تؤكد طائفة المورمون عدم مسؤوليتها عن الجرائم، وتتنصل من كونها سببا لها على اعتبار الأمر حالات فردية يمكن أن تتكرر بين أي مجموعة بشرية.

يسلّط المسلسل الأميركي القصير “خطايا أمنا” (Sins of Our Mother) -الذي عُرض مؤخرًا على خدمة نتفليكس- الضوء على جريمة وقعت في ولاية أيداهو هزّت الولايات المتحدة الأميركية العام 2019، بعدما أقدمت أم على قتل أطفالها بناءً على تفسيرها لتعاليم دينية.

يحاول المسلسل بشكل أساسي طرح سؤال: كيف يمكن ارتكاب جرائم باسم الرهبنة الدينية؟ وكيف ارتُكبت الكثير من الجرائم شديدة الغرابة بدعوى التقرّب إلى الله؟

تدور أحداث مسلسل “خطايا أمنا” في 3 حلقات فقط صُنعت على شكل تحقيق استقصائي وراء الجريمة التي بدأت باختفاء أطفال لوري فالو غريبة الأطوار. يبدأ العمل بمشهد حقيقي صوّرته الشرطة يتهمها فيه أحد أزواجها السابقين بسرقة بيته وخطف أطفالهما، ثم نتابع قصة اختفاء الأطفال من خلال صحافي استقصائي.

تناول الإعلام الأميركي قصة لوري فالو “سيدة القيامة” -كما يُطلق عليها الجمهور- بناءً على ما قدّمته المصادر الرسمية من معلومات، بينما كان المسلسل أكثر رحابة في التعامل مع القصة بالمزج بين الحقيقة والخيال، مستعيناً بشهادات الابن الأكبر من زوجها الأول، ووالدتها، وبعضٍ من أصدقائها.

ما الذي أصاب بطلة “خطايا أمنا”؟

يلاحظ مشاهد “خطايا أمنا” تطوّر الهوس الديني لدى لوري فالو التي تتبع طائفة مورمون المسيحية، فيبدأ من وحدتها الشديدة التي جعلتها تقول إنها تقابل الإله، قبل أن تزعم أن المسيح التقاها وأمرها بتنفيذ مهام محددة.

يصل الهوس الديني ذروته مع ارتباطها بزوجٍ خامس وأخير، إذ تصرّح بإيمانها أن بعض البشر تموت أرواحهم لكن تبقى أجسادهم التي لا تمثل أي أهمية أو إحساس بالعالم، معتبرةً أن من واجبها إيقاظ الجميع عن طريق التخلص من أصحاب هذه الأجساد غير الحية “الزومبي” وقتلهم حتى “تعود إليهم الحياة والإحساس”.

على خلاف الرواية الأصلية، يشير المسلسل إلى أن هوس فالو الديني ازداد مع ترددها كثيراً على “كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة” دون تأكيد واضح لعلاقة الكنيسة بالجرائم التي ارتكبتها هذه الأميركية. فما الذي يدفع الكنيسة لتأمرها بقتل بعض البشر “الزومبي” الذين فقدوا أرواحهم؟ ولو كان ذلك صحيحًا، فلماذا لم يرتكب المزيد من أتباع الكنيسة جرائم مماثلة؟

تقدّم الرواية الحقيقية فالو على اعتبارها مهووسة بالشهرة وتعتقد أنها استثناء ولا تشبه أقرانها من أتباع طائفة مورمون، وربما يظهر هذا الاستثناء في تخيل محاورتها للمسيح شخصيًا على حد قولها.

تحول خطير بعد الزواج الخامس

بعد ارتباط فالو بزوجها الخامس شاد ديبول، تشهد حياتها تحوّلاً جذرياً بالنظر إلى أن زوجها الأخير كاتب مهووس بـ “الأيام الأخيرة” والقيامة التي اقتربت، وهو ما نمّى في عقلها -بحسب التحقيقات- فكرة الفناء القريب والتخلص من كل الأشياء غير المهمة وتقديم القرابين المحببة التي تبدأ من أطفالها إلى الموت أو إعادة الحياة بحسب معتقدها الغريب.

يحرك المجيء الثاني للمسيح الزوجين، ويدفعهما لاتخاذ قرار مجنون بالتخلص تحديدًا من حوالي 144 ألف إنسان بالقرب منهم، تبدأ من الأقارب، ثم المدينة، ومن ثم إعادة الحياة الحقيقية لهم عن طريق الموت أو إعادة الحياة.

يبدأ كل شيء في الانهيار من اللحظة الفاصلة في مسلسل “خطايا أمنا” والتي تتجسد باختفاء طفلي فالو الصغيرين وبحث ابنها الأكبر عنها، لتتخلص منهما وتدفنهما في حديقة المنزل، قبل أن تعثر الشرطة على رفات مدفونة منذ سنوات.

تنتهي القصة بمحاكمة فالو التي لم تنته بعد، ولم تصل بحسم إلى اعتبارها هي وزوجها من الجناة.

تنفي طائفة مورمون أي مسؤولية أو صلة بالجرائم التي ارتكبتها فالو وزوجها ديبول، وتعتبر أن ما حدث ليس سوى حالات فردية يمكن أن تتكرر بين أي مجموعة بشرية.

مسلسل “خطايا أمنا” بين التوثيق والدراما

تنقل مسلسل “خطايا أمنا” بين الاعتماد على مقابلات حقيقية وتخيّل سيناريو كامل يعتمد على تلك “الحكايات” وهو ما يجعله -بالرغم من اعتباره مسلسلا وثائقياً- أشبه بعمل درامي ملحمي في قلبه قصة أشبه بالخيال، عن سيدة تحاول التخلص من بعض البشر فقط لأنهم “زومبي” لا يملكون أرواحًا.

وربما تنقل اللحظة الراهنة بقسوتها الظاهرة إنسانيًا بعضًا من هذا الهوس الذي تبرزه حالة مرضية، لكنها لا تنفي الوحدة العامة والقلق الوجودي والبشري المضاعف الذي يعيشه الإنسان المعاصر.

وقد يلمس المشاهد بعضاً من التحامل على طائفة مورمون في المسلسل الذي أنتجته نتفليكس، الأمر الذي لوحظ في عددٍ من الأعمال الفنية مؤخراً، والتي تسلط الضوء على بعض الجرائم التي ارتكبها أتباع هذه الطائفة على اعتبار أنهم يمثلون عموم المورمون.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.