وثق المنقذ والناشط البريطاني برين دان إحدى قصص غرق قوارب اللاجئين الموجعة، والتي عاش تجربتها قبل عدة أسابيع في مياه البحر الأبيض المتوسط بين قارّتي أفريقيا وأوروبا.

وقال برين دان -في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر- إنه كان قبل أسابيع قليلة في جولة استكشاف مع فريق “سي ووتش” -وهي منظمة ألمانية غير حكومية تعمل في البحر المتوسط لإنقاذ اللاجئين- حين رصدوا قارب لاجئين يغرق في مياه البحر على بعد 10 أميال منهم.

وأوضح أن الطائرة الخاصة بالفريق رصدت نحو 50 لاجئًا في المياه بعد تحطم قاربهم، وعلى الفور “انطلقنا بأقصى سرعة، وتمكنا من رؤية اللاجئين في المياه بوضوح، وكان خفر السواحل الليبي قد سبقنا إلى المكان”.

وبشأن ما شاهده لحظة ووصله قال برين دان “كان هناك الكثير من الأشخاص في المياه، يطلبون النجدة، وفي يأس يضربون مياه البحر، فهم غير قادرين على السباحة، ورغم أن بعضهم كانوا يرتدون سترات النجاة، فقد كانوا يصارعون لإبقاء رؤوسهم فوق الماء، لقد كانت تلك لحظاتهم الأخيرة التي يملأها الذعر”.

ويضيف المنقذ البريطاني أن أول الناجين كانا شخصين تصارعا على نفس طافية النجاة، ثم اقترب نحوهم شخصٌ آخر، وعندما وصل إلى القارب مد يده وسحبه فريق المنقذين و”ارتمى أول من ركب على القارب على الأرض، أعياه التعب، واستمر بالبكاء”.

وبينما كان برين دان وفريق “سي ووتش” منهمكين بعمليات البحث والإنقاذ، بقيت سفينة خفر السواحل الليبية قبالتهم، ورغم هول المأساة التي كان الناجون يعيشونها تلك اللحظات، فإن أحدهم -وفقا لبرين دان- ظل يصرخ “بشفاهه المرتجفة بسبب انخفاض درجة حرارة جسمه” ويقول “لا ليبيا! لا ليبيا!” خوفًا من تسليمه إلى خفر السواحل الليبية.

وفي مشهد آخر، قال برين دان إنه شاهد فتاة على متن السفينة الليبية ترمي بنفسها في البحر، حيث “تشاجرت الفتاة مع أحد الحراس ثم قفزت في البحر، وسبحت نحونا”.

ورغم أنها لم تكن تجيد السباحة -كما اكتشف برين دان لاحقا- فإنها فضّلت المخاطرة بحياتها على أن تعود ليبيا، فقد “كانوا جميعا مرعوبين جدا”.

وتابع برين دان أنهم لم يقدموا الإسعافات الأولية أو البطانيات لكل من تم إنقاذه، وأنهم فضلوا التفرغ لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المهاجرين، حيث مدّ بعض من تم إنقاذهم يد المساعدة للفريق وشاركوهم في عمليات البحث.

وأفاد أن القارب كان يحمل 55 لاجئا أفريقيا الذين انطلقوا من الحدود الليبية بحثًا عن بر الأمان في القارة الأوروبية، نجا منهم 38 شخصا بينهم امرأتان حاملتان في الشهر الأخير، وغرق 18 آخرون.

وحين انتهت عمليات الإنقاذ كان بعض الناجين حسب برين دان “على وشك الموت بسبب الانخفاض الحاد في درجة حرارة أجسادهم، وبعضهم لم يستطع الجلوس من الإعياء، وهناك من كان فاقدًا للوعي، وآخرون كانوا يرتجفون بشدة، وأصيب البعض بحروق شديدة بسبب الوقود المتسرب من قاربهم الممزوج بالمياه المالحة”.

وبشأن مصير الناجين، قال برين دان إنه بعد انتهاء رحلة العذاب التي عاشها المهاجرون الأفارقة، رست سفينة الإنقاذ على سواحل مدينة صقلية في إيطاليا، وتلقى الناجون الإسعافات الأولية، قبل أن يتم نقلهم إلى المستشفى حيث مكثوا هناك عدة أيام.

وأبدى برين دان تأثره الشديد بما حدث لأحد الناجين، وهو ليبيري يبلغ 17 عامًا، فقد كان وأخوه صموئيل (19 عامًا) قد غادرا وطنهما قبل 3 سنوات، وكان الأخير أحد الضحايا، وكان أخوه الناجي يسألني: كيف أقول لأمي أن أخي مات؟ فقلت ببساطة: لا أعرف يا صديقي، ولكن عندما يحين الوقت ستجد الكلمات المناسبة.

يعتقد الناشط البريطاني أنه لن ينسى تلك اللحظة أبدًا، وحال ذلك الطفل المسكين فـ “قلبي ينفطر عليه”.

ووجه برين دان انتقادًا لاذعًا للحكومات الأوروبية، متهمًا إياها بالوقوف وراء حوادث الغرق المتكررة بسبب إجراءاتها الصارمة لمنع توافد اللاجئين لحدودها وسواحلها، مشددا على أنه “لا أحد يستحق أن يغرق في البحر، نحن بحاجة إلى التغيير، لقد غرق عشرات الآلاف في هذا البحر السنوات الأخيرة”.

وأكد أن تلك الحوادث لا تأتي من قبيل الصدفة، فقد منعت الحكومات الأوروبية جميع سفن الإنقاذ من ممارسة عملها لإنقاذ اللاجئين، وفقًا له، وقال إنهم “يتركون البشر يغرقون في مياهنا لخلق رادع”.

وندد برين دان بتغطية وسائل الإعلام لحوادث المهاجرين المأساوية، كما دعا إلى الوقوف في وجه الحكومات الأوروبية، وعدم التزام الصمت إزاء ما يحدث، حتى “لا يغرق المزيد من الأولاد مثل صموئيل مرة أخرى”.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.