مدة الفيديو 01 minutes 13 seconds

بعد عقود من تبني اليابان لسياسة التعايش السلمي والالتزام بعدم امتلاك قوة عسكرية قادرة على التصدي للتهديدات الإقليمية، تتزايد المؤشرات على تحول إستراتيجية طوكيو للتفكير الجدي في امتلاك قوة عسكرية قادرة على منحها مشاركة فعالة في أي صراع إقليمي.

ويقول المحلل السياسي الأميركي هال براندز في تحليل نشرته وكالة بلومبيرغ إن زيارته الأخيرة لليابان كشفت له عن ثورة في التفكير الإستراتيجي لليابان.

ويشير إلى أن ممارسات الصين في منطقة شرق آسيا دفعت اليابان إلى السعي لكي تكون قادرة على مواجهة أكبر دولة من حيث عدد السكان وإحدى أكبر القوى العسكرية في العالم.

وإذا كانت الصين بالنسبة للولايات المتحدة تشكل خطرا بعيدا، فإنها بالنسبة لليابان تمثل خطرا وجوديا على أعتاب بابها، وذلك وفق ما يقول تقرير بثته وكالة الأنباء الألمانية.

وقبل سنوات من إعلان القادة الأميركيين عودة الصراع بين القوى العظمى في العالم، كان المسؤولون اليابانيون يحذرون من تنامي الخطر الصيني.

ويقول براندز إنه في حين بدت العاصمة اليابانية جميلة، كان هناك شعور قوي للغاية بأن عاصفة قوية تتجمع في الأفق، مشيرا إلى تحذير رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا في يونيو/ حزيران الماضي من أن “أوكرانيا اليوم وقد يكون شرق آسيا غدا”.

وخلال الشهر نفسه أظهر استطلاع للرأي أن حوالي 90% من اليابانيين يعتقدون أنه ينبغي على بلادهم الاستعداد لمواجهة احتمال قيام الصين بغزو تايوان.

وفي الوقت نفسه تتباين الآراء في طوكيو، كما هو الحال في واشنطن بشأن متى سيكون خطر الحرب أكبر، وما إذا كان الرئيس الصيني سيغامر بكل شيء في مقامرة عسكرية عالية المخاطر.

مجلس حرب

كما يشير بعض المسؤولين اليابانيين إلى التغييرات التي أدخلها الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرا على دوائر الحكم العليا، التي شهدت تعيين أحد المحاربين القدماء وقائد سابق للقوات الصينية المواجهة لتايوان في أعلى منصبين باللجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، وقالوا إنها تمثل تشكيل “مجلس حرب”.

ولا جدال في اليابان على ضرورة استعداد البلاد لمواجهة احتمال استيلاء الصين على تايوان بالقوة، لأن ذلك في تقدير الكاتب “سيكون كارثة لليابان”، إذ قد تصبح الجزر في أقصى جنوب غرب الأرخبيل الياباني دون أي قدرة دفاعية.

كما أن الصين قد تعترض خطوط التجارة الحيوية لليابان وتزيد الضغط عليها في النزاع بشأن السيادة على جزر سينكاكو وقهر منافستها التاريخية في المنطقة.

ولهذا أعلنت حكومة اليابان بأقصى قوة ممكنة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة لغزو تايوان، رغم نفور اليابان التقليدي منذ الحرب العالمية الثانية من استخدام القوة بشكل عام.

وتخطط اليابان لمضاعفة إنفاقها العسكري بحلول 2027، كما حولت بعض جزرها الجنوبية الغربية إلى نقاط حصينة مزودة بصواريخ مضادة للسفن وأنظمة دفاع جوي.

كما تعتزم استخدام أسطولها المتقدم من الغواصات للتصدي للبحرية الصينية، وتتحرك طوكيو للحصول على صواريخ توما هوك الأميركية العابرة للقارات وغيرها من القدرات العسكرية لاستخدامها في أي هجوم مضاد.

ويبرر اليابانيون بعض هذه التحركات العسكرية الأخيرة بأنها تستهدف التعامل مع الخطر الذي تمثله كوريا الشمالية التي تواصل إطلاق الصواريخ قرب اليابان، لكن المسؤولين اليابانيين اعترفوا في أحاديث خاصة بأن كل أزمة مع بيونغ يانغ تعزز حجتهم في ضرورة الحصول على الأسلحة القادرة على مواجهة أي عدوان صيني.

تعاون مع واشنطن

في الوقت نفسه، ازداد عمق التعاون العسكري بين أميركا واليابان، حيث كثفت قوات البلدين التدريبات المشتركة، مع الاستعداد للقيام بعمليات عسكرية مشتركة في حالة نشوب صراع حول تايوان.

وتعتبر هذه الإجراءات جزءا من تحول أوسع حيث أصبحت الولايات المتحدة محورا رئيسيا في أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وبالتزامن مع ذلك، تحرك المسؤولون اليابانيون للدخول في سلسلة شراكات أمنية مع دول المنطقة من أستراليا إلى الهند، وقد صاغت اليابان فكرة المحافظة على “منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة” وهي الفكرة التي تتبناها الولايات المتحدة حاليا.

ورغم ذلك فإن كل ما يحدث في اليابان على صعيد تعزيز القدرات العسكرية لمواجهة الصين ما زال “نصف ثورة” على حد وصف هال براندز، مشيرا إلى أن مضاعفة الإنفاق العسكري لليابان سيجعله مجرد 2% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وهي نسبة ليست كبيرة مقارنة بالاحتياجات الحقيقية للدفاع عن البلاد.

كما أن الدستور الياباني ما زال يفرض قيودا واضحة على السياسة الخارجية والعسكرية للبلاد. لكن في المقابل أصبح التوجه نحو امتلاك قدرات عسكرية كبيرة واضحا ومستمرا، وفق ما ترى وكالة الأنباء الألمانية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.