في الأول من أغسطس/آب 2013، خطب رئيس الجمهورية اللبنانية السابق “ميشال سليمان” بمناسبة بالاحتفال بالعيد الـ68 للجيش الذي أُقيم في ثكنة الجيش في الفياضية (قضاء بعبدا)، وأكد الرئيس الذي سلَّم الرئاسة عام 2014 إلى الفراغ السياسي بعد أن استلمها سابقا من فراغ مُماثل “صعوبة التعايش بين السلاح الشرعي والسلاح غير الشرعي، خصوصا عندما يُستخدم هذا السلاح خارج الحدود”، وما إن انتصفت ليلة الخطاب حتى فوجئ الجميع بسقوط صاروخين على أحد أكثر المربعات الأمنية والعسكرية تحصينا في البلاد، والمنطقة التي تضم مباني وزارة الدفاع وقيادتَيْ الجيش والأركان قُرب طريق القصر الجمهوري شمال شرق العاصمة اللبنانية بيروت.

 

جاءت الرسالة الصاروخية ضد سليمان ردا على خطابه الذي أشار فيه ضمنيا إلى ضرورة انضواء سلاح حزب الله تحت سقف الدولة، وسحب مقاتليه المشاركين في المعارك بسوريا إلى جانب جيش النظام السوري. وقد أتت الحادثة لتؤكد سطوة حزب الله المتعاظمة في البلاد -رغم عدم إعلانه رسميا عن مسؤوليته عن الحادث- وأن الحزب يستخدم سلاحه لممارسة “حق الفيتو” على السياسة اللبنانية.

 

بعد مرور 9 أعوام، لا يزال اللبنانيون يسجلون تلك الحادثة بوصفها واحدة من أهم الرسائل العسكرية والسياسية التي أفضت إلى قناعة في لبنان بأن الرئيس الجديد للبلاد لن يُسمح له أن يكون يوما مناهضا لحزب الله على وجه التحديد، وأن مهمة اختيار الرئيس وحكومته ستواجه صعوبات مستمرة وفراغا تلو الآخر. ولا يُدلِّل على ذلك أكثر من إخفاق البرلمان حتى الآن في انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد انتهاء ولاية الرئيس “ميشال عون” منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ لا تملك الدولة الآن سوى حكومة انتقالية بسلطات محدودة في خضم أزمة اقتصادية مستمرة.

 

لبنان بلا رئيس

رئيس الوزراء المُكلَّف “نجيب ميقاتي” (رويترز)

“إن ميقاتي غير مهتم بتشكيل حكومة جديدة للتعامل مع مشاكل لبنان التي لا تُعَدُّ ولا تحصى، وعليه الاستقالة”.

لم يُفوِّت الرئيس اللبناني المنتهية ولايته “ميشال عون” لحظاته الأخيرة دون أن يوجه رسالته لرئيس الوزراء المُكلَّف “نجيب ميقاتي”، الذي يحاول منذ 6 أشهر تشكيل حكومة دون جدوى. ورغم أنه بموجب القانون اللبناني يحق لحكومة ميقاتي أن تستمر في القيام بدور تصريف الأعمال حتى تُشكَّل حكومة جديدة، فإن “عون” وقَّع على مرسوم قبول “استقالة” الحكومة، وكتب ما سبق في رسالة للبرلمان قبل أيام من مغادرته القصر الرئاسي في بعبدا. وبالرجوع لولاية “عون” نفسها، وهو قائد سابق في الجيش ورئيس التيار الوطني الحليف لحزب الله اللبناني، يمكن القول إن البلاد شهدت خلالها العديد من الأزمات، بدءا بالاحتجاجات الجماهيرية التي أشعلها الانهيار المالي عام 2019، وحتى انفجار مرفأ بيروت الذي خلَّف مئات الضحايا عام 2020، إلى جانب تفكك هياكل الدولة. وقد غادر “عون” منصبه دون مصير واضح لمحادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي، الطرف الذي يُنتظر منه انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية.

 

منذ استقلال لبنان عام 1943، استقبل القصر الرئاسي اللبناني 23 رئيسا، جميعهم من المسيحيين الموارنة كما ينص الميثاق الوطني الذي صدر في العام نفسه. ورغم أن الرئيس لا يزال رمزا مهما في البلاد، فإن السلطة التنفيذية الحقيقية توجد فعليا في يد رئيس الوزراء، الذي يجب أن يكون مسلما سُنِّيًّا، على أن يكون رئيس البرلمان مسلما شيعيًّا. ومع ذلك، بات الفراغ الرئاسي أمرا معتادا في لبنان على مدار العقدين الماضيين. فمنذ اتفاق الطائف المُوقَّع عام 1989، تعاقب 5 رؤساء على السلطة في لبنان بفترات ترك فيها القصر الرئاسي دون رئيس، حيث تولى “ميشال عون” منصبه عام 2016 بعد عامين من شغور المنصب وبعد 46 جلسة انتخاب فاشلة، وفي أعقاب مفاوضات ماراثونية طويلة.

 

ثم أتت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مايو/أيار الماضي بنتائج خلطت أوراق الجميع، وكشفت عن تراجع “حزب الله” وحلفائه لصالح قوى أخرى، أبرزها حزب “القوات اللبنانية” و”قوى التغيير”، ومن ثمَّ ظهرت انقسامات غير مسبوقة داخل البرلمان عجزت معها الأطراف السياسية عن الاتفاق على مرشح رئاسي يخلف “عون”، وهو عجز مستمر إلى اللحظة. ووفقا للمادة 49 من الدستور، يجب أن يُنتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري في مجلس النواب، الذي يبلغ عدد نوابه 128 عضوا، وتُقَسَّم فيه المقاعد بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية.

 

مع بدء الجدول الزمني لانتخاب رئيس جديد في سبتمبر/أيلول الماضي، حاول البرلمان اللبناني ملء الفراغ الرئاسي، لكن كما هو متوقع، لم يتمكن أي مرشح في الدورة الأولى من التصويت من حيازة غالبية الثلثين، وحتى وقت كتابة هذا التقرير، فشلت تسع محاولات برلمانية لانتخاب رئيس للبلاد، دون أي إشارة إلى أن ذلك الوضع يمكن أن يتغير في أي وقت قريب.

 

حزب الله.. شروط الهيمنة

Supporters of Lebanon's Hezbollah leader Sayyed Hassan Nasrallah, carry flags and gesture as they ride in a convoy, marking the commemoration of Israel's withdrawal from southern Lebanon in 2000, in Kfar Kila village, near the border with Israel, southern Lebanon, May 25, 2022. REUTERS/Aziz Taher
حزب الله (رويترز)

“المقاومة في لبنان ليست بحاجة إلى غطاء أو حماية، وما نريده رئيسا لا يطعنها في ظهرها ولا يبيعها، وغير خاضع للولايات المتحدة التي تتدخل في أصغر التفاصيل الحكومية والوزارية في لبنان”.

في إطلالة تلفزيونية معتادة بمناسبة “يوم الشهيد” الموافق 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقف زعيم حزب الله اللبناني “حسن نصر الله” أمام أنصاره وصرَّح بالمواصفات التي يرغب الحزب في رؤيتها لدى الرئيس المقبل، وكانت تلك أول مرة يطرح فيها الحزب صراحة شروطه لخليفة “ميشال عون”. وبعد يومين من خطاب نصر الله، صرَّح “محمد رعد”، رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” (تابعة لحزب الله) بالبرلمان اللبناني، بوضوح أنه “في مواجهة الموعد النهائي للرئاسة، نعرف مَن نريد انتخابه، ونحن نعمل لضمان وصول هذا الشخص إلى الرئاسة”.

 

كانت تلك التصريحات إشارة واضحة إلى أن كفة ميزان الحزب في طريقها للميل لصالح رئيس تيار المردة “سليمان فرنجية”، المرشح الرئاسي الذي يُفضِّله حزب الله على حليفه المسيحي الآخر “جبران باسيل”، كما أن تأييد رئيس الوزراء ميقاتي لفرنجية مؤشر هو الآخر على الدعم المتزايد للرجل، إذ قال ميقاتي في مقابلة مع قناة الجزيرة: “إن الرئيس المستقبلي يجب أن يكون مقبولا لجميع الأطراف، ومن المعروف أن لدي صداقة خاصة مع السيد فرنجية، وأن لدينا علاقة تاريخية، لكنني سأترك الأمر للبرلمان”.

 

ورغم تحديد حزب الله لمرشحه ضمنا، يحرص الحزب حتى هذه اللحظة على عدم إعلان “المرشح” الذي يريده رسميا لعدة اعتبارات، منها أن تفضيل الحزب لحليف له دون الآخر يعني فقدان دعم الفصيل السياسي للمرشح الآخر، كما أن العلاقات المقطوعة تماما بين باسيل وفرنجية، التي من غير المرجح أن تعود قريبا، أمر يأخذه الحزب في الحسبان. وبدوره لم يعلن فرنجية ترشُّحه رسميا حتى الآن، وقال قبل بضعة أسابيع من مقر الكنيسة المارونية ما يوافق تصريحات حزب الله آنفة الذكر: “أنا لا أتآمر ضد حلفائي، لكنني لا أتلقى الأوامر منهم أيضا”.

 

ينحدر فرنجية، وهو نائب سابق شغل مناصب وزارية، من مدينة “زغرتا” ذات الأغلبية المسيحية المارونية في شمالي لبنان، وهو من عائلة إقطاعية وسياسية معروفة، فجده لوالده الذي يحمل اسمه كان من أبرز الزعامات المسيحية وانتُخب رئيسا بين عامَيْ 1970-1976 في الفترة التي شهدت اندلاع الحرب الأهلية في إبريل/نيسان 1975، وهي الحرب التي فقد فيها “فرنجية” والده ووالدته وشقيقته في “مجزرة إهدن” عام 1978، التي ارتكبها حزب الكتائب اللبنانية.

سليمان فرنجية (الجزيرة)
سليمان فرنجية (الجزيرة)

يتمتع فرنجية، الذي يظهر باعتباره حليفا غير متماهٍ تماما مع حزب الله، بعلاقات جيدة أيضا مع النظام السوري، لا سيما علاقته الشخصية بالرئيس بشار الأسد. وتُشير منظومة العلاقات تلك إلى أن الرجل سوف يكون مرشحا مرفوضا من قِبَل القوى الإقليمية السنية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، رغم أن المملكة انحازت سابقا إلى آل فرنجية، بعدما وصلت العلاقات بينها وبين إيران والنظام السوري إلى أدنى مستوياتها طيلة العقدين الماضيين.

 

بجانب فرنجية، لا يمكن غض البصر عن عناصر القوة التي يملكها أحد أكثر السياسيين نفوذا في لبنان والرجل الأقوى في طائفته “جبران باسيل”، وهو الذي شغل مناصب وزارية بين عامَيْ 2008-2020، وانتُخب نائبا للمرة الأولى عام 2018 إثر إقرار قانون انتخاب جديد كان هو من أبرز مهندسيه. ويدرك رئيس التيار “الوطني الحر” ورقة الضغط الأكبر التي يملكها، وهم نواب حزبه القادرون على إبقاء الفراغ الرئاسي كما هو، وهي ورقة تُمكِّنه من الضغط على “حزب الله” نفسه.

 

ومع ذلك، فإن باسيل الذي يراهن على تبدل الظروف الداخلية في لبنان، ولديه سجل في ملف العقوبات الأميركي منذ عام 2020، سعى لتقديم نفسه في السباق الرئاسي أمام المجتمع الدولي، فقد زار قطر وطلب وساطتها لدى واشنطن والرياض وطهران، ثم انطلق منها إلى باريس التي قادت الجهود الدولية لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية ولا تزال تسعى للعب دور سياسي فيها. وفي وقت يمكن فيه لوساطة غربية التوصل إلى حل وسط بشأن الرئاسة، يحاول باسيل استغلال علاقته بباريس، لا سيما بعد الدور الذي لعبه في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وقد قال باسيل مؤخرا: “أنا رئيس أكبر كتلة برلمانية، ومن حقي الكامل أن أكون المرشح وأُروِّج لنفسي، ولكنني أرى أن وجود لبنان أهم بكثير من هذا”.

 

لعبة عض الأصابع

Hezbollah member of the parliament Hassan Fadlallah casts his vote during the first session to elect a new president at the parliament building in Beirut, Lebanon September 29, 2022. REUTERS/Mohamed Azakir
الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان في بيروت، لبنان (رويترز)

في أول جلسة عُقدت لانتخاب خليفة لعون يوم 29 من سبتمبر/أيلول الماضي، نال النائب عن زغرتا (شمال لبنان) ورئيس كتلة الاستقلال “ميشال معوض” أصواتا أكثر بفارق كبير عن خصومه، فحصل على 36 صوتا، تلاه رجل الأعمال في فرنسا “سليم إدَّه” الذي حصل على 11 صوتا بعد الورقة البيضاء (الممتنعون عن التصويت). و”معوض” هو ابن الرئيس اللبناني السابق “رينيه معوض” الذي اغتيل بعد 17 يوما فقط من وصوله إلى الرئاسة عام 1989، ورغم أنه لا ينتمي إلى فصيل بعينه، فإنه يحظى بدعم الأحزاب المعارضة الأساسية، مثل حزب “القوات اللبنانية” بقيادة “سمير جعجع”، والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة “وليد جنبلاط”، وحزب الكتائب المسيحي المعارض، علاوة على نواب مستقلين وكتل صغيرة، وهو المدير التنفيذي لـ”مؤسسة رينيه معوض”، وهي منظمة غير حكومية لتعزيز التنمية الاقتصادية والريفية بدعم من مانحين دوليين.

 

بينما يؤكد معوض أنه لن يسحب ترشيحه لرئاسة الجمهورية وأنه “سيقاتل حتى النهاية”، فإن طموحاته تصطدم بموقف حزب الله الرافض له، إذ يُحسَب معوض على التيار المُقرَّب من واشنطن الذي يطالب بنزع سلاح الحزب. ويوجد في القائمة أيضا “سليم إدَّه”، رجل الأعمال ومؤسس متحف “ميم” للمعادن، وهو ابن “ميشال إدَّه”، الوزير اللبناني السابق، لكن “إدَّه” الذي حصل في جلسة الانتخابات الأولى على أصوات قوى التغيير في البرلمان رفض طرح اسمه؛ ما عرَّض قوى التغيير لحملة انتقادات.

 

كذلك يبرز قائد الجيش اللبناني العماد “جوزيف عون” باعتباره مرشح تسوية في حال فشل التوافق على مرشح آخر، إذ إن “جوزيف” يملك دعما دوليا وعلاقات جيدة مع شتى أطراف العملية السياسية. ورغم أن انتخاب “عون” يتطلب تعديلا دستوريا لكونه من موظفي الفئة الأولى الذين لا يمكن انتخابهم إلا بعد عامين من استقالتهم أو تقاعدهم، فإنه لا يستبعد أن يترشح ويفوز، إذ حدث عام 2008 أن قام البرلمان بتعديل الدستور وانتُخِب قائد الجيش آنذاك “ميشال سليمان” مرشحا توافقيا بعد أزمة طويلة، بيد أن الكثيرين لا يريدون تكريس عُرف انتقال قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية. وهناك أيضا رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي “جهاد أزعور”، وهو سياسي مخضرم له علاقات متوازنة مع معظم القوى اللبنانية، وعلاقات دولية ستتيح له الاضطلاع بمهمة إنقاذ الاقتصاد اللبناني.

BEIRUT, LEBANON - MARCH 08: (----EDITORIAL USE ONLY MANDATORY CREDIT - "LEBANESE ARMY PRESS OFFICE / HANDOUT" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS----) Chief of the Lebanese Armed Forces, General Joseph Aoun meets with Lebanese military authorities in Beirut, Lebanon on March 8, 2021. (Photo by Lebanese Army Press Office/Handout/Anadolu Agency via Getty Images)
جوزيف عون (غيتي)

بالإضافة إلى هؤلاء، هناك أسماء غير معروفة على نطاق واسع، تصدَّرها النائب السابق صلاح حنين”، الذي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله وإنهاء الوصاية السورية على لبنان. كما طُرح اسم “شبلي ملاط” بواسطة جنبلاط، وكذلك “ترايسي شمعون” ابنة السياسي المغتال عام 1990 “داني شمعون”، النجل الأصغر لرئيس الجمهورية الأسبق “كميل شمعون”.

 

على أي حال، يبدو هذه المرة أن انتخاب رئيس للجمهورية أكثر تعقيدا من السابق لعدة أسباب، لعل أبرزها غياب تيار المستقبل بزعامة “سعد الحريري” بوصفه اللاعب السني الأساسي، وظهور نواب “التغيير” والمستقلين في البرلمان بعد الانتخابات الأخيرة بوصفهم عنصرا جديدا. أما المعضلة الأكبر فهي موقف حزب الله الذي يملك القدرة فعليا على إعاقة ترشيح أي رئيس لا يرضى عنه الحزب.

 

في وقت تنتظر فيه لبنان الاسم الذي سيشغل قصر بعبدا، يمكن القول إن مؤشرات انتخاب رئيس لا تزال بعيدة، وإن المقعد لن يُحسَم قريبا ما ظلت الساحة اللبنانية على حالها، لا سيما بعد أن عجز “حزب الله” وحلفاؤه عن تأمين نصاب الثلثين في البرلمان والفراغ في القيادات السياسية السُّنية؛ ما يعني أن لبنان ينتظر على الأرجح تسوية إقليمية ترجح كفة أحد المطروحين بعد التشاور مع الأطراف الداخلية، ويعني أيضا أن خطة إنقاذ الاقتصاد لن ترى النور في أي وقت قريب.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.