سياسي بريطاني، تولى زعامة حزب المحافظين، ورئاسة وزراء المملكة المتحدة من 28 مايو/أيار 1937 وحتى العاشر من مايو/أيار 1940، اشتهر بسياسته الخارجية الداعية إلى السلام، وتوقيعه معاهدة ميونخ عام 1938 التي كانت تهدف لاسترضاء هتلر ومحاولة تفادي اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945).

المولد والنشأة

ولد آرثر نيفيل تشامبرلين في 19 مارس/آذار 1869 في منطقة إدغباستون بمدينة برمنغهام بالمملكة المتحدة، وتوفيت والدته فلورنس كينريك عندما كان صغيرا.

ينحدر من عائلة سياسية، فهو الابن الأصغر لجوزيف تشامبرلين، رجل الدولة ووزير المستعمرات البريطاني، وأحد زعماء حزب المحافظين، والأخ غير الشقيق لأوستن تشامبرلين وزير المالية.

آن تشامبرلين زوجة نيفيل تشامبرلين (مواقع التواصل)

الزواج

ظل تشامبرلين عازبا حتى سن الـ40، وفي العام 1910 وقع في حب آن دي فير كول، التي تزوجها في العام التالي، وأنجبت له طفلين هما دوروثي إثيل (1911-1994) وفرانسيس نيفيل (1914-1965).

جوزيف تشامبرلين والد نيفيل (مواقع التواصل)

الدراسة والتكوين العلمي

تلقى تعليمه في المنزل على يدي أخته الكبرى بياتريس، ثم أرسل لاحقا إلى مدرسة في بلدة روبي بمقاطعة وركشير في بريطانيا.

ثم تلقى تعليمة العالي في جامعة ميسن في برمنغهام، ولم يكن مهتما بالتعليم، فقام والده بتدريبه في شركة محاسبين عام 1889.

الوظائف والمسؤوليات

عندما بلغ من العمر 21 عاما ارتحل إلى جزر البهاما في المحيط الأطلسي شمال كوبا، لإدارة مزرعة والده، حيث قضى فيها نحو 6 سنوات خسر المشروع خلالها 50 ألف جنيه إسترليني.

عاد إلى مدينة برمنغهام في ويست مدلاندز بإنجلترا ليعمل في الشركة المصنعة لأرصفة السفن المعدنية، مما ساعد في إكسابه شهرة، أدت إلى انتخابه عام 1911 مستشارا في برمنغهام، ثم اختير عمدة للمدينة عام 1915.

انضم إلى حكومة ائتلاف ديفيد لويد جورج عام 1916 مديرا عاما للخدمة الوطنية، وأنشأ بنك ادخار بلدي، وهو الوحيد في بريطانيا العظمى في ذلك الوقت، ثم انتخب عام 1918 نائبا عن حزب المحافظين في مجلس العموم.

أصبح في الفترة (1922- 1923) مديرا عاما للبريد، وصرافا لرواتب القوات المسلحة عام 1923، حيث أثبت جدارته، فعين خلال أشهر وزيرا للصحة ووزيرا للمالية معا.

شغل في الفترة (1937 – 1940) منصب رئيس الوزراء، كما انتخب عام 1937 رئيسا لحزب المحافظين.

التجربة السياسية

بدأ اهتمام نيفيل تشامبرلين بالساحة السياسية فاترا، فقد كانت أولى مهامه السياسية أن يكون مشجعا لوالده الليبرالي وأخيه غير الشقيق، ولم يتجه نحو المعترك السياسي إلا في سن الـ50 من عمره.

وبالرغم من إخفاق المشروع الذي قام بإدارته في جزر البهاما، مما أدى إلى رجوعه إلى برمنغهام، اكتسب سمعة في كونه مديرا عمليا، كان يقوم بإدارة الشؤون اليومية بكفاءة.

وقد ساعدت ريادته في عالم الصناعة والأعمال التجارية في اتساع شهرته، وساعده عمق الخبرة وكثرة النجاحات التي حققها في قضايا الحكم المحلي على اعتلاء سلم الهرم السياسي في بريطانيا.

كان نهجه في الإدارة الداخلية قائما على الإصلاح في القوانين، وتحسين الظروف المعيشية وتحسين مستوى الرفاهية، وفي العام 1929 قدم 25 مشروعا إلى مجلس الوزراء، تم قبول 21 منها، لتصبح قوانين سارية في البلاد.

وخلال ولايته الثانية مستشارا، رفعت سياساته سمعته وأصبح معروفا بأنه مدير كفؤ، حيث قدم ميزانيته الأولى في مارس/أبريل 1932، فلم يقم فقط بتخفيض سعر الفائدة على ديون الحرب في بريطانيا، لكنه نجح في إعلان فائض الميزانية بحلول العام 1934، وبالتالي استعادة التخفيضات في تعويضات البطالة ورواتب موظفي الخدمة المدنية.

وشهدت فترة رئاسته للوزراء إصلاحات واسعة، في مجال تحسين ظروف العمل وتحديد الإيجارات، ودعم مساكن الأحياء الفقيرة، وتأميم مناجم الفحم.

تشامبرلين في الوسط يسير مع وزير الخارجية الألماني يواكيم فون ريبنتروب (على اليمين) (مواقع التواصل)

أما سياسته الخارجية فقد كانت تميل إلى التهدئة، ومنع وقوع حروب في أوروبا، ولم يكن راغبا في دخوله التاريخ باعتباره مسؤولا عن حرب مدمرة.

كان تشامبرلين كما هو حال الكثيرين ممن شهدوا أهوال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) وما بعدها، شديد الحرص على إحلال السلام بأي ثمن، وإن لم يتكلل كثير من جهوده بالنجاح.

تشامبرلين (على اليسار) وهتلر يغادران اجتماع باد جوديسبيرج في 23 سبتمبر/أيلول 1938 (مواقع التواصل)

وفي محاولة فاشلة لإبعاد إيطاليا عن النفوذ الألماني وافق على التفوق الإيطالي في إثيوبيا عام 1938، وعمل على إلغاء العقوبات التي فرضتها عصبة الأمم المتحدة على إيطاليا بعد غزو إثيوبيا، وأبقى بريطانيا خارج الحرب الأهلية الإسبانية التي شاركت فيها إيطاليا بعمق في الفترة (1936-1939).

كما تعهد عام 1938 بالتخلي عن القواعد البحرية البريطانية في أيرلندا، في خطوة عارضها البعض باعتبارها تضعف القدرة الدفاعية البريطانية، ولم يقم بالاحتجاج على ضم ألمانيا للنمسا.

وكانت معاهدة ميونخ الفاشلة قاصمة الظهر لشعبية تشامبرلين السياسية، حيث قام بـ3 زيارات في سبتمبر/أيلول 1938، إلى ألمانيا بهدف استرضاء هتلر.

وفي 30 سبتمبر/أيلول 1938 وقع معاهدة ميونخ الشهيرة بين ألمانيا من جهة وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى، والتي قبلت فيها باريس ولندن مطالب هتلر بضم أجزاء من تشيكوسلوفاكيا، وتركاها دون حماية، مقابل منع اندلاع حرب شاملة، وعاد تشامبرلين إلى بريطانيا بطلا شعبيا، يردد “سلام بشرف” و”سلام لعصرنا”.

عند عودته من ميونخ إلى مطار هيستون يحمل نيفيل تشامبرلين الورقة التي وقعها مع هتلر (مواقع التواصل)

لكن لم يطل الأمر، ففي العام التالي استولى هتلر على بقية تشيكوسلوفاكيا واحتل براغ، وهاجم بولندا، فأجبر تشامبرلين على إعلان الحرب في الثالث من سبتمبر/أيلول 1939، وأعلن دعمه المسلح لبولندا ورومانيا واليونان وتركيا، وسرعان ما تعرض للهجوم من جميع الأطراف السياسية بعد الأشهر الأولى الكارثية من الحرب.

وبعد إخفاق البعثة البريطانية إلى النرويج في مارس/آذار 1940، أثار البرلمان حملة ضده، وخسر تشامبرلين الدعم من العديد من أعضاء المحافظين في مجلس العموم، فقدم استقالته في العاشر من مايو/أيار 1940.

أبرز الإنجازات

قام بالعديد من الإصلاحات على الصعيد الداخلي، حيث أصدر عام 1937 قانون المصانع الذي يشدد على تحسين ظروف العمل، ويقضي بساعات عمل محدودة للنساء والأطفال.

وأصدر عام 1938 قانون الإجازة مدفوعة الأجر للعمال والموظفين، وفي العام نفسه أصدر قانون الإسكان الذي يهدف إلى تشييد مساكن للفقراء، والحفاظ على ضوابط الإيجار، وفرض التجنيد العسكري وقت السلم لأول مرة في التاريخ البريطاني.

وعلى صعيد السياسة الخارجية كان يسعى لإحلال السلام، وقد قام بإصلاح العلاقات المتوترة مع أيرلندا خلال فترة حكمه.

الوفاة

أصيب تشامبرلين بسرطان الأمعاء في النصف الثاني من عام 1940، وتدهورت صحته خلال أشهر، حيث توفي في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1940 في هامبشير- بريطانيا، وأقيمت جنازته ودفن في دير وستمنستر.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.