يصف المفكر الإسلامي المغربي الأستاذ أبوزيد المقرئ الإدريسي العمل الخيري بأنه جزء من صميم البنية التشريعية، مذكّرا بنماذج مضئية في تاريخ المسلمين في هذا المجال، ومبرزا أسباب تراجع وتيرته في الوقت الحاضر.

وقد أشار القرآن الكريم منذ نزول الآيات الأولى إلى أهمية وقيمة العمل الخيري، ومنها قوله الله عز وجل في سورة الضحى “فأما اليتيم فلا تقهر..”، ونزل التحذير من الذين لا يقومون بالعمل الخيري في سورة الكوثر “ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين..”.

ويقول المفكر المغربي إن القرآن الكريم ربط بشكل عضوي بين العبادة وتوحيد الله عز وجل وتقديم الخدمة الإنسانية لعباده جميعا. كما أن الأحاديث النبوية شددت على أهمية فعل الخير والصدقات، والرسول صلى الله عليم وسلم لما أراد أن يدعو عشيرته الأقربين قدّم لهم طعاما.

وبينما كان العرب في الجاهلية يفعلون الخير ويميلون إلى ذلك بالفطرة، جاء الإسلام ووضع العمل الخيري ضمن الإطار الإنساني الرفيع، وضبطه بالنية التي تحدث البركة والقبول، أي أن يصبح فعل الخير خالصا لوجه الله عز وجل. وجعل الله جّل جلاله الزكاة ضمن العبادات، والرسول الكريم كان يصلي ويزكي.

ووفق المقرئ الإدريسي، فإن الإحسان يشمل كل الحاجات البشرية، وقد تكون مادية وقد تكون معنوية مثل النصح والإرشاد والدعاء، والصحابة الكرام تعلموا أشكال الإحسان عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال “إن تبسمك في وجه أخيك صدقة”، مشيرا إلى أن الأوقاف كانت رقيّ الحضارة الإسلامية.

تراجع وتيرة العمل الخيري

وعن أسباب تراجع وتيرة العمل الخيري في الأمة الإسلامية، يربطها المفكر المغربي بانهيار الدولة الإسلامية وبالاستعمار وبمجيء أنظمة قال إنها مفككة وعلمانية، مؤكدا أن أوقاف المسلمين تمّ نهيها والسطو عليها من قبل المستعمر وخاصة البريطاني والفرنسي، وهو ما أشار إليه العالم المغربي محمد مكي الناصري في كتابه “الأحباس الإسلامية”، حيث قدم تفاصيل مهمة عن عملية النهب التي تعرضت لها الأوقاف الإسلامية.

ورغم تراجع وتيرة العمل الخيري، فإن هذا العمل لا يزال مستمرا في المجتمعات المسلمة -بحسب ضيف حلقة (2023/4/9) من برنامج “الشريعة والحياة في رمضان”-، لكن جاءت قوانين تمارس التضييق على العمل الخيري وعلى الجمعيات الخيرية وخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة الأميركية، وأصبحت تهمة تمويل الإرهاب قريبة جدا من أي عمل خيري يزعج الغرب، مشيرا في هذا السياق إلى أن نصف قاطني سجن غوانتانامو هم العاملون في الهيئات الخيرية الإسلامية في أفغانستان وباكستان.

ويشدد ضيف برنامج “الشريعة والحياة” من جهة أخرى على أثر العمل الخيري على المجتمع، ويصفه بصمام الأمان لمنع الانفجار، بالإضافة إلى أن الصدقة تزكي نفس المعطي ونفس المحتاج، ويحذر في الوقت ذاته من مشكلة الشح التي يعالجها القرآن الكريم مثل ما جاء في سورة البقرة “وأحضرت الأنفس الشح..”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.