من المتوقع أن يصل -في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء- المنسق الأوروبي للمحادثات النووية إنريكي مورا، إلى العاصمة الإيرانية، للقاء كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني وعدد آخر من مسؤولي طهران في وزارة الخارجية وغيرهم، وذلك من أجل الدفع باتجاه إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وتأتي زيارة مورا بعد أن وصلت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران إلى طريق مسدود بشأن الملف النووي الإيراني، بسبب إصرار طهران على رفع حرسها الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.

وتعليقا على زيارة الموفد الأوروبي، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن خبراء من الطرفين الإيراني والأوروبي سيتابعون في طهران المباحثات السابقة، مؤكدا أن المفاوضات النووية تمضي في مسارها الطبيعي وأن هذا المسار مستمر، بحسب تعبيره.

ولفهم مهمة الموفد الأوروبي إلى طهران، طرحت الجزيرة نت 6 أسئلة على خبراء وباحثين في معاهد إيرانية للدراسات، لرصد حصاد المفاوضات النووية المتوقفة منذ 11 مارس/آذار الماضي وجهود الترويكا الأوروبية في فرصتها الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي.

المنسق الأوروبي للمحادثات النووية إنريكي مورا (يسار) يزور طهران اليوم (غيتي)

ما المطالب الإيرانية التي تحققت في المفاوضات النووية التي استؤنفت نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؟ وما القضايا الشائكة التي عرقلت إحياء الاتفاق النووي في فيينا؟

ولخّص الباحث في “مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية” عباس أصلاني، مطالب بلاده في محورين؛ رفع كامل العقوبات الأميركية والانتفاع الاقتصادي لا سيما بيع النفط واستلام عوائده، مضيفا أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض عقوبات مختلفة على شتى القطاعات والكيانات الإيرانية عقب انسحابه الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018، مما شكل أكبر قضية خلافية عقّدت المفاوضات، ولا تزال تهدّد بنسفها نهائيا.

وكشف أصلاني -في حديثه للجزيرة نت- عن حلحلة العديد من القضايا الخلافية لا سيما الملفات التقنية والاقتصادية حتی الآن، في حين استعصت بعض المطالب الإيرانية على الحل، منها التحقق من رفع العقوبات الأميركية بشكل عملي والحصول على ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة مرة ثانية من الاتفاق وشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية.

واستدرك قائلا إنه ما عدا ملف الحرس الثوري -الذي يعد العقدة الأساس في المسار التفاوضي- هناك تطورات إيجابية بشأن القضايا الخلافية الأخرى، وأضاف أن الجانب الأميركي في المقابل طالب بمناقشة بعض الملفات، مثل البرنامج العسكري الإيراني وسياسات طهران في المنطقة، وهو ما رفضته الأخيرة جملة وتفصيلا.

ما مهمة مورا والمبادرة التي يحملها في جعبته إلى طهران؟

أكد الباحث في “مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية” عباس أصلاني أن مورا يحمل مبادرة بشأن التوصل إلى حل وسط يرضي الجانبين الإيراني والأميركي بخصوص شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية، مؤكدا أنه لا أحد يعرف تفاصيل المبادرة التي جاء بها الموفد الأوروبي إلى طهران.

وكان منسق السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قال -في تصريح لصحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) البريطانية- إن الاتحاد الأوروبي يبذل جهود الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.

وأوضح بوريل أن طرحه يقوم على حل وسط يتم بموجبه رفع الحرس الثوري من القائمة السوداء الأميركية على أن يبقى فيلق القدس (التابع للحرس الثوري) في هذه القائمة.

ورأى أصلاني أن حظوظ مورا مرتفعة في تحريك المياه الراكدة وإعادة المفاوضات إلى سكة الاجتماعات المباشرة بين إيران ومجموعة 1+4 في فيينا بعد أن تواصلت عبر وسطاء منذ آذار/مارس الماضي، مؤكدا أن طهران لا يمكن أن تتخلى عن مطالبتها بشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، نظرا إلى دوره البارز في الاقتصاد إلى جانب مهمته الدفاعية، وهذا ما يعقد مهمة مورا.

وختم الباحث الإيراني بالقول إن بلاده تخشى الخطوات الأميركية المقبلة للتضييق على تعاملاتها التجارية بذريعة تصنيف واشنطن الحرس الثوري ضمن الكيانات الإرهابية.

ما حظوظ التوصل إلى اتفاق على أساس مبدأ “رابح-رابح” على غرار خطة العمل الشاملة المشتركة المبرمة عام 2015 بين إيران والمجموعة السداسية؟

يرى الباحث الإيراني في الشؤون الأميركية، أمير على أبو الفتح، أن بلاده لم تعد كما كانت عليه عام 2015 ولا يمكن للجانب الغربي أن يكون رابحا بامتياز في أي اتفاق محتمل بشأن الملف النووي الإيراني.

وأضاف أبو الفتح، في حديثه للجزيرة نت، أن المحور الصهيوأميركي أضحى مضطرا للاختيار بين “السيئ” و”الأسوأ”، على حد قوله، موضحا أن تلبية مطالب طهران وإحياء الاتفاق النووي سيحوّل إيران إلى قدرة اقتصادية وسياسية، وهذا ما يشكل خيارا سيئا لواشنطن، لأنه سوف يزيد من قدرة طهران ونفوذها في المنطقة.

وأوضح، أنه وفق الادعاءات الغربية بشأن قرب إيران من صناعة أسلحة دمار شامل، فإن انسحاب الأطراف الغربية من المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي سيكون الخيار الأسوأ بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مستدركا أن برنامج بلاده النووي سلمي وأن فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي تحرم إنتاج وحيازة السلاح النووي.

Iran nuclear talks enter day five
المفاوضات المتعلقة بالملف النووي تخللتها عدة عقبات وشروط (رويترز)

ما التحدي الأكبر الذي من شأنه نسف مفاوضات فيينا نهائيا؟

يرى أبو الفتح في فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية المقررة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تحديا كبيرا من شأنه نسف الاتفاق النووي والمفاوضات المتواصلة من أجل إحيائه منذ نحو عام، كما تحدث عن مخاوف إيرانية بشأن صمود الاتفاق المحتمل.

وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد وافق الأربعاء الماضي، بأغلبية 62 صوتا مقابل 33 صوتا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على مشروع قرار غير ملزم يدعو إدارة الرئيس جو بايدن إلى عدم الموافقة على اتفاق نووي مع طهران ما لم يقبل الإيرانيون بعض الشروط الصارمة، لا سيما منع صادرات النفط إلى الصين، وكبح برنامج الصواريخ البالستية، واستمرار العقوبات على الحرس الثوري.

كما وافق مجلس الشيوخ الأميركي على اقتراح السيناتور الجمهوري، تيد كروز، بفرض عقوبات تتعلق بالإرهاب على البنك المركزي الإيراني بأغلبية 86 صوتا مقابل 12 صوتا معارضا.

هل ترى إيران علاقة بين المهمة الأوروبية الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي والمساعي الغربية عامة لإيجاد بديل للطاقة الروسية؟

لعبت الحرب الروسية على أوكرانيا دورا متناقضا في المفاوضات النووية، وفق الباحث في الشؤون الاقتصادية غلام رضا مقدم، الذي يرى في إطالة أمد الحرب حافزا للجانب الغربي للتوصل إلى اتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي، بعد أن كانت المطالب الروسية وقف مفاوضات فيينا.

وأوضح رضا مقدم -للجزيرة نت- أن الأوروبيين يعتبرون القرار الروسي بعدم ببيع الغاز إلى الدول الغربية إلا بالعملة المحلية (الروبل) “استفزازا”، مؤكدا أن تنفيذ موسكو تهديداتها بقطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا حث الجانب الغربي على تحريك مياه المفاوضات النووية، لتشكل الطاقة الإيرانية إلى جانب بعض الدول الخليجية بديلا للغاز الروسي.

وخلص مقدم إلى أن حاجة الجانب الغربي إلى طاقة الشرق الأوسط تجعل إيران ليست متعجلة بشأن إحياء الاتفاق النووي.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.