بيروت – “الميزوفونيا” هي حساسية انتقائية للصوت، والأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يصابون بمشاعر سلبية؛ مثل: القلق والغضب عند سماع بعض الأصوات، ومنها: مضغ الطعام، ومضغ العلكة، والكتابة، والطنين، والتنفس، وغيرها.

وعلى الرغم من أن الأبحاث والدراسات لم تصنّف “الميزوفونيا” رسميًا على أنها حالة نفسية أو عصبية، لكن علماء النفس الذين رأوا الآثار السيئة التي تسببها هذه المتلازمة على المرضى؛ ومن حولهم، جعلهم يأخذونها على محمل الجد.

فالأشخاص الذين يعانون من متلازمة “الميزوفونيا” تزعجهم الأصوات العادية لسائر الناس، ولديهم وسواس وقلق واضطراب في المزاج. ولا يوجد علاج شاف -حتى الآن- ولكن هناك أساليب تساعد على التخلص منها تدريجيًا.

دراسة الظاهرة في مطلع التسعينيات

وأول من وصف هذا الشعور “بالاشمئزاز والغضب” تجاه أصوات معينة هما عالما الأعصاب الأميركيان: باول ومارغرت جاستربوف، بناء على ما جاء في موقع “ناشيونال ليبراري أوف ميدسين”، حيث أجرى الزوجان بحثًا عن هذه الظاهرة في مطلع التسعينيات، وأطلقا عليه هذا الاسم.

وأوضح الباحثان في 2001، أن هذا المرض لا يتوقف على حدة الصوت أو تردده، وأنه يتعلق بتجارب شخصية فقط مرتبطة بصوت ما، تسبب للمرء هذه الحالة من الإحباط والاشمئزاز والغضب.

وحسب نظريتهما، فإن هذه المشاعر السلبية تتولد عند الاستماع لهذه الأصوات بشكل متكرر.

ويرجع بعض الباحثين في مركز أمستردام الطبي هذا الاضطراب للنزاعات بين الآباء والأبناء، التي عادة ما تكثر أثناء تناول وجبات الطعام، وهو ما قد يربط المشاعر السلبية بأصوات طبيعية؛ مثل: أصوات مضغ الأكل.

المصاب بمتلازمة الميزوفونيا يصبح لديه خلل في تفسير التحفيزات السمعية (شترستوك)

أعراض الإصابة بمتلازمة “الميزوفونيا”

أخصائية الصحة النفسية ألكسندرا صادق، تقول للجزيرة نت، إن “التفسير العلمي لهذه الحالة هو أن الجهاز العصبي يصبح لديه خلل في تفسير التحفيزات السمعية، وحتى البصرية، فيترجم تلك الأصوات بطريقة مبالغ فيها؛ حتى يصل الإحساس للشخص بانزعاجه من تردد هذه الأصوات. وقد تظهر هذه المتلازمة في أي عمر”.

كما أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة حساسية الصوت، يعانون -أيضًا- من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نبضات القلب، مع ارتفاع في درجة حرارة الجسم، وهذا كله نتيجة التوتر وردّة الفعل، استجابة للصوت المسموع.

في حين أن الأعراض الرئيسة للحالة هي ردّ الفعل المفرط لضوضاء معينة يصدرها أشخاص آخرون. وتتضمن بعض ردود الفعل الأكثر شيوعًا على الميزوفونيا ما يلي:

  • الإزعاج.
  • الغضب.
  • الإساءة الجسدية أو اللفظية.
  • تجنب الأشخاص.
  • الاشمئزاز.
    متلازمة الميزوفونيا.
    على المصاب بمتلازمة الميزوفونيا السعي لنوم كاف للتأكد من راحة العقل (شترستوك)

نصائح وقائية من “الميزوفونيا”

وتقدم ألكسندرا نصائح وقائية عدة للمصاب بمتلازمة “الميزوفونيا”، التي يمكنها المساعدة في تخفيف حدة الحالة، أو تجنبها؛ وهي:

  • وضع سدادات أذن عندما يكون حولك صوت مزعج.
  • استخدام سماعات الأذن في حالة شعورك بالإرهاق.
  • تشغيل التلفزيون أو الموسيقى لإحداث بعض الضوضاء في الخلفية.
  • استخدام إستراتيجيات فعالة لإدارة الإجهاد.
  • محاولة تقليل تكرار تعرضك للضوضاء.
  • عند شعورك أن أعراض المتلازمة على وشك الحدوث، غادر المكان الذي أنت فيه، أو استخدم طريقة مهدئة أخرى؛ كالتنفس العميق أو التخيل.
  • ممارسة كثير من التمارين الرياضية.
  • الابتعاد عن التوتر الذي يثير المشكلة.
  • الحرص على النوم الكافي للتأكد من راحة العقل.

وتقول الأخصائية للجزيرة نت، إن “الدراسات أثبتت أن هذه الحساسية للأصوات مرتبطة بالعبقرية والإبداع. فكلما كان الشخص أكثر ذكاء وعبقرية، يكون أكثر تفكيرًا، لذلك يصاب بحالة سمعية نفسية عند سماعه الأصوات المحيطة به؛ كصوت كتابة القلم، ومضغ الطعام، فلذلك لا داعي للقلق”.

هل من علاج فعال؟

حسب ألكسندرا، “لا يوجد دواء معتمد لعلاج الميزوفونيا، لكن يمكن وصف الأدوية الخاصة بعلاج الحالات التي ترتبط بهذه المتلازمة؛ مثل: أدوية علاج الأعصاب والاكتئاب والقلق”.

كما يمكن للعلاج السلوكي أن يساعد الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة على تغيير بعض الأفكار والارتباطات السلبية بالأصوات، التي عادة ما تؤدي إلى ردود الفعل.

ويمكن العلاج بإعادة التدريب على طنين الأذن، ويتضمن هذا الأسلوب ارتداء المصاب لجهاز يصدر أصواتًا لتحويل الانتباه، لتعليمه تجاهل الضوضاء، وتقنيات الاسترخاء لتقليل الاستجابة التلقائية للضغط، وهذه التقنيات تستخدم تقليديًا في علاج طنين الأذن، لكنها قد تساعد الأشخاص المصابين بمتلازمة حساسية الصوت على تعلم كيفية تحمُّل بعض الضوضاء المحفزة بشكل أفضل، مما يساعد على تخفيف الأعراض بشكل كبير.

متلازمة الميزوفونيا.
ارتداء سدادات للأذن في الأماكن التي بها أصوات مزعجة من طرق معالجة متلازمة الميزوفونيا (شترستوك)

 حلول لمعالجة “الميزوفونيا”

ووفقًا لموقع “فيري ويل مايند”، فالأبحاث تشير إلى أن هناك حلولًا لمعالجة مشكلة “الميزوفونيا”، من خلال طرق عدة؛ من أهمها:

  • العلاج السلوكي المعرفي المرتكز على تجاهل سماع الأصوات مع ممارسة الاسترخاء. فهذا العلاج يسهم في تعديل السلوكيات السلبية التي لها علاقة بمحفزات حساسية الأصوات عند المصاب.
  • كما يمكن ارتداء سدادات للأذن أو السماعات في الأماكن التي بها أصوات مزعجة تعمل على تحفيز هذا المرض.
  • اعتماد التنويم المغناطيسي الفعال جدًا في علاج الحساسية لبعض الأصوات.

في الوقت الحالي، لا توجد أدوية معتمدة لعلاج الميزوفونيا، ولا يوجد دليل علمي قاطع على أن أي دواء فعال في علاج هذا الاضطراب. لذلك لا بد من الوقاية من المشكلات السمعية الأخرى عند الإصابة بالميزوفونيا.

كما قد تترافق الميزوفونيا مع اضطرابات نفسية أخرى؛ مثل: اضطراب الوسواس القهري، واضطراب الشخصية الوسواسية، ومتلازمة توريت، واضطرابات الشهية، والاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، واضطراب طيف التوحّد. كما تترافق مع اضطراب في المزاج.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.