العامل الرابع الأكثر إثارة للرعب في تدمير كوكب الأرض هو الهوس بالنمو الاقتصادي الذي لا يعترف بمحدودية موارد كوكبنا.

إن تغيّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي يُهددان الوجود البشري، ويضاف إليهما عاملان آخران لا يقلان خطورة؛ هما النمو السكاني والاقتصادي.

في هذا المقال الذي نشره موقع “ذا هيل” (The Hill) الأميركي، قال الكاتب ديفيد شيرمان إنه بعد عقود من التضليل والمراوغة بشأن المخاطر التي تنطوي عن تغير المناخ، بدأت الحكومات الآن تؤكد تحذيرات علماء المناخ من الظواهر المناخية المتطرفة التي يشهدها الكوكب.

لكن الإجراءات المتبعة لمعالجة أزمة المناخ غير كافية لمنع درجات الحرارة من الارتفاع في المستقبل ونحن بحاجة إلى وقف انبعاثات الاحتباس الحراري في غضون العقدين المقبلين.

وذكر الكاتب أنه يمكن تقييم مدى نجاح جهود الحد من ظاهرة تغيّر المناخ عن طريق قياس مستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي. وإذا أخفقت جميع الطرق الأخرى، فإنه لا يزال أمامنا خيار إنفاق مئات المليارات من الدولارات لتطوير تقنيات تمتص هذه الغازات من الغلاف الجوي. لكن جزءا كبيرا من جهود الحد من آثار تغير المناخ يعتمد على الحلول التكنولوجية التي تسبب بدورها أضرارا بيئية.

يمكن تقييم مدى نجاح جهود الحد من ظاهرة تغيّر المناخ عن طريق قياس مستويات انبعاثات الغلاف الجوي (غيتي)

التنوع البيولوجي وأهميته البيئية

وقد أكد الكاتب أن تغيّر المناخ من أهم العوامل المسببة لفقدان التنوع البيولوجي، وحتى إذا تمكنا من احتواء أزمة تغير المناخ فإن أزمة التنوع البيولوجي ستستمر وإن كان بنسق أبطأ، لأن سببها الأساسي هو استنزاف العدد المتزايد لسكان العالم الموارد الطبيعية المحدودة للكوكب من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية.

وحدّد “التحذير من حالة طوارئ مناخية” عام 2019 -الذي وقّع عليه أكثر من 11 ألف عالم- العدد المتنامي لسكان العالم والناتج المحلي الإجمالي العالمي ضمن أسباب التدهور البيئي. ولكن العلم الذي يُعنى بتحديد العلاقة بين فقدان التنوع البيولوجي وتأثيراته البيئية وانهيار الحضارة لا يزال غير مفهوم لدى الأغلبية، ناهيك عن أنه ليس لدينا مقياس واحد لتقييم الزوال أو النجاح.

ووفقا لما أقرّه علماء من أستراليا والولايات المتحدة، فإن حجم التهديدات التي تتعرض لها جميع أشكال الحياة -بما في ذلك البشرية- كبير لدرجة يصعب فهمها حتى من قبل العلماء في ظل تدني الوعي لدى الحكومات والصناعات وهو ما يفسر عدم فعالية القوانين العالمية لحماية البيئة.

وتشمل نتائج ذلك هلاك المحاصيل الزراعية وما يصحبها من أزمات مثل المجاعة والصراعات. وفي أوائل الثلاثينيات، أو ما يسمى بـ “الثلاثينيات القذرة” في الوسط الأميركي، أدّى الجفاف المطول إلى خسارة 1.2 مليار طن من التربة عبر السهول الكبرى ونزوح الآلاف.

العلاقة بين فقدان التنوع البيولوجي وتأثيراته البيئية وانهيار الحضارة؛ لا تزال غير مفهومة لدى الأغلبية (غيتي)

وذكر الكاتب أن هناك بعض بوادر الأمل التي تشير إلى زيادة وعي الحكومات، أهمها التعاون الذي طال انتظاره بين منصة العلوم والسياسات الحكومية الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية والفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ.

ويجري حاليا تقييم رأس المال الطبيعي في 90 دولة بموجب نظام المحاسبة البيئية والاقتصادية للأمم المتحدة. وستعمل فرق العمل الدولية المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالطبيعة على وضع إطار عمل للشركات والمؤسسات المالية للإبلاغ عن المخاطر المادية والانتقالية المتعلقة بالطبيعة.

النمو السكاني

وأشار فيليب كافارو، أستاذ الفلسفة في كلية الاستدامة البيئية العالمية، إلى أن العديد من الدراسات تظهر أن الحد من النمو السكاني يعد من بين أرخص الوسائل وأكثرها فعالية للحد من تغيّر المناخ.

لكن النمو السكاني من المواضيع المحظورة في الوقت الحالي، وأبرز سبب لذلك مخاوف حقوق الإنسان؛ والحاجة إلى خلق التوازن بين حق البشرية في الاستمرار وبقاء العديد من الأنواع الأخرى التي نعتمد عليها.

ووفق كافارو، ينص تقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2014 على أن “النمو الاقتصادي والسكاني العالمي لا يزال من أهم العوامل التي تقف وراء زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري”.

النمو الاقتصادي والسكاني العالمي لا يزال من أهم العوامل التي تقف وراء زيادة الانبعاثات (غيتي)

الاقتصاد الاستهلاكي

وأشار الكاتب إلى أن العامل الرابع الأكثر إثارة للرعب هو الهوس بالنمو الاقتصادي الذي لا يعترف بمحدودية موارد كوكبنا.

وقد ركز قادة وممثلو الدول في قمة المناخ للأمم المتحدة “كوب 26” (COP26) -وهم من صنّاع الوقود الأحفوري- على النمو والتقدم والازدهار، ولا يمكنهم تصور الإصلاح الاقتصادي من خلال الحد من الاستهلاك، لذلك لم يناقش هذا الموضوع في تقرير الهيئة الحكومية

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.