اعتزال الحياة السياسية.

القائمة العربية المشتركة تفككت هذه المرة بعد أن كان لها دور مهم في عدم حسم نتنياهو تشكيل الحكومة سابقا (الجزيرة)

نزوع لليمين المتطرف.. وتشتت عربي

وبانزياح اليسار الصهيوني عن قيم اليسار الكونية بات التنافس بين الأحزاب الإسرائيلية على أساس فكر اليمين التقليدي الذي يمثله حزب الليكود بزعامة نتنياهو وبين فكر وطرح اليمين المتطرف الذي يمثله رئيس حزب “عظمة يهودية” إيتمار بن غفير، وزعيم حزب “الصهيونية الدينية”.

ويحكم تحالفات واصطفافات الأحزاب اليهودية التوافق أو الانقسام حول شخصية بنيامين نتنياهو، وذلك على خلفية تورطه في ملفات فساد لا يزال يحاكم بسببها.

ووسط هذا المشهد اليهودي تفككت القائمة المشتركة للأحزاب العربية، والتي حصلت في دورات الانتخابات السابقة على 13 إلى 15 مقعدا، لتخوض الانتخابات هذه المرة مشتتة بين تحالف الجبهة العربية والحركة العربية للتغيير، وقائمة التجمع الوطني، ينافسها تيار عريض في أوساط فلسطينيي الداخل يدعو لمقاطعة انتخابات الكنيست الإسرائيلي.

انتخابات خامسة بإسرائيل، من سيكون رئيس الحكومة المقبل نتنياهو إما لبيد؟
احتدام الصراع الانتخابي بين معسكري لبيد (يسار) ونتنياهو في خامس انتخابات تجريها إسرائيل خلال 4 سنوات (الجزيرة)

رهان على العرب

بدوره، يعتقد رئيس حركة “رايتنا” (سياسية اجتماعية اقتصادية) سامر عثامنة أن الساحة السياسية الإسرائيلية تفتقر إلى مرشح بإمكانه تشكيل حكومة مستقرة في ظل بقاء نتنياهو بالمشهد الانتخابي، مما يعني أن سيناريو تشكيل حكومة وارد في الحسبان، لكن انتخابات سادسة ستكون مجرد مسألة وقت أيضا.

وأوضح عثامنة للجزيرة نت أن المشهد الحزبي الإسرائيلي يشهد استقطابا وقوده نتنياهو على الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى تعادل معسكر نتنياهو ولبيد، مما يعني تساوي فرصهما في تشكيل الحكومة المقبلة.

ويراهن نتنياهو -وفق عثامنة، وهو محلل سياسي أيضا- على انخفاض نسب التصويت عند المواطنين العرب وتراجع تمثيلهم الحزبي بالكنيست المقبل، مع تعزيز قوة اليمين المتطرف لتشكيل حكومة ضيقة.

أما يائير لبيد فيأمل في الحصول على شبكة أمان ودعم خارجي من القائمة الموحدة برئاسة عباس منصور، وتحالف الجبهة والتغيير العربيتين أيضا “مما يؤكد أن عدم الثبات السياسي في إسرائيل سيستمر حتى بعد الانتخابات الخامسة” برأي المحلل.

وفي محاولة لكسر حالة التعادل بين المعسكرين المتنافسين لا يستبعد عثامنة أن يبادر وزير الجيش بيني غانتس بعد الانتخابات لتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة أو الانشقاق عن “المعسكر الوطني” الذي يقوده والانضمام إلى حكومة مع الليكود، فيما يسعى نتنياهو للحفاظ على الهدوء والاستقرار بمعسكر اليمين الذي يتزعمه وتجنب احتمال التمرد ضده.

لا جديد يضمن الاستقرار السياسي

من جهته، يستعرض محلل الشؤون الحزبية الإسرائيلية الصحفي محمد مجادلة سيناريوهات تشكيل الحكومة المقبلة في ظل تعمق الانقسام والاستقطاب بين المعسكرات المتنافسة وفرص كل منها، ولا سيما مع منح استطلاعات الرأي الأفضلية لنتنياهو في تشكيل حكومة يمين ضيقة.

ويقدّر مجادلة -في حديثه للجزيرة نت- أن إسرائيل سيلازمها عدم الاستقرار السياسي وأزمة الحكم حتى بعد حسم الانتخابات البرلمانية الخامسة، على اعتبار أن نتنياهو وبسبب ملفات الفساد التي يحاكم بسببها هو المشكلة وليس الحل للعودة إلى الاستقرار السياسي وتشكيل حكومة مستقرة تنهي ولاية كاملة من 4 سنوات.

ويعتقد مجادلة أن الوضع الحالي الذي أفضت إليه التحالفات الانتخابية لن يقدم أي جديد للناخب الإسرائيلي خلال المعركة الانتخابية الخامسة على التوالي ولم يفرز أي جديد للحسم بين معسكري نتنياهو ولبيد حتى لو حدثت بعض المتغيرات.

نتنياهو الأقرب لتشكيل الحكومة

وفي استعراض فرص بنيامين نتنياهو وتحالفاته مقابل لبيد وتحالفاته في الانتخابات الجديدة، يشير مجادلة إلى أن نتنياهو أقرب للعودة إلى تشكيل الحكومة المقبلة، وعزا ذلك إلى تفكك القائمة المشتركة وتشتت الأحزاب العربية، وسط تقديرات بانخفاض نسبة التصويت في صفوف المواطنين العرب واتساع دائرة المقاطعة بينهم.

وأوضح المحلل أنه دون انقسام الأحزاب العربية ما كان بمقدور نتنياهو -الذي يواصل دعم معسكر اليمين- اقتناص فرصة تشكيل الحكومة والعودة إلى رئاسة الوزراء بحكومة يمين ضيقة قد لا تصمد طويلا.

ويقول مجادلة إنه عندما كانت الأحزاب العربية تحت مظلة واحدة هي “المشتركة” حققت إنجازا بتمثيل عربي غير مسبوق في الكنيست، وعجز نتنياهو عن ضمان أغلبية 61 من أصل 120 عضو كنيست لتشكيل حكومة.

وأوضح أن إسرائيل ومنذ 9 أبريل/نيسان 2019 توجهت إلى 4 معارك انتخابية فشل فيها نتنياهو في تشكيل الحكومة، ولعل أحد الأسباب كان وحدة الأحزاب العربية ضمن القائمة المشتركة.

واليوم في الانتخابات الخامسة -يقول مجادلة- “يوظف نتنياهو تفكك الأحزاب العربية ويحولها إلى عامل قد يساعده في تشكيل الحكومة المقبلة في حال تراجع التمثيل العربي البرلماني”.

فرص لبيد وسيناريو ثالث

في مقابل سيناريو عودة نتنياهو يقف أيضا خيار بقاء “معسكر التغيير” بزعامة لبيد على كرسي رئاسة الوزراء، إذ تمنح استطلاعات الرأي معسكره 55 إلى 57 مقعدا.

لكن نتنياهو -حسب مجادلة- “سيكون مطالبا بالحصول على دعم وشبكة أمان من القائمة الموحدة وتحالف الجبهة والتغيير، مما يعني أنه في أحسن الأحوال سيشكل هو الآخر حكومة ضيقة غير متجانسة في تركيبتها الائتلافية، مما يعني عدم الاستقرار السياسي الذي من شأنه أن يفضي إلى انتخابات سادسة أيضا”.

لكن أمام تعادل فرص المعسكرين في تشكيل حكومة ضيقة يشير مجادلة إلى سيناريو ثالث للخروج من أزمة الحكم، وهو تشكيل حكومة وحدة شاملة بالتناوب بين غانتس ونتنياهو على أن يكون غانتس أولا، وهو ما قد ينقذ نتنياهو الذي يبحث عن طوق نجاة من ملفات الفساد، وأيضا لوأد أي تمرد ضده في حزب الليكود في حال فشل بتشكيل حكومة للمرة الخامسة.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.