موسكو- لا تبدو موسكو مستعجلة في التجاوب مع إعلان ليونيد باسيشنيك رئيس جمهورية لوغانسك الانفصالية في شرق أوكرانيا، تنظيم استفتاء على الانضمام إلى روسيا.

ففي أول تعليق رسمي على تصريح باسيشنيك، أكد ديمتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن رغبة لوغانسك في إجراء استفتاء على الانضمام إلى روسيا هو شأن داخلي يخص الجمهورية، داعيا للتوجه إلى السلطات هناك للحصول على مزيد من التوضيحات، كون الحديث يدور حول اعتراف الاتحاد الروسي بدولة مستقلة وذات سيادة.

وسبق حديث بيسكوف تصريح مماثل لرئيس شؤون رابطة الدولة المستقلة في مجلس الدوما الروسي ليونيد كلاشينكوف، وصف فيه إجراء استفتاء في لوغانسك ودونيتسك بأنه “غير مناسب” في الوقت الحالي.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها ملف انضمام لوغانسك إلى روسيا. ففي ربيع عام 2014، أعلن الإقليم الانفصال عن أوكرانيا، قبل أن يتم إجراء استفتاء على تقرير المصير، قامت به كذلك في وقت لاحق دونيتسك.

وطرح حينها توحيد الجمهوريتين وانضمامهما لاحقا إلى روسيا، لكن هذه المبادرات تم تأجيلها بعد توقيع كييف ودونيتسك ولوغانسك على اتفاقيات مينسك، وحتى بداية عام 2022، كانت روسيا تعتبر دونباس جزءًا من أوكرانيا.

ولكن بعد تفاقم الأوضاع مرة أخرى شرقي أوكرانيا، وزيادة القصف المتبادل بين الانفصاليين في دونيتسك ولوغانسك وبين القوات الأوكرانية، أعلن الرئيس الروسي الاعتراف بسيادة كل منها ضمن الحدود المنصوص عليها في دستوريهما، قبل أن تنطلق في 24 فبراير/شباط الماضي عملية عسكرية خاصة، قالت موسكو إنها استجابة لنداء من قادة جمهوريات الدونباس بطلب المساعدة.

تصريح متعجل

لكن ثمة من يشكك في أن المبادرة التي أطلقها رئيس جمهورية لوغانسك كانت ارتجالية منه، إذ يلفت المحلل السياسي ماركوف سيرغي ماركوف إلى أن باسيشنيك سرعان ما أصدر تصريحًا إضافيًا بعد تصريحه الأول المثير للجدل، قال فيه إنه لا توجد أية استعدادات لإجراء الاستفتاء على الانضمام لروسيا.

وبرأيه، فإن باسيشنيك قام بذلك بناءً على طلب موسكو، منذ أن أحدثت تصريحاته السابقة حول استفتاء محتمل على انضمام لوغانسك إلى روسيا ضجة كبيرة في العالم، مستبعدا حصول ذلك، بالحد الأدنى على المديين القصير والمتوسط.

في المقابل، اعتبر مدير معهد القضايا الإقليمية ديمتري جورافليف أن انضمام جمهورية لوغانسك الشعبية إلى روسيا سيمنحها حماية إضافية، إذ إن موسكو ستعتبر على هذا الأساس أن جميع محاولات الجانب الأوكراني للهجوم على الجمهورية الوليدة بمثابة تعدٍّ على وحدة أراضي البلاد.

لكنه مع ذلك أعرب عن قناعته بأنه لا يمكن إثارة مسألة إدراج هذه الأراضي في الجغرافية الروسية، إلا إذا صوتت نسبة كبيرة من السكان لصالحها، لأنه في كل الأحوال فإن أوكرانيا تعتبر لوغانسك ودونيتسك مناطق معادية، وتقع إلى جانب ما يسمى بالدولة المعتدية.

أما بالنسبة للمناطق الجنوبية من أوكرانيا التي تخضع الآن لسيطرة الجيش الروسي، فوفقًا لجورافليف، فإن هناك فرصة ضئيلة في أن يرغب سكان خيرسون وماريوبل ونيكولايف في أن يصبحوا جزءًا من الاتحاد الروسي.

قضايا مجمدة

من جانبه، أوضح مدير مركز التحليلات الدولية ألكسندر كونكوف أن الظروف الحالية غير مناسبة للحديث عن انضمام لوغانسك إلى روسيا، بسبب دخول العملية العسكرية في أوكرانيا مرحلة نشطة، بالتزامن مع قيام القوات المسلحة في الدونباس بـ”تحرير” المناطق التابعة لها من القوات الأوكرانية.

ورأى كونكوف، في حديث للجزيرة نت، أن أي حديث عن “تبدلات جيوسياسية” تتعلق بمصير الجمهوريتين، هو خارج معطيات الواقع، ولا يتناسب مع طبيعة المرحلة التي توظف فيها موسكو عملياتها العسكرية على إيقاع جعل أوكرانيا منزوعة السلاح، ودون تأثير للقوى “القومية المتطرفة” فيها.

وبرأيه، فإن موسكو تراعي بشكل دقيق الآن مجريات المفاوضات الجارية مع الجانب الأوكراني، وحريصة على إنجاحها، ولا مصلحة لها -في الوقت الراهن- في إقحام ملف انضمام جمهوريتي الدونباس، لأن الأهداف التي وضعتها لعمليتها العسكرية في أوكرانيا تتجاوز أهميتها مسألة مستقبل العلاقة الجغرافية والسياسية مع روسيا.

كما وضع كونكوف التقارير الغربية التي تتحدث عن وجود خطط روسية لتوحيد المناطق التي تسيطر عليها في أوكرانيا ضمن كيان أشبه بدولة، في سياق التعبئة الإعلامية التي دأب الغرب على الترويج لها حتى قبل بدء العملية العسكرية الروسية، وتبحث بين الحين والآخر عن مبررات جديدة لحقن المجتمعات الغربية بالمشاعر المعادية لموسكو.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.