شمال سوريا- عادت العملية العسكرية التركية المرتقبة في شمال سوريا إلى واجهة الأحداث ودائرة الضوء مجددا بعد التطورات السياسية المستجدة في المنطقة، وسط حديث عن وساطة إيرانية تقوم بها طهران لثني أنقرة عن التحرك ضد قوات سوريا الديمقراطية شمالي سوريا.

وفي أحدث التصريحات لوزير الخارجية الإيرانية أمير حسين عبد اللهيان، من العاصمة السورية دمشق، قال إنه نقل إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد “المخاوف الأمنية” التي أطلعه عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، خلال زيارته إلى أنقرة.

ورغم حديث الوزير الإيراني عن جهود تقوم بها بلاده لإحلال السلام بين تركيا وسوريا، وإعلان تفهمه الحاجة التركية لعملية جديدة ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية شمالي سوريا، فإن الغموض يلف تداعيات الزيارة ونتائجها على الأرض، في وقت تتجه فيه التصريحات الرسمية التركية إلى أن العمل العسكري قادم وإن تأخر تنفيذه.

عبد اللهيان قال إنه نقل إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد “المخاوف الأمنية” التركية (رويترز)

أوراق قوة

والوضع الداخلي في تركيا يستدعي القيام بعمل عسكري، وفق المحلل العسكري العميد أحمد رحال، معتبرا أن أنقرة تمتلك أوراق قوة في السياسة الخارجية تجاه روسيا وأميركا وإيران والاتحاد الأوروبي، نتيجة مواقفها من الحرب الأوكرانية وتداعيات انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).

وقال رحال -في حديث للجزيرة نت- إن تركيا تقوم بإعطاء فسحة سياسية، ريثما تتحصل على موافقة لعمليتها العسكرية شمالي سوريا تجنبها الاصطدام مع الروس وقوات النظام التي تتحشد في مطار منغ العسكري ومنبج والقامشلي، بعد إحداث غرفة عمليات مشتركة بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية.

ورأى رحال أن كلام وزير الخارجية الإيراني عن تفهم بلاده للعملية العسكرية التركية في سوريا تم تفسيره بشكل خاطئ من قبل البعض على أنه ضوء أخضر وموافقة إيرانية على العمل، لافتا إلى أن الإيرانيين يقصدون من ذلك فتح طاولة حوار بين أنقرة والأسد، بشأن إبعاد قوات سوريا الديمقراطية وإحلال قوات النظام محلها.

وحسب رحال، فإن الأتراك غير موافقين على الطرح الإيراني، الذي يخدم مصالح الأسد، لافتا إلى أنهم ماضون في العملية العسكرية في شمال سوريا بخطى متأنية وبسيطة.

Turkey’s deployment of reinforcements to observation points in Syria's Idlib- - HATAY, TURKEY - FEBRUARY 12: A convoy of Turkish Armed Forces arrive in Hatay province of Turkey to being deployed to to observation points in Syria's Idlib, on February 12, 2020.
تركيا سبق أن قامت بعمليات عسكرية شمالي سوريا (الأناضول)

حشود عسكرية

ميدانيا، تشي الحشود العسكرية التركية القادمة إلى شمال سوريا باستكمال الاستعدادات لأي هجوم مرتقب ضد قوات سوريا الديمقراطية شمالي سوريا، وتحديدا في مناطق منبج وتل رفعت في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي.

وقالت مصادر محلية إن رتلين عسكريين من القوات التركية -يضمان دبابات وعربات مدرعة وشاحنات- وصلا إلى منطقة عفرين بريف حلب الشمالي أمس الاثنين، بهدف تعزيز المواقع العسكرية التركية في المنطقة وخطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية.

وأشارت المصادر -للجزيرة نت- إلى أن قوات تركية مدعومة بالدبابات والمدفعية انتشرت في خطوط الجبهات القريبة من مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، والمرجح أن تكون هدفا رئيسيا للعملية العسكرية التركية المرتقبة.

وعلى وقع تدفق الحشود العسكرية التركية، يستبعد الخبير الأمني والإستراتيجي العقيد فايز الأسمر أن تنجح أي وساطات دولية في تلبية مطالب تركيا بإبعاد المليشيات الانفصالية المدعومة أميركيا عن حدودها الجنوبية (في إشارة إلى ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية)، ونزع سلاحها الثقيل كما طالبت طيلة سنين الجانبين الأميركي والروسي، ولكن من دون تلبية، وخاصة بعد إيقافها عملية نبع السلام.

ورأى الأسمر أن المعطيات والتحركات الميدانية العسكرية في الداخل التركي والشمال السوري، والتصريحات السياسية والعسكرية التي يدلي بها كبار القيادات التركية وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، تفيد بأن العملية العسكرية الاستباقية تهدف لإبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن الحدود الجنوبية التركية إلى عمق 30 كم.

ولفت الأسمر -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تركيا من حقها الحفاظ على أمنها القومي، وأي تهديد بأي عمل عسكري هجومي أو دفاعي، من الطبيعي بمكان أن تستعد له القوات المسلحة في أي دولة وتحشد له وتعزز قواتها تحضيرا لخوض هذا العمل.

ويتفق مدير مركز جسور الدراسات محمد سرميني مع العقيد الأسمر، بافتراض أن التفاوض بخصوص العملية سيكون ضمن الإطار السوري فقط، قائلا إن تركيا يمكن أن تلغي العملية إذا ما تم إخراج عناصر حزب العمال الكردستاني من المنطقة المستهدفة، مع توفير آلية مراقبة للتنفيذ تشارك تركيا في تنفيذها، وضمان تحويل المنطقة إلى منطقة آمنة لتسهيل عودة النازحين.

ونفى سرميني -في حديث للجزيرة- وجود مؤشرات كافية تدل على أن تركيا ستثق بالجهود الإيرانية في حل مخاوفها الأمنية شمالي سوريا، لأن طهران طرف منافس لأنقرة، ويقدم الدعم لحزب العمال الكردستاني في العراق، وفرعه السوري في منطقة تل رفعت وما حولها، وفق قوله.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.