هذه هي المرة الأولى التي يتقاطع فيها عالم مارفيل السينمائي الممتد مع التاريخ المصري القديم.

عُرضت أمس الأربعاء الحلقة الثالثة من مسلسل “فارس القمر” (Moon Knight) التي أخرج منها المخرج المصري محمد دياب 4 حلقات، في وقت شارك في صناعته العديد من المصريين على رأسهم الموسيقار هشام نزيه في الموسيقى التصويرية، والمونتير أحمد حافظ.

جذب مسلسل “فارس القمر” الذي يُعرض على منصة ديزني بلس، انتباه المشاهدين بوصفه واحدا من مسلسلات عالم مارفيل الممتد المختلفة قليلًا عن الصيغة الجاهزة لمشاهد الأكشن، والأبطال الذين يحاربون الشر بقبضاتهم، لدينا هنا بطل هو أوسكار إيزاك، وهو شخصية معقدة ترجع أصول قوتها إلى الحضارة المصرية القديمة.

فارس القمر خليط من التاريخ والاعتلال النفسي

يلعب الممثل أوسكار إيزاك في مسلسل “فارس القمر” شخصية غرانت، الذي يعمل في متجر الهدايا في متحف لندن، شاب لطيف بالنهار، يحاول أن يجد لنفسه مكانًا في المتحف يتناسب أكثر مع معلوماته الواسعة، لكن تجبره مديرته على وظيفته متدنية المكانة، وفي الليل نجده يربط ساقه بفراشه وينثر الرمل حوله، في إشارة إلى محاولة منع نفسه من المشي خلال النوم.

لكن الأمر يتجاوز مجرد علة المشي خلال النوم. ففي الليل يتحول غرانت البريء إلى شخص آخر، أكثر جرأة، يقوم بمغامرات خطرة، وفي إحدى الليالي استيقظ ليجد نفسه في جبال أوروبا، فاقدًا عدة أيام من حياته العادية.

هذا ليس كل شيء، فقد أصبح في مواجهة مع جماعة متعصبة ذات أسرار ترجع أصولها إلى الحضارة المصرية القديمة، ويكون على البطل أن يستخدم معلوماته التي جمعها طوال حياته لتعينه في حربه هذه.

وبينما يعيش غرانت في صراع مع الجماعة التي تطارده ولها قناعاتها الدينية حول الخير والشر، يصبح عليه أن يتعامل مع شخصيته الأخرى مارك سبيكتور التي تحاول السيطرة عليه خلال نومه، ويعلم لاحقًا أنها متصلة بإله القمر في الحضارة المصرية القديمة “خونشو”، وتعطيه القوة على التحول إلى ما يسمى “فارس القمر” ذا البدلة البيضاء بالقوة الخارقة، في حين لا يستطيع غرانت التحول إلا إلى “مستر غرانت” الأقل عنفًا.

ويصبح لدينا هنا ثنائية داخل الجسد نفسه، لكل منهما سماته المميزة، وهو ما أضفى على الشخصية حيويتها، وجعلها محل تفسير الكثيرين، إذ إن صاحبها مصاب بعلة نفسية كانفصام الشخصية.

لكن ذلك لا يمنع وجود سمات مسلسلات مارفيل المعتادة، خاصة مشاهد الأكشن. هنا تتميز بشكل مختلف، مع القدرات الخارقة التي يمتلكها “فارس القمر” أو أعداؤه، كذلك الجمع بين الكوميديا والخطر.

وهذا المزيج هو السمة المميزة للمسلسل، فهو مضحك ومثير، وينقل أعمال مارفيل المألوفة إلى شكل غير متوقع في بعض الأحيان، مع لمسة من الرعب، خاصة في المشاهد التي يظهر فيها خونشو الغاضب على الدوام.

تتشابه هذه التغييرات في نوع المسلسل، والجو العام الخاص به، مع شخصية غرانت المتقلبة التي تتميز بتعقيداتها الخاصة. وعلى الجانب الآخر فإن السيناريو والمؤثرات البصرية والمونتاج اجتمعت كلها لتجعل “فارس القمر” تجربة فريدة عن أعمال مارفيل المعتادة، وارتكز ذلك بالأساس على أداء أوسكار إيزاك ومقابله إيثان هوك في شخصية آرثر هارو ممثل الإله المصري القديم “آميت”.

 

فريق من المصريين

هذه هي المرة الأولى التي يتقاطع فيها عالم مارفيل السينمائي الممتد مع التاريخ المصري القديم، كما أن جزءا كبيرا من الأحداث يدور في مصر، لكن علاقة المسلسل بها لم تتوقف عند هذا الحد مثل الكثير من الأعمال الهوليودية التي تقدم صورة متخيلة عن البلاد الشرقية بعيدة تمامًا عن الواقع. فمن أجل أصالة أكبر، توجد خلف الكاميرا وأمامها مجموعة من المواهب المصرية، على رأسهم المخرج محمد دياب، أول مخرج عربي لمارفيل.

وفي حواره مع موقع “ذا هوليود ريبورتر” (The Hollywood Reporter)، قال دياب إن جزءًا كبيرًا من العرض التقديمي الذي وضعه مع زوجته الكاتبة والمنتجة سارة جوهر، كان هدفه ضمان تصوير بلاده ومواطنيها بشكل صحيح على الشاشة، والتخلص من الصور النمطية و”الكليشيهات” التي كثيرًا ما نراها.

دياب أضاف أن القاهرة تظهر على الشاشة الأميركية بشكل يدل على قلة الاهتمام بالتفاصيل، كمدينة غامضة قديمة، بينما هي مدينة حديثة وصاخبة لها طابعها الخاص.

ومن أشهر الأمثلة الحديثة على هذا التمثيل فيلم “المرأة العجيبة 1984” (Wonder Woman 1984).

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تصوير لقطة واحدة من مسلسل “فارس القمر” في مصر لأسباب ترتبط -كالمعتاد- بالحصول على التصريحات الرقابية وصعوبات التصوير، الأمر الذي أبعد أستوديوهات هوليود عن مصر منذ سنوات، وجعلها تجد بدائل في المغرب أو الأردن، وبالنسبة لفارس القمر تم تصويره في المجر.

بالإضافة إلى محمد دياب، شارك في العمل الملحن هشام نزيه، الذي قدم من قبل الموسيقى التصويرية لأكثر من 40 فيلما، بالإضافة إلى موسيقى موكب المومياوات الشهيرة.

وتميزت موسيقى نزيه في المسلسل بخليط من الكلاسيكية والشرقية والحداثة، إذ مزج الأغاني القديمة بالحديثة، ففي الحلقة الأولى نجد أغنية للفنانة نجاة وموسيقى أغنية لعبد الحليم حافظ، في حين جاءت نهاية الحلقة الثانية على نغمات أغنية “مهرجان الملوك” لأحمد سعد وعنبة ودوبل زوكش، في استخدام مميز لهذا النوع الغنائي الشعبي الذي يُحارب في مصر من نقيب الموسيقيين هاني شاكر.

مسلسل “فارس القمر” مثل باقي أعمال مارفيل يستند إلى القصص المصورة التي قدمت هذه الشخصية، والتي ظهرت بأشكال متعددة على صفحاتها، فمرات كشرير وأخرى كبطل مناصر للخير. وإذا استمر نجاح العمل بالوتيرة ذاتها، فإن يُتوقع أن تظهر الشخصية في أفلام “المنتقمون” القادمة، خاصة مع ربطها بأحد ممثلي الصف الأول مثل أوسكار إيزاك.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.