الكويت – مظاهر عيد الفطر المبارك كثيرة، تتوهج بالفرح والسعادة والبهجة بهذه المناسبة الجليلة التي تعقب شهر رمضان الكريم، فالعيد يبعث الفرحة في نفوس الصغار والكبار، ويجمع شمل الأهل والأحباب، ويزيد من صلة الرحم.

وللأعياد عادات وتقاليد في الكويت ومختلف الدول الإسلامية متوارثة جيلا بعد جيل، الكثير منها ما زال موجودا مثل مجالس كبار العائلات لتلقي التهاني، وكذلك أداء صلاة العيد في الساحات، لكن البعض الآخر اختفى مع الحداثة، خاصة تبادل الزيارات بين العائلات بسبب سفر معظمهم لقضاء عطلة العيد خارج البلاد أو في الفنادق والشاليهات الفاخرة.

وفي حوار مع الجزيرة نت، استعرضت الباحثة في التراث الشعبي والفنانة التشكيلية بزة الباطني أبرز أجواء عيد الفطر في الكويت.

وتخرجت الباحثة في التراث الشعبي والفنانة التشكلية بزة الباطني من جامعة جرونوبل عام 1976، وأصدرت 15 كتابا معظمها عن الإبداعات الشعبية وكتب للأطفال ومجموعتين قصصيتين ورواية.

كما نشرت أكثر من خمسين 50 بحثا وورقة عمل في مجال التراث الشعبي وثقافة الطفل والتربية والتعليم في مجلات علمية متخصصة في دول الخليج وبعض الدول العربية الأخرى، كما كتبت تاريخ وتراث وحكايات الكويت باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

وشاركت في كثير من المؤتمرات والملتقيات المعنية بالتربية والتعليم والتراث الشعبي والأدب العربي في الكويت ودول الخليج وأوروبا، كما شاركت عضوة في مجلس أمناء جائزة أدب الطفل في قطر والكويت.

وفيما يلي نص الحوار:

الباطني تؤكد أن عددا كبيرا من مظاهر العيد القديمة اختفت مع الحداثة (الجزيرة)
  • هل تختلف أجواء عيد الفطر في الكويت بين منطقة وأخرى؟

لا أعتقد أنها تختلف كثيرا، فالكويت دولة صغيرة والعادات والتقاليد فيها متشابهة، أتحدث عن العيد خلال الفترة التي عشت فيها، وأنا من مواليد منتصف الخمسينيات، لكن كان الأهل يحدثونا كيف كانت في الماضي أيضا.

  • ما أبرز الاستعدادات التي كان الأهالي يقومون بها لاستقبال عيد الفطر؟

العيد قديما كانت له بهجة مختلفة، الناس كانوا لا يقتنون الملابس الجديدة الجميلة إلا في أيام الأعياد بشكل عام، لذا كانوا يجهزون أكثر من ثوب وخاصة البنات والنساء، فيكون لكل يوم من أيام العيد ثوب مختلف. وفي ليلة العيد كانت تسهر الكثير من النساء والبنات عند الخياطات حتى الفجر أحيانا حتى ينتهين من خياطة ثيابهن. كما كان تخضيب اليدين والقدمين بالحناء من متستلزمات الزينة للنساء والبنات والتي كانت تعتبر أساسية ومن ذلك جاء المثل “جاز العيد بلا حنة” عن الأمر غير الهام، لكنه أصبح مع التعود عليه ضروريا.

والاهتمام الأكبر بالعيد كان ينصب على البنات وتزينهن بالثياب والحلي والحنة، وفي وقت لاحق أضيفت مساحيق التجميل، وفي هذا يُقال “العيد عيد الله وعيد البنات وإلا الحريم كل يوم لهن عيد”، أي النساء المتزوجات يتزينن بشكل دائم، أما زينة العيد فهي لله وللبنات.

أما الأولاد والرجال فكانوا يستعدون لقدوم عيد الفطر بالذهاب إلى محلات الحلاقة، فتغص بهم لأن عددها كان محدوداً في ذلك الوقت، بالإضافة إلى شراء الملابس الجديدة. كما كانت الفرق الموسيقية الشعبية تستعد لتقديم العروض في الساحات العامة، وتنصب الأعلام والزينات في أماكن كثيرة.

  •  ما أبرز العادات والتقاليد التي ما زال أهل الكويت يحافظون عليها؟

مجالس العيد كانت تعد في بيوت الأثرياء والشيوخ ورؤساء العائلات الكبيرة لتلقي التهاني وبيوت كبار السن من العائلة، ويتبادل الناس الزيارات من أهل وجيران وأصدقاء، وذلك بعد أداء صلاة العيد في المساجد والمصليات الخارجية.

وفي العيد هذه الأيام، احتفظ الناس -على اختلاف مشاربهم- ببعض العادات والتقاليد القديمة من حيث ارتداء الملابس الجديدة وتقديم العيديات (نقود وهدايا كالحلويات) للأطفال والشباب، ورغم أن الناس اليوم يلبسون الجديد كل يوم ويحصلون على مصروف يومي من الأهل، فإن ثياب العيد تبقى لها بهجتها الخاصة، فيتباهى بها الناس وتضفي عليهم سعادة غامرة، بينما يسعد الأطفال بالعيديات الممنوحة لهم من الأهل والأقارب والأصدقاء أكثر من المصروف اليومي.

الأطفال كانوا يقضون أوقاتهم خلال العيد بلعبة الديرفة والألعاب الأخرى (الصحافة الكويتية) المصدر: الصحافة الكويتية
الأطفال كانوا يقضون أوقاتهم خلال العيد يلعبون لعبة الديرفة (الصحافة الكويتية)
  • هل هناك عادات وتقاليد لم تعد موجودة اليوم؟

نعم هناك عادات لم تعد موجودة في وقتنا الحاضر، ومن ذلك تبادل الزيارات بسبب سفر معظم العائلات لقضاء عطلة العيد خارج البلد أو بعيداً عن بقية الأهل في الفنادق والشاليهات التي لم تكن متاحة من قبل. والمواطن اليوم، رجلاً كان أو امرأةً، أصبح مثقلا بهموم العمل وينتظر العطل الرسمية للاسترخاء والترفيه مع أهل بيته.

  •  ما أبرز الأماكن التي يحب الناس الذهاب إليها في العيد داخل الكويت؟

الأطفال كانوا يحبون أماكن اللعب ويرافقهم الكبار. وقديما كانت تنصب ألعاب الأطفال مثل “الديرفة” (الأرجوحة) و”القليلبة” و”أم الحصن” في الساحات المعروفة داخل الأحياء، وكان الأطفال يصرفون عيدياتهم كما يشاؤون على الألعاب والمكسرات مثل “النخي والسبال” (الفول السوداني المحمص) والحلويات و”الجراغي” (كرات المفرقعات النارية الصغيرة)، وبعض الأطفال كانوا لا يكتفون بالعيديات من الأهل، بل كانوا يذهبون لمعايدة الجيران للحصول على عيديات أكثر.

أما النساء فيقضين الوقت في الزيارات أو استقبال الزوار، وإن جاء العيد في فصل الشتاء فيذهبن للنزهة (الكشتات) في البر كلما أتيحت الفرصة، في حين يقصد الكثير من الرجال المقاهي أو الديوانيات.

  • بالنسبة للنساء، هل هناك عادات وتقاليد خاصة بهن؟

عادة يكون غداء العيد في بيت كبير العائلة، وتبدأ الاستعدادت لتجهيزه من الليلة السابقة، ويقدم بعد صلاة الظهر مباشرة، وفي أزمنة سابقة كان يقدم قبل ذلك في الساعة العاشرة صباحا تقريبا.

ويسهر الناس ليلة العيد خاصة مع تغير نظام الحياة بعد رمضان، لذا ينام الناس مبكرا أول أيام العيد لكن يعودوا للسهر في الليالي التالية. وتقدم في العيد الحلويات المعتادة في الكويت حسب الموسم منها الغريبة والبلاليط، وهي الشعيرية المطبوخة بالسكر والزعفران وتزيّن بالبيض المبهّر، وهذه الماكولات والحلويات تكون من صنع نساء البيت نفسه.

فتيات يلعبن إحدي الألعاب الشعبية قديما في الكويت (الصحافة الكويتية)_
فتيات يلعبن إحدى الألعاب الشعبية قديما في الكويت (الصحافة الكويتية)
  • هل تختلف أجواء العيد في الكويت عنها في الدول الأخرى؟

المسلمون في كل مكان يحتفلون بعيد الفطر بأسلوب متشابه، وأهم ما يميزه هو ارتداء الملابس الجديدة والزيارات وخاصة لبيوت كبار السن، وإسعاد الأطفال بالألعاب، لكن كل دولة أيضا تختلف فيها أنواع الطعام والمشروبات التي تقدم في صباح العيد ووجبة إفطار الصباح ومواعيدها.

وقد حضرت عيد الفطر في الصين عندما مثلت الكويت في ورشة لمشاهير الفنانين العرب، حيث دخل علينا العيد قبل نهاية العمل وشاركنا المسلمين هناك في الاحتفال بالعيد، وكان التجمع في صالة ملحقة بالمسجد وشعرت بأجواء فرحة العيد وكأنني بين الأهل والأحبة.

ولدي معلومات من الدكتورة زهرة المعبي -وهي مؤرخة سعودية- أن أجواء العيد تكون مختلفة في مدينة جدة السعودية ولهم تقاليد خاصة جدا.

  • كيف سيكون عيد الفطر هذا العام بعد رفع الإجراءات الاحترازية التي كانت موجودة في العامين الماضيين بسبب وباء كورونا؟

بإذن الله سيكون عيدا مباركا وهانئا تلتم فيه العائلات بعد أعياد كئيبة مرت أثناء الحجر الصحي. لكن لا بد من الحذر والالتزام بكل ما يضمن السلامة عسى أن لا يعود الشر ولا نرى مكروها بإذن الله. وأدعو للكويت وحكامها وأهلها ومقيميها والأمة العربية والإسلامية والعالم بالصحة  والخير والمحبة والأمن والسلام.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.