كيف ينظر المجتمع إلى المرأة بعد الطلاق؟ وما الحقوق التي يسمح لها بها الآخرون؟ هل تنتهي معاناتها يوما ما أو تظل حياتها صعبة للأبد؟.. أسئلة كثيرة طرحها الموسم الثالث من مسلسل “ليه لأ”.

رغم اعتياد الحبكة وتكرار تناولها بالدراما، فإن المسلسل تناول أزمة الأم المطلقة من زاوية مختلفة نسبيا، منحت العمل فرديته وجعلته يتصدر قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة في مصر على منصة “شاهد”.

بدأ مؤخرا عرض موسم جديد من مسلسل “ليه لأ” تأليف مريم نعوم وإخراج نادين خان، أما البطولة فأُسندت هذه المرة إلى نيللي كريم، وصلاح عبد الله، وأحمد طارق، وعايدة رياض، ونادين فاروق، وفريدة رجب، ومعتز هشام.

تدور أحداث العمل حول شيري -أم مطلقة أربعينية ولديها ابن وابنة بالجامعة- تعيش حياة هادئة وطبيعية إلى أن تتعرف إلى طبيب يماثلها العمر، فيقرران الارتباط، وما إن يكتشف الابن الأمر حتى تُوضع العلاقة على المحك.

أزمة المرأة العربية بعد الطلاق

تناول الكثير من المسلسلات العربية خلال السنوات الأخيرة ما تتعرض له المرأة المطلقة من مشكلات بسبب نظرة المجتمع لها، لكن هذه المرة تطرح مريم نعوم سببا آخر للتعقيدات، وهو ابن البطلة، الذي يُعرقل استمرار علاقتها بالطبيب ويقف بوجه سعادة والدته ليس فقط لغيرته عليها، وإنما لأنه يشعر بالاستحقاق التام الذي يؤهله لقول لا وفرض سيطرته على الكبار.

وهو ما يُرجعه بعض الأطباء النفسيين إلى تعامل الابن مع والدته بصفته “الابن الزوج/الزوج ابن أمه” وهي أحد أنماط الشخصيات التي تنشأ أحيانا عند انفصال الأبوين، من جهة بسبب التدليل المفرط من جانب الأم للابن، ومن جهة أخرى نتيجة محاولات الأم لتعويض فشل زيجتها والتعامل مع الابن باعتباره الرجل المسؤول وصاحب الكلمة العليا في حياتها.

وهو ما يُفسر كذلك تناسي نموذج الأم هنا للابنة وتجاهلها، والتركيز أكثر مع الولد باعتباره محور كونها الشخصي، قبل أن تُفاجأ مع الوقت أنها أنشأت “وحشا” نرجسيا لا يفكر إلا بنفسه ومصلحته وليذهب العالم إلى الجحيم بمن فيهم أمه، جمهوره الوحيد.

كيف تُنشئ شابا نرجسيا وفتاة مستقلة؟

في الوقت الذي أفسد التدليل الابن، يستعرض “ليه لأ 3” نموذجا آخر للابنة الطموحة والمستقلة، التي تتولى مسؤولية نفسها وتبعات قراراتها ماديا ومعنويا، لا لشيء سوى لأن الحياة اضطرتها لذلك، إذ اعتادت أمها الانشغال عنها ومنح غالبية الاهتمام لشقيقها الأصغر -رغم ضآلة الفارق العمري بينهما- وتركها تخوض غمار بحر الحياة المتلاطم بمفردها.

وفي حين قد تختار بعض الأمهات سلوك هذا الدرب اقتناعا منها بالأفضلية الذكورية، ترى أخريات أنه القرار السليم، إذ يُفضّلن تركيز العطاء على الابن الاتكالي أو كثير المشكلات، ومتابعة الآخر القادر على تحمل مسؤولية نفسه بين حين وآخر عن بُعد.

وفي كلتا الحالتين تخسر الأم، حيث يظل الابن الأضعف هشا وقد يصبح غير قادر على الانخراط مجتمعيا أو مواجهة الأقوى منه مثلما جرى لابن البطلة، أما الابنة فتفقد ثقتها بنفسها وتبحث خارج البيت عمن يرونها أو يمنحونها القبول، مما قد يوقعها بأيادٍ مستغلة، ولحسن الحظ أن هذا لم يكن هو الحال.

سيناريو مفكك وتمثيل متواضع

للأسباب السابقة غضب بعض المشاهدين من شخصية الأم المتساهلة وغير العادلة التي تؤديها نيللي كريم خاصة في النصف الأول من المسلسل، وإن لم يكن ذلك هو السبب الوحيد. فعلى المستوى الفني أيضا جاء أداء نيللي متواضعا مقارنة ببطلات المواسم السابقة.

وهو ما كان مثار انتقادٍ للمخرجة نادين خان المعروفة بحسن إدارة طاقم العمل وإخراج أفضل ما لديه، والمؤلفة مريم نعوم ذات الباع الطويل في تشريح الشخصيات وحساسية الحوار.

امتدت الانتقادات التي وجهتها شريحة من الجمهور لصانعي المسلسل لتشمل السيناريو المفكك، وكثرة المشاهد الطويلة من دون داع أو هدف، بالإضافة إلى الإخراج والتمثيل المتواضع.

حبكة الإنقاذ

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أهمية الحبكة، خاصة أن العمل استعرض نماذج نسائية مختلفة، فهناك الأم المطلقة التي قررت الانتصار لسعادتها لكن بالخفاء نسبيا، فاختارت الزواج مرة ثانية دون إخبار أولادها، واقتصرت على الأصدقاء المشتركين فقط، واللجوء لقضاء أوقات مستقطعة مع زوجها الذي تريد أن تُكمل حياتها معه، مع الانتظار حتى يستقل الأبناء للإعلان عن زواجها.

كذلك شاهدنا المطلقة التي ليس لديها أبناء، ومع أنها تقع بالحب من جديد، فإنها تخشى تكرار التجربة، ليصبح الرجل هو الطرف الأكثر إلحاحا لإتمام الزيجة، والمرأة هي التي تلجأ للهروب. وأخيرا نموذج الأرملة التي بات لديها أحفاد، ومع ذلك يبدو أن الحياة لم تبخل عليها هي الأخرى بفرصة ثانية لسعادتها و”للونس”، تُرى ماذا سيكون اختيارها؟

الوجه الجديد الذي سرق الأضواء

رغم أن الحظ لم يحالف غالبية أبطال العمل، يظل هناك مَن أجادوا أدوارهم بسلاسة وتَمَكُّن، على رأسهم الممثل القدير صلاح عبد الله، تليه عايدة رياض ثم نادين فاروق التي تعود للتمثيل بخطوات ثابتة وقوية.

لكن الوجه الجديد الذي سرق الأضواء من الجميع، هي فريدة رجب ابنة الممثل بسام رجب، التي تظهر على الشاشة للمرة الأولى بدور ابنة البطلة، واستطاعت بهدوء ودون أي مبالغة بالانفعالات أن تحظى على اهتمام الجمهور كنجمة قادمة، وتعاطفه مع الشخصية التي تلعبها.

وإن كان عليها التمرّن وبذل جهد مضاعف بعض الشيء على مخارج الحروف، كي تصير جُملها الحوارية أكثر وضوحا وتأثيرا. كذلك يجب الإشادة بالممثل الصاعد معتز هشام في دور ابن نيللي كريم، الشاب الذي كرهه الجميع لشدة ما أجاد الشخصية الأنانية والعنيفة التي يقدمها.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.