وافق قائد الجيش السوداني مبدئيا على مبادرة أفريقية جديدة تتضمن تمديد الهدنة والتفاوض مع قوات الدعم السريع، وبينما واصلت واشنطن اتصالاتها مع الأطراف المعنية دارت معارك عنيفة في الخرطوم، واستدعى طرفا الصراع تعزيزات عسكرية من مناطق مختلفة، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث سقط المزيد من القتلى وواصل المدنيون الفرار من مناطق الموت، ونفذت دول عدة عمليات إجلاء لرعاياها.

وقد أعلن الجيش السوداني موافقة قائده عبد الفتاح البرهان بشكل مبدئي على مبادرة من منظمة إيغاد تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية، في حين لم يصدر أي تعليق من الدعم السريع.

وحسب بيان الجيش السوداني، فإن المقترحات تتضمن تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، كما قال البيان إن مبادرة إيغاد تشمل إيفاد ممثلين عن القوات المسلحة و”المليشيا المتمردة” إلى جوبا للتفاوض.

وفي حديث للجزيرة استبعد وزير خارجية جنوب السودان دينق داو أي حوار مباشر بين البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حميدتي في الوقت الراهن، وعزا ذلك إلى ظروف الحرب.

وفي المساعي الدولية، قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن الوزير أنتوني بلينكن بحث مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي التعاون لإنهاء الاقتتال في السودان.

من جهته، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الإدارة الأميركية ترغب في تمديد وقف إطلاق النار حتى يتم إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان.

وأكد كيربي التواصل مع طرفي الصراع بهذا الصدد، وأوضح أن بلاده تركز حاليا على مساعدة رعاياها على مغادرة السودان.

من جانبها، أكدت الحكومة الألمانية على ضرورة تشكيل لجنة لتهيئة الظروف لوقف دائم لإطلاق النار، كما حذرت من أن التسرع في إجلاء عمال الإغاثة الألمان والدوليين من السودان قد تكون له عواقب وخيمة.

معارك وتعزيزات

وعلى الأرض، دخلت الهدنة الرابعة بين طرفي النزاع في السودان يومها الثالث والأخير، وأفاد مراسل الجزيرة بسماع إطلاق رصاص متقطع في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم بعد فترة من الهدوء.

في الأثناء، قال مصدر عسكري بالجيش للجزيرة إن طائرات حربية تابعة لقوات الجيش قصفت أمس معسكرا تابعا لقوات الدعم السريع في حي النصر شرقي العاصمة السودانية.

وأفاد مراسل الجزيرة بأن أعمدة الدخان شوهدت تتصاعد من داخل معسكر الدعم السريع في حي النصر شرقي الخرطوم، وأن انفجارا ضخما دوى في المكان المستهدف بعد تحليق متواصل للطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني.

وشهدت الخرطوم معارك عنيفة في اليوم الثاني من الهدنة، حيث دارت اشتباكات في محيط القصر الرئاسي ومقر القيادة العامة، ودارت اشتباكات في الخرطوم بحري. 

ويقول الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع واصلت محاولات الهجوم على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في محيط المطار.

أما قوات الدعم السريع فقالت إن الجيش هاجم بالمدفعية والطيران الحربي مواقع تمركزها في القصر الجمهوري.

وكشف الجيش أنه دفع بتعزيزات عسكرية إلى العاصمة، وأفاد مصدر عسكري للجزيرة بأن التعزيزات العسكرية جاءت من عدة مدن، وأنها ستنخرط في الأعمال العسكرية ضد قوات الدعم السريع وفقا لمتطلبات الميدان.

وإمدادات الجيش السوداني تقابلها تعزيزات أخرى لقوات الدعم السريع من المناطق الغربية والجنوبية الغربية.

الموت والهروب والإجلاء

وعلى الصعيد الإنساني، أسفرت الاشتباكات عن 512 قتيلا وآلاف الجرحى.

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس إن الطرفين المتحاربين “هاجما مناطق مكتظة بالسكان من دون اعتبار للمدنيين أو المستشفيات أو حتى لمركبات تنقل جرحى ومرضى”.

وقدرت الأمم المتحدة أن 270 ألف سوداني قد يفرون إلى تشاد وجنوب السودان المجاورين.

وأكد مسؤول عند معبر القلابات الحدودي بين السودان وإثيوبيا تزايد أعداد العابرين إلى الجانب الإثيوبي منذ بدأت عمليات إجلاء الأجانب.

وقال “عبر حتى الآن 6 آلاف من جنسيات مختلفة، والنسبة الكبرى تحمل الجنسية التركية، كما عبر مئات السودانيين الذين يعملون في دول خليجية كانوا في إجازات عندما وقعت الأحداث”.

وتتواصل عمليات إجلاء الأجانب إلى بلدانهم عبر مطار وميناء مدينة بورتسودان شرقي البلاد.

وقد نفذت دول عربية -بينها السعودية والأردن- عمليات إجلاء من الخرطوم شملت العديد من رعايا الدول العربية.

وأجلت ألمانيا 500 شخص من أكثر من 30 دولة أول أمس الثلاثاء، من بينهم مواطنون بلجيكيون وبريطانيون وهولنديون وأردنيون وأميركيون، بالإضافة إلى ألمان.

كوماندوز وطائرات عسكرية

بدوره، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حكومته بأن باريس أجلت أكثر من 500 شخص من السودان، من بينهم أكثر من 200 مواطن فرنسي، بالإضافة إلى مواطنين أميركيين وبريطانيين وآخرين.

وقال ماكرون إن أحد رجال الكوماندوز الفرنسيين أصيب في تبادل لإطلاق النار أثناء الإجلاء لكن حالته مستقرة.

وأجلت طائرات عسكرية إيطالية أقلعت من جيبوتي 83 إيطاليا، من بينهم أطفال والسفير الإيطالي، و13 آخرين.

وقالت بريطانيا إنها بدأت عملية إجلاء “واسعة النطاق” لمواطنيها أول أمس الثلاثاء، معطية الأولوية للعائلات التي لديها أطفال وكبار السن والمرضى.

وفي وقت سابق، قالت واشنطن إن عشرات الأميركيين يسافرون برا في قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان، وإن عشرات آخرين عبّروا عن رغبتهم في المغادرة، وقالت إنها تنشر عتادا بحريا للمساعدة في عمليات الإجلاء إذا لزم الأمر.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إجلاء جميع اليابانيين الذين كانوا يرغبون في المغادرة.

وقالت الصين إن معظم مواطنيها تم إجلاؤهم بأمان في مجموعات إلى الدول المجاورة، ونشرت وزارة الدفاع سفنا تابعة للبحرية أمس الأربعاء لنقل المواطنين وإجلائهم.

ومنذ 15 أبريل/نيسان الجاري تشهد عدد من الولايات في السودان اشتباكات واسعة بين الجيش وقوات الدعم السريع راح ضحيتها مئات الأشخاص بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين.​​​​​​​

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.